«حماصة» و«المجنون» حرقا ملهى ليلياً فى العجوزة بمساعدة اثنين من جماعتهما.. والسبب مشادة حدثت بينهم وبين حراس الملهى فى رواية، وخناقة على فتاة فى راوية أخرى. بالتزامن مع هذه الواقعة التى راح ضحيتها 14 بنى آدم، نشر «داعش» فيديو حول طريقة جديدة ابتكرها التنظيم للقتل، تقوم على شحن ستة أفراد، من ضحاياه، فى مركب، ثم يفجره بهم فى البحر.. هل بإمكانك أن تقول لى ما الفارق بين الحرق فى الحالتين. لا أريد أن أربط ربطاً آلياً بين الحدثين، لكن توحد الفعل يؤشر إلى وجود شىء ما مشترك ما بين الفاعلين. هل يكون المشترك هو الحالة الداعشية؟!.
«الداعشية» ليست فكرة مرتبطة بدين أو بظرف أو بواقع، إنها حالة يمكن أن تظهر فى أى دين أو ظرف أو واقع طالما وجدت المناخ المناسب لظهورها. إنها مرض تظهر أعراضه فى الهوس بفعل معين، حتى لو أدى إلى إزهاق روح الغير لأسباب شديدة التفاهة. بإمكان من يعانى من هذه الحالة أن يحرق أو يقتل أو يدمر لأسباب غير متخيلة، من بينها مثلاً «التعليم على شخص»، ولعلك قرأت أن أحد الشباب المتهمين بحرق الملهى الليلى صرخ، قائلاً: «علمنا عليكم»، بعد أن ألقى المولوتوف على الملهى وبدأت النيران تشتعل فيه. ومن المفهوم أنه كان يخاطب بهذه العبارة أصحاب الملهى أو العاملين فيه، تماماً مثلما يقتل الدواعش مواطنين لا ناقة لهم ولا جمل، ولا يعرفون وجوههم من قريب أو بعيد، لمجرد «التعليم» على دول أو حكومات يخاصمها الدواعش.
«حماصة» و«المجنون» تم القبض عليهما، وهما يأكلان داخل محل كشرى، قبل أن يصلا إلى أحد البيوت المشبوهة، بعد أن علما بأن نيرانهما تسببت فى إزهاق روح 14 فرداً، تماماً مثلما يفعل «الدواعش» الذين لا يتورعون عن الأكل والشرب والاستمتاع بالسبايا بعد الذبح أو الحرق أو التفجير. «الداعشية» حالة تغذيها اللامبالاة وعدم الوعى بنتائج الأفعال، بل قل إن حسابات النتائج تغيب تماماً عندما تتلبس الفرد تلك الحالة، لأن من المؤكد أن صاحبها لو فكر لحظة فى الأفعال التى يقوم بها لتردد ألف مرة قبل أن يقدم عليها، و«الغيبوبة العقلية» تعطل الإنسان عن التفكير وتدبر أفعاله قبل القيام بها.
المتهمون بحرق الملهى الليلى بالعجوزة شباب تقل أعمارهم عن 20 عاماً، يسهرون حتى الفجر، ويرتادون النوادى الليلية، وأنت تعلم أن الشباب «نزق» وغرور بالقوة، وهو ما ينطبق بجدارة على «داعش» الذى يميل إلى اللحاق بركبه هذا الصنف من الشباب الذى يعانى من النزق ويغتر بإحساس القوة الذى يمنحه له الشباب. ومؤكد أيضاً أن «دواعش العجوزة» والدواعش التقليديين يتشاركون فى غياب للأسرة، بما لها من أدوار فى التربية والتقويم. فمن هو ذلك الأب أو تلك الأم اللذان يسمحان بشرود ابنهما إلى الملاهى فى «انصاص الليالى»، أو يقبلان بفكرة أن يهرول وراء وهم فى بلاد بعيدة اسمه «الوهم الداعشى»، بل قُل من هو الابن الذى يفهم معنى الأبوة أو الأمومة أو الأخوة، بإمكانه أن يشرد بهذه الصورة ليفسد فى الأرض ويسفك الدماء!.
نقلا عن الوطن