ساعات وينطلق الاجتماع السداسي لوزراء خارجية ومياه دول مصر وإثيوبيا والسودان، ـ"العاشر" لمفاوضات سد النهضة الإثيوبي ـ، بالعاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد فشل مباحثات اللجنة الوطنية حول اختيار المكاتب الاستشارية لاستكمال الدراسات الناقصة لسد النهضة الإثيوبي.
قال الدكتور نادر نور الدين خبير المياه وأستاذ زراعة القاهرة، لـ"بوابة الأهرام" إن الاجتماع سيكون بعنوان "هل يصلح الدبلوماسيون ما أفسده الفنيون؟! "فمازالتا إثيوبيا والسودان ترفضان تسييس القضية ويعتبرونها قضية فنية بحته لا شأن لها بالسياسة ويتساءلون لماذا وبعد 18 شهرا من المفاوضات تريد مصر تغيير المفاوضات من فنية إلى سياسية، بينما نحن نتفاوض على سد وعلى نظم تخزين المياه ونظام تشغيل السد وليس بالدبلوماسيين شأن بالأمر".
وأشار إلى أن الجانب المصري يرى أن الموضوع سياسي في المقام الأول وأن الغرض من إقامة سد النهضة هو البحث عن الزعامة الإقليمية والأفريقية والدليل أن كفاءة توليد الكهرباء من سد النهضة منخفضا للغاية.
وتساءل نور الدين، هل الأمور محسومة بالفعل وأن ما يجرى الآن هو لحفظ ماء الوجه أمام الشعب المصري؟، لافتا إلى أن وزير الري ارتكب العديد من الأخطاء أثناء المباحثات بدء من زيارته لسد النهضة بنفسه وهو مازال سدا خلافيا، ثم اختياره لأحد الخبراء الذي عمل مستشارا لوزارة الري الإثيوبية حتى 2010، ليقود المفاوضات مع إثيوبيا دون تخوين ولا طعن، ورفعا للحرج عنه كان يجب أن يتم اختيار أحد الخبراء الآخرين،ـ ثم رفضه طلب إيقاف العمل في السد قبل 18 شهرا مضت عندما استؤنفت المفاوضات والقول بأنه أمر سيادي، بينما هو يطالب الآن بإيقاف العمل في السد أي أنه ليس أمرا سياديا - ثم أخطأ عندما رفع للرئيس إعلان مبادئ سد النهضة ولم تكن هناك أي دواع للاستعجال لتعلن مصر اعترافها بسد النهضة دون مقابل ودون أن تضمن عدم المساس بحصتها من المياه كتابة وعبر اتفاقية.
وتابع: وأخطأ وزير الري عندما أعلن في إعلان المبادئ عن السيادة المطلقة لإثيوبيا على مواردها المائية حتى الموارد المشتركة وبذلك أعطي إثيوبيا السيادة على النيل الأزرق المشترك مع السودان ومصر، وأخطأ عندما أعلن أن نهر النيل هو مجرد نهر عابر للحدود وليس نهرًا دوليا تحكمه اتفاقيات سابقة وبالتالي وكأنه أعلن إلغاء جميع الاتفاقيات السابقة - ثم أخطأ حين أعطي لإثيوبيا إلغاء خطط تشغيل سد النهضة بعد الاتفاق على نظام الملء الأول للسد بأن يكون من حق إثيوبيا إلغاء كل ذلك وتعديله وإخطار مصر والسودان بالأمر - ثم أخيرا حينما وضع في مقابل الضرر بأن يكون تحديد التعويضات محليا فقط وليس عبر القضاء الدولي ثم عندما تسمح الظروف الإثيوبية بذلك وبذلك تكون الظروف الإثيوبية هي فقط التي تحدد التعويضات وليس الخبراء الدوليين.
وطالب نور الدين بضرورة أن يتم رفع مستوى المباحثات إلى المستويات الرئاسية لتعلم إثيوبيا عدم رضا مصر عن سير المفاوضات وإصرارها على التأكيد عن حصتها المائية.
وحول الحديث عن نقل الملف للسفيرة فايزة أبو النجا، قال إن مجموعة خبراء نهر النيل رفعوا تقريرا قبل أسبوعين إلى رئاسة الجمهورية يشير إلى حتمية إيقاف المفاوضات العبثية الحالية وتدويل القضية ورفع قضية أمام المحكمة الدولية (ليس تحكيما دوليا ولكن قضية ) والتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن وإلى الإتحاد الأفريقي للتحكيم بين مصر وإثيوبيا، وبعدها بأسبوع تلقينا اتصالا من السيدة فايزة أبو النجا للاجتماع مع عدد من أعضاء لجنة النيل وفوضنا أربعة أعضاء لمقابلتها، واستمر اللقاء أربع ساعات وطلبت فيه معلومات موثقة عن أضرار السد في جميع النواحي للقطاع الزراعي والسكاني وتدفقات المياه والتصحر وتغير المناخ بحيث تكون لديها في خلال أسبوعين وأن الرئيس فوضها فقط بلقاء ممثلين لمجموعة خبراء نهر النيل (17 خبيرا)، ولا يعني هذا نقل الملف للسفيرة أبو النجا ولا يعدوا كون أن الرئيس قد كلفها بلقاء ممثلين عن المجموعة.
قال الدكتور ضياء الدين القوصي خبير المياه، إن الاجتماع السداسي بالخرطوم حول أزمة سد النهضة الإثيوبي سيكون بمثابة الاجتماع العاشر والأخير، وذلك بعد المماطلة الممنهجة من الجانب الإثيوبي لإضاعة المزيد من الوقت مما يضمن لهم الاستمرار في بناء السد.
وأضاف القوصي أن المفاوضات حول اختيار المكتب الاستشاري لاستكمال الدراسات الناقصة استمرت نحو 16 شهرا دون جدوى، مطالبا بضرورة أن تكون هناك حلول رادعة للجانب الإثيوبي وهو ما أعلن عنه وزير الري حول أن هناك حلول أخرى لديهم سيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب.
وأشار الخبير المائي إلى أن المفاوض المصري كان يجب عليه أن يتوقف عن المفاوضات التي لم تؤتي بأي ثمار بل أعطتهم مزيد من الوقت لإنهاء السد.
بينما قال الدكتور محمد نصر علام وزير الري الأسبق، إن الاجتماع الذي سيجرى في الخرطوم ويستمر لمدة يومين حول سد النهضة، لن نعول عليه كثيرا، ولن تخرج عنه أي نتائج إيجابية، في الوقت الذي اعتبر فيه أنه أول تحرك سياسي إيجابي في مفاوضات السد.
وعن سبب عدم انتظاره لأي نتائج إيجابية، أكد أن الجانب الإثيوبي أنهى نحو 50 % من انشاءات سد النهضة، والموقف السوداني ليس داعما لمصر، فضلا عن ارتكاب الجانب المصري العديد من الأخطاء خلال المفاوضات السابقة والتي من بينها إهمال الحديث عن سعة التخزين للسد وتحدثنا فقط عن التشغيل وتنازلنا عن الدراسات الانشائية، ووجود دوليين في اللجنة الثلاثية الوطنية، فضلا عن عدم إدراج الحصة المصرية في إعلان المبادئ وعدم المساس بها واستخدم مكانها الاستخدام العادل والمنصف.
وأشار نصر علام إلى أن المفاوض المصري ليس لديه الخبرة الكافية للتعامل مع الملف، وغياب الرؤية الصحيحة لديه.
وأكد الخبير المائي إلى أنه سيتم التحول إلى مسار جديد، والذي سيكون من خلال التدخل الرئاسي أو طلب وساطات دولية، مع تصاعد الوتيرة، سواء اللجوء إلى الأمم المتحدة أو مجلس الأمن.
وحول المكاتب الاستشارية، قال وزير الري الأسبق إنها انتهت باعتذار المكتب الهولندي، لافتا إلى أنها كانت لإلهاء الشعب المصري وتضييع الوقت.