الأقباط متحدون - لو أنصف «ائتلاف دعم الدولة»!
أخر تحديث ٠١:١٩ | السبت ١٢ ديسمبر ٢٠١٥ | ٢ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٧٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

لو أنصف «ائتلاف دعم الدولة»!

صلاح عيسي
صلاح عيسي

حتى الآن لم تنته المشاورات التى تجرى لتشكيل الائتلافات البرلمانية التى سوف يتركب منها مجلس النواب، إلى نتيجة يمكن اعتبارها خبراً صحيحاً، يصلح للبناء عليه، أو الاستنتاج منه، أو الاستناد إليه للتفاؤل بأن هذا المجلس مؤهل لكى ينهض بالمهام الثقيلة الملقاة على عاتقه.. ففى حين يؤكد بعض رموز «ائتلاف دعم الدولة المصرية» أنهم قد نجحوا بالفعل فى حشد 400 من نواب المجلس بين صفوفه، يشكلون أكثر من ثلثى أعضائه، ويضمون أكثر من 300 من المستقلين فضلاً عن نواب حزبى «الوفد» و«مستقبل وطن»، تتحدث تسريبات أخرى عن مصاعب تواجه تحقيق هذا الهدف، أبرزها الخلاف بين المؤتلفين على توزيع المراكز القيادية فى هيئة مكتب المجلس ومنها الوكيلان ورؤساء اللجان ووكلاؤها ومقرروها.. بينما تتواتر أنباء عن أن حزب «المصريين الأحرار» - الفائز بالأكثرية - يسعى لتشكيل ائتلاف يضمه مع عدد آخر من الأحزاب والمستقلين.. وأن نواب اليسار - سواء كانوا حزبيين أو مستقلين - بدأوا بالفعل مشاورات لتشكيل كتلة برلمانية منهم.

أما وقد انتهت الانتخابات النيابية إلى ما انتهت إليه من نتائج أسفرت عن حصول المستقلين على الأغلبية، وعن فوز 20 حزباً بمقاعد تتراوح بين 65 مقعداً ومقعد واحد، وهى نتائج لم ترض أحداً، فقد كان من المنطقى أن يسعى أولاد الحلال لتنظيم هذه الفوضى غير الخلاقة، حتى لا ينفرط عقد المجلس ولا تتحول جلساته إلى «مَكلَمَة» يغنى خلالها كل عضو - وكل حزب - على ليلاه.

لكن قائمة فى حب مصر، التى تطوعت مشكورة للقيام بهذا الواجب الوطنى، لم تنطلق من رؤية ديمقراطية تستهدف المصلحة العامة، وتقدر الضرورات التى تتطلبها ظروف الوطن، والمهام الثقيلة التى تنتظر المجلس، بل انطلقت من وهم صوّر لبعض قادتها، أنها «حزب المستقلين»، الذى فاز بالأغلبية العظمى من الحقائب النيابية، وأنها الممثل الشرعى والوحيد للدولة المصرية، والناطق الرسمى باسم الرئيس السيسى، وباسم ثورتى يناير ويونيو، وصاحبة الكلمة الأخيرة، فى تسمية رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، وهيئة مكتبه، ورؤساء ووكلاء لجانه، وتعيين خليفة لكمال الشاذلى وأحمد عز، وتلوح للمستقلين بأن انضمامهم إليها هو الذى يضمن لهم توقيع الوزراء على ما يريدونه من خدمات لدوائرهم، ويرسخ أقدامهم فى الدائرة ويضمن فوزهم بمقعدها فى كل انتخابات قادمة، ولذلك اختارت لنفسها اسماً يكفى لإرعاب كل من لا ينضم إليها من النواب المستقلين أو الحزبيين، حتى لا توجه إليه تهمة النكوص عن دعم الدولة.

ولو أنصف «ائتلاف دعم الدولة» لتخلى عن هذا الاسم الذى يذكر المصريين بالمأسوف على شبابه «تحالف دعم الشرعية» ولما تجاهل أن النواب الذين فازوا جميعهم يدعمون الدولة، ليس فقط لأن المجلس الذى يضمهم هو إحدى سلطات هذه الدولة، أو لأن الدستور الذى سيقسمون على احترامه هو الذى يحدد ملامحها ويعين اختصاص كل منها، ولكن كذلك لأن هؤلاء النواب من بين المخاطبين بتنفيذ الواجبات التى ألزم الدستور الدولة بأن تقوم بها تجاه شعبها، وبمراقبة مدى التزام السلطات الأخرى بصيانة حقوقهم التى كفلها لهم الدستور.

لو أنصف «ائتلاف دعم الدولة» لهش عن رأسه، وعن الدولة، الوسواس الخنّاس الذى يوسوس له بأن يكرر تجربة الحزب الواحد فى قالب تعددى، والتى حولت مبنى الحزب الوطنى إلى أنقاض، ولأدرك أن الزمن قد تجاوز معادلة أغلبية كاسحة وأقلية كسيحة فى تشكيل المجالس النيابية، ولبذل مساعيه الحميدة - عبر الحوار مع رؤساء الأحزاب - لكى ينظم أعضاء مجلس النواب صفوفهم ويتلافوا العيوب التى أسفرت عنها نتائج الانتخابات، بحيث يؤدى هذا الحوار إلى تشكيل ثلاثة ائتلافات حزبية كبيرة، يضم كل واحد منها نواب الأحزاب التى تتحد أو تتقارب رؤاها السياسية والفكرية، وأن ينضم إلى كل منها من النواب المستقلين من يتفق أو يتقارب مع هذه الرؤى.

ومن ممثلى هذه الائتلافات، داخل وخارج المجلس، تتشكل جبهة قومية، تحدد المشتركات الوطنية التى نجتمع عليها نحن المصريين فى هذه المرحلة.. وهى تقوم على أربعة أعمدة:

■ أن العدو الأساسى لنا هو الإرهاب.

■ أن الهدف الرئيسى لنا هو تنمية الاقتصاد وتشجيع الاستثمار.

■ أن الأولوية فى برامج التنمية وفى توزيع عائدها ينبغى أن توجه إلى المشروعات التى تخدم الفئات الأكثر فقراً والأولى بالرعاية.

■ أن هذه المرحلة ينبغى أن تسفر عن تهيئة الأوضاع للانتقال إلى نظام ديمقراطى عادل طبقاً للمعايير الدولية.

ولتكن يد الله على قلب الذين يسعون إلى أهدافهم صفاً واحداً، لا يصادر الحق فى التنوع!
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع