الأقباط متحدون - حقيقة سفيتلانا ألكسيفتش وجائزة نوبل
أخر تحديث ١٥:٤٧ | الأحد ٦ ديسمبر ٢٠١٥ | ٢٦ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٦٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

حقيقة سفيتلانا ألكسيفتش وجائزة نوبل

د. أحمد الخميسي 
تستوقفني- عند الاعلان عن أسماء الفائزين بجائزة نوبل- الضجة الإعلامية الغربية التي يتردد صداها عندنا وهو يكرس حالة من "الانبهار" حتى توشك الجائزة أن تكون" أيقونة" تطغى أهميتها على قيمة الأدب نفسه. هذا العام فازت بالجائزة الكاتبة البيلاروسية سفيتلانا ألكسيفتش المشتتة بين

مولدها في أكرانيا، وحياتها في بيلاروسيا( لم يصدر لها سوى كتاب واحد بلغة بلدها)، واللغة الروسية التي كتبت بها كل أعمالها! في بيان الأكاديمية السويدية عند منح الجائزة جاء أن سفيتلانا:" كاتبة بارزة وأديبة كبيرة اشتقت نوعا أدبيا جديدا يتجاوز إطار العمل الصحفي"، مما يعني أن أعمالها

تنتسب إلي الصحافة في الأساس. ثم يقول البيان إن: " أعمالها تمثل نصبا تذكاريا للمعاناة والشجاعة في زماننا"؟ وهي عبارة إنشائية، يمكن إطلاقها على أي عمل تقريبا، ولا تحدد الطريقة الأدبية أو محتوى وتوجه وجدة العمل وتفرده. وينوه البيان بما أسماه: " وسائل منهج الكاتبة الاستثنائي بخلقها كولاج من الأصوات البشرية". والكولاج هو فن القص واللصق، كان بيكاسو أول من استخدمه في لوحاته عام 1912. أما فكرة " الكولاج" بحد ذاتها

فهي فكرة التوليف الذي يعتمد عليه أي فن، وأي عمل أدبي. وبالتالي فليس في منهج الكاتبة ما يقول البيان إنه " استثنائي"! وعندما فازت الكاتبة قبل ذلك بجائزة"كورت توخوليفسكي" جاء في تبرير ذلك أنه " نظير الشجاعة والكرامة في الأدب"! وحينما حصلت على جائزة "جيردير" الألمانية حصلت عليها عن"أفضل كتاب سياسي"! ومع فوزها بنوبل أشارت معظم الصحف الغربية إلي أنها أول كاتبة تفوز بالجائزة عن " الأدب غير الروائي"! ولست أرى في كل ذلك إشارة إلي إنجاز أدبي محدد، بل إلي الطابع السياسي، والشجاعة، والكولاج، والأدب غير الروائي! والواقع أن كل تلك الصياغات التي تنأى بنفسها عن تحديد الإنجاز الأدبي للكاتبة إنما تشير إلي ما سنعرفه من أنها مجرد كاتبة صحفية تكتب " أدبا غير روائي"! وللمقارنة ليس إلا سنجد أن بيانات الأكاديمية كانت مختلفة تماما مع الأدباء الروس الخمسة السابقين الذين فازوا بنوبل، وكان أولهم إيفان بونين عام 1933، وأشارت

الأكاديمية في حينه- ليس إلي الشجاعة والكرامة- بل إلي:"موهبة الكاتب الفنية الصادقة التي عبر بفضلها عن الإنسان الروسي الاعتيادي". وعام 1985 منحت الجائزة لبوريس باسترناك نظير:" إنجازه الضخم في الشعر الغنائي المعاصر". عام 1965 منحت للروائي ميخائيل شولوخوف نظير: " قدرته الفنية الساطعة وتعبيره عن ملحمة القوزاق الروس زمن الحرب الصعب". عام 1970 نال الجائزة ألكسندر سولجينتسين مقابل:" تأكيده على

القوة الأخلاقية الكامنة في تقاليد الأدب الروسي العظيم". في كل ذلك سنرى أن قيمة الإنجاز الأدبي لأولئك الكتاب تعلو بقوة، الأمر الذي لا نجده عندما يدور الحديث عن سفيتلانا ألكسيفتش لأنها صحفية في الأساس لا أكثر. وقد ظهرت الطبيعة البحت لأعمالها الصحفية منذ صدور كتابها الأول" الوجه غير الأنثوى للحرب" عام 1985، الذي اعتمدت فيه على لقاءات حية وشهادات مع نساء من زمن الحرب العالمية الثانية، ثم ظهرت أعمالها الأخرى: " صلاة من أجل تشيرنوبل" و" أبناء الزنك" والمقصود بالزنك هو المادة التي تصنع منها التوابيت لجثث الجنود الروس العائدة من أفغانستان خلال

الحرب السوفيتية هناك مابين  1979-1989، ومن جديد يقوم الكتاب على جمع شهادات مباشرة عن الحرب مع تعليقات عليها، وهو ما قامت به في كل كتبها التى لا تنتسب إلي الأنواع الأدبية المتعارف عليها بل إلي الصحافة، وهي حقيقة معروفة في بيلاروسيا موطن الكاتبة قبل فوزها بنوبل. وعن ذلك يكتب الناقد " الكسندر نوفيكوف" قبل عامين من نوبل قائلا:" لا تبتعد سفيتلانا ألكسيفتش كثيرا عن التحقيقات الصحفية حتى ليصعب أن نطلق عليها صفة أديبة"(1). ثم أليس من الغريب ألايكون لكاتبة من بيلاروسيا عملا عن بلدها؟ ولكنها عوضا عن ذلك تنصرف باهتمامها إلي الكتابة عن

روسيا؟! . ويظل السؤال قائما: إن كانت سفيتلانا ألكسيفتش كاتبة صحفية بشهادة المثقفين من أبناء موطنها، فلماذا إذن منحوها جائزة نوبل في الأدب؟! الإجابة عن هذا السؤال سنجدها في تصريح واضح للأكاديمية السويدية جاء فيه أن الأكاديمية كانت: " أمام اختيارين: إما مكافأة كاتب لا علاقة له بالعمل السياسي، أو مكافأة مؤلف ملتزم سياسيا التزاما ليس موضع جدال في العالم الغربي" وعلى حد ماجاء في التصريح فقد كانت سفيتلانا"أكثر

المرشحين المناسبين لذلك"! إذن كان الالتزام السياسي بمثل الدول الرأسمالية الغربية – وبما لايقبل الجدل –الحافز الرئيسي لمنحها الجائزة! لهذا يقول الكاتب الروسي الكبير " زاخار بريليبين" (2) في تصريح لوكالة الأنباء الروسية – في 8 أكتوبر قبل الاعلان عن فوز الكاتبة:" إذا فازت سفيتلانا ألكسيفتش بجائزة نوبل فسيكون ذلك بسبب معتقداتها السياسية وليس بفضل موهبتها الأدبية. سفيتلانا صحفية جيدة، لكني أعلم تمام العلم أن في روسيا لا أقل من خمسين كاتبا يتفوقون على سفيتلانا بصفتهم أدباء. بل إن لدينا في روسيا حتى من الأدباء المتوسطي القيمة من يستحقون الجائزة أكثر مما

تستحقها هذه السيدة"! (3). وإذا كنا في نهاية المطاف أمام كاتبة صحفية رشحها نشاطها ومعتقداتها السياسية للجائزة، فإن من حقنا أن نسأل: ترى ما طبيعة تلك المعتقدات التي تعتنقها سفيتلانا ألكسيفتش( وليست موضع جدال في العالم الغربي) بحيث يتم منحها" نوبل"؟ ألا يحتمل أن تكون معتقدات جديرة بالتقدير حتى لو اختلفنا معها؟ 

 
ترتكز كل أعمال الكاتبة بدرجات مختلفة على تشويه التجربة السوفيتية بكاملها، بإنجازاتها وسلبياتها، وتصوير الاشتراكية على أنها والفاشية الهتلرية كانا أخطر مذهبين على البشرية في القرن العشرين! ومن حق الكاتبة ألا ترى فرقا بين الفاشية والاشتراكية مادامت تصب غضبها على المذاهب السياسة وعلى أسس تلك المذاهب النظرية.  لكن لا يحق للكاتبة ولا لغيرها أن تتقد بكراهية الشعب الروسي وبتحقيره وازدراء تاريخه الحضاري والثقافي. تصرح سفيتلانا علنا – علاوة على أعمالها–باحتقارها للشعب الروسي الذي أثرى الثقافة بمواهب إنسانية فذة مثل "أنطون
تشيخوف"و"جوجول"و"بوشكين" و"ليف تولستوى" الذي كان الإمام محمد عبده يخاطبه في رسائله إليه بقوله " نبي البشرية".  
 
وفي عملها " أبناء الزنك" تعري الكاتبة وحشية الحرب السوفيتية ، وبالطبع ليس لدي أي اعتراض على أن يتناول الكاتب أو يفضح الجرائم التي يرتكبها أي نظام سياسي بما في ذلك السوفيتي. لكن هل يمكن لكاتب حقيقي أو نصف حقيقي أن يحقر شعبا بأكمله لأن النظام الحاكم للشعب نظام فاسد؟ تصرح سفيتلانا علنا باحتقارها للشعب الروسي وبما هو أكثر. وفي حديث لها بإذاعة صوت الحرية الأمريكية تصف الرئيس الروسي بوتين بالفاشية، وهذا من حقها، لكنها تمضي أبعد من ذلك فتقول: " بوسعنا اليوم أن نتحدث عن بوتين جماعي، لأن بوتين قابع داخل كل مواطن روسي. إننا إزاء حقيقة أن الامبراطورية الحمراء قد غربت لكن بقى لدينا إنسانها" (4) أي أن الانسان الروسي – وليس النظام – فاشي بطبيعته! وخلال الأزمة القائمة بسبب القرم بين روسيا وأكرانيا فإنها تشن حربا إعلامية على الموقف الروسي( علما بأن القرم يعود إلي روسيا فعليا وتاريخيا) وتقول:" الروس ممتلئون بالرغبة في الانتقام مما حدث عام 1991( تقصد انهيار الاتحاد السوفيتي) والمدهش أن عدوى الروح الامبريالية أصابت حتى الشباب" (5). وتضيف إلي ماسبق: " إنني أقف مع أكرانيا بقوة ولا أؤيد أولئك ال 84% من الروس الذين يسعون لشن الحرب على أكرانيا، إن الرئيس بوتين

والرئيس البيلاروسي لوكاشنكو قائدان فاشيان، وسوف يفتح الرئيس بوتين في سوريا أفغانستان أخرى بالنسبة لروسيا" (6). أما عن علاقة روسيا ببيلاروسيا فإنها تصفها فقط بأنها العلاقة التي" سحقت فيها روسيا البلد الأصغر"! وهي بذلك تؤجج العداوة بين ثلاثة شعوب هي : روسيا وأكرانيا وبيلاروسيا التي تنتمي لعرق واحد ويجمعها تاريخ طويل مشترك حضاري وثقافي، ناهيك عن أن ما تقوله كذب صريح. في الوقت ذاته تجدد سفيتلانا دعمها الإعلامي للغرب بقولها:" من الصعب على أوروبا أن تفهم ذلك( تقصد الموقف الروسي من أكرانيا)، لكن أوروبا والرئيس باراك أوباما يسلكون بشكل متعقل للغاية"!(7). وخلال ذلك لا تخجل سفيتلانا ألكسيفتش من وصف الشعب الروسي بأنه " شعب من العبيد"! (8). ويعود تحقير سفيتلانا المستمر للشعب الروسي إلي مطلع"البيرسترويكا" ( إعادة البناء)عام1987، عندما سنحت الفرصة للمنظمات السياسية الصهيونية للانقضاض على

كرامة وإبداع ذلك الشعب، مما أجبر سبعين كاتبا من أكبر كتاب روسيا لعقد لقاء وإصدار بيان نشرته " ليتراتورنايا روسيا " في 2 مارس 1990 جاء فيه :" أصبح من المألوف أن تلجأ وسائل الاعلام إلي إطلاق مختلف النعوت على الشعب الروسي يوميا، بدءا من لفظ " الفاشيين"، و" العنصريين" انتهاء بالتحقير البيولوجي المتمثل في التعبير المفضل" أبناء الكلاب"، ويذكر كل ذلك بلغة الدعاية الهتلرية التي اعتبرت الروس" عرقا منحطا"، كما

يتعرض ماضي روسيا وتاريخها كله للتشويه والإذدراء، فروسيا عندهم هي " عبدة الألف عام" والانسان الروسي هو"الانسان العبد"(9). وكان من بين الموقعين على البيان أدباء عظام مثل فالنتين راسبوتين، وليونيد ليونوف وغيرهما. الآن تواصل سفيتلانا ألكسيفتش ذلك الدور، ولهذا يقول يوري

بولياكوف مدير تحرير جريدة " ليتراتورنايا جازيتا"(الجريدة الأدبية) أكبر صحيفة ثقافية في روسيا:" أعتقد أن أعمال سفيتلانا ألكسيفتش مجرد أعمال صحفية متوسطة المستوى لا تمثل بأية حال إنجازا أدبيا ما. وفي تلك الأثناء فإنها لا تتوقف عن التصريح بأنه ما من شيء يعجبها في روسيا. ولاشك أن الغرب في الوضع السياسي الراهن يسعد بتصريحاتها تلك. ولأجل ذلك منحوا سفيتلانا جائزة نوبل، لكن ليس بفضل الموهبة الأدبية بل  لقاء موقفها السياسي"(10) . في 10 أكتوبر يكتب الناقد الروسي المعروف " نيكولاي كوفيرين" في ليتراتورنايا جازيتا ويضع النقاط فوق الأحرف بالنسبة

للجائزة فيقول:" لم يعد سرا على أحد ، كيف ولماذا ولمن تمنح الجائزة ، فقد تحدث عن ذلك باستفاضة الكاتب الفرنسي بيير بورديه في كتابه " المجال الأدبي"، فالجائزة ليست معيارا تقاس به فنية العمل الأدبي، ولا هي حتى تعبير عن اعتراف المجتمع بالكاتب، إنها فقط وسيلة للتحكم في مسارات الأدب"(11). ويوجز فلاديمير بوندارينكو المسألة في مقاله" كم تساوي كراهية روسيا؟ "(12) فيقول:"الواقع أن سفيتلانا ألكسيفتش تجوب أوروبا

داعية للحرب على روسيا. أما مشكلات بيلاروسيا – وطنها - فإنها قلما أثارت أو تثير اهتمامها! ذلك أن أحدا في الغرب لايدري شيئا عن بيلاروسيا! وقد  قضت سفيتلانا السنوات العشر الأخيرة تجوب بلدان أوروبا، متنقلة ما بين باريس وواشنطن وروما ثم عادت مؤخرا إلي بيلاروسيا لأنها على حد قولها" اشتاقت إلي هواء الوطن"، فإن كانت قد اشتاقت إلي هواء الوطن ففيم كل تلك الكراهية لروسيا؟ المدهش أنه من الواضح أن سفيتلانا أدركت أن

بيلاروسيا ملعب صغير لن يجذب اهتمام العالم إليها، وأن الأهم هنا هو روسيا! وهي لاتخفي ذلك إذ تقول بالنص:" كل الكتب التي نشرتها كانت تجسد رؤية لم يكن من الممكن التعبير عنها في إطار الثقافة البيلاروسية، فنحن في بيلاروسيا أمة صغيرة"! ( هل يوجد أديب لا يعبر عن شعبه لأن شعبه أمة صغيرة؟! فيتجه للتعبير عن شعب آخر كبير؟!). يواصل بوندارينكو حديثه قائلا: " إننا إذا تناولنا أعمال السيدة سفيتلانا من الزاوية الأدبية فسنجد أنها لا تكتب حتى النثر الأدبي، فهي مجرد كاتبة متوسطة المستوى تسجل تحقيقات صحفية وثائقية ولا أكثر، تدعو فيها العالم إلي الحرب على روسيا، وهي

تقول في ذلك الصدد بالنص: " إننا نتعامل مع الإنسان الروسي الذي عاش في القرنين المنصرمين محاربا، ولم يعش حياة رخية أبدا، لهذا فإن الحياة البشرية بالنسبة له لا تساوي قلامة ظفر، والعظمة بالنسبة له تتجسد في وجود دولة مسلحة بالصواريخ من رأسها إلي أخمص قدميها.. وهكذا يظهر

أمامنا إنسان عدواني يمثل خطرا على سلام الآخرين"! ويختتم بوندارينكو مقاله بقوله:" هكذا تمنح جائزة نوبل لكاتب يكتب ويتحدث ويروج لرؤى عنصرية، ويضع نصب عينيه تحقير الشعب الروسي، ولا يعني ذلك إلا تحقير الجائزة نفسها ليس إلا. بذلك سيظل العار يلاحق جائزة نوبل إلي الأبد". 
 
***
هوامش :  
1-بوابة الأدب البيلاروسي http://www.litkritika.by/categories/literatura/raznoe/1274.html    
2- زاخار بريليبين أديب روسي معاصر معروف، له 13 رواية منها "الخطيئة" عام 2007، و" جئت من روسيا" عام 2008، و" الثمانية" (قصص طويلة) عام 2011. فاز بالعديد من الجوائز الروسية والعالمية كان آخرها جائزة بوكر الروسية عن روايته " المقيم". 
3- وكالة الأنباء الروسية 
http://nsn.fm/culture/prilepin-u-nas-dazhe-srednie-pisateli-dostoyny-nobelevki-bolshe-chem-alekseevich-.php 

4- حديث سفيتلانا ألكسيفتش لصوت الحرية 
الرابط  
https://charter97.org/ru/news/2015/5/14/151459/

5- فلاديمير بوندارينكو- مقال" كم تساوي كراهية روسيا؟" 
6- الرابط : 
http://anton-klyushev.livejournal.com/1582351.html?thread=38885647 
7- رابط الحديث : 
http://www.lgz.ru/blog/Kofirin_Nickolay_blog/aleksievich-nobel-i-politika 
8-  فلاديمير بوندارينكو- مقال" كم تساوي كراهية روسيا؟" موقع صحافة حرة. في 17 أكتوبر 2015 
الرابط 
http://svpressa.ru/culture/article/128116
9- أحمد الخميسي. كتاب " موسكو تعرف الدموع"- كتاب الأهالي 1991 
10-يوري بولياكوف 
الرابط 
http://svpressa.ru/culture/article/128116/ 
11-نيكولاي كوفيرين- ليتيراتورنايا جازيتا -10 أكتوبر 2015
http://lgz.ru/blog/Kofirin_Nickolay_blog/aleksievich-nobel-i-politika  

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter