الأقباط متحدون - ظاهرة «النفخ والفرقعة»
أخر تحديث ١٤:٢٨ | الأحد ١٣ ديسمبر ٢٠١٥ | ٣ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٧٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

ظاهرة «النفخ والفرقعة»

د.محمود خليل
د.محمود خليل

هناك ظاهرة يمكن وصفها بـ«ظاهرة النفخ والفرقعة» تلمع فى الحياة السياسية من حين إلى آخر، دون أن يستطيع أحد أن يحدد بصورة قاطعة من الذى يقف وراءها، لكن من المؤكد أنها تتم لغرض معين، وتخدم مصالح جهة ما، غير الجهات التى تضطلع بها فى الظاهر، والمتمثلة تحديداً فى أجهزة الإعلام ومراكز الدراسات السياسية. يمكننا الاستدلال بسهولة على تطبيقات هذه النظرية وإجراءاتها من استدعاء مثالين، أحدهما (محلى قريب)، والثانى (دولى بعيد).

المثال المحلى القريب يتحدد فى جماعة الإخوان، التى تعرّضت بعد ثورة يناير 2011 لنوع من «النفخ»، جراء الكلام الذى كان يسدّ الآذان وقتها عن أنها الجماعة الأكثر تنظيماً والأكثر قدرة على الحشد والسيطرة على الجماهير، وبالتالى تم تقديمها كوريث للسلطة بعد خلع «مبارك». وقد لعبت جهات عدة دوراً محسوساً فى «نفخ» الإخوان، من بينها أجهزة إعلام ومراكز دراسات بحثية مصرية وعربية وأجنبية، الكل كان يركّز على نفس الفكرة والتيمة، التى تعظّم من قوة الإخوان وقدرتها كجماعة. وصل «البالون» الإخوانى إلى الحكم وهو فى قمة الانتفاخ، وصدّق الكذبة التى روّج لها العديد من الأجهزة، وأكد أعضاء الجماعة وقياداتها أن كلام الآخرين لا يأتى من فراغ، وأن المؤكد أن هؤلاء اكتشفوا فيهم عبقرية لم يدركوها هم فى أنفسهم، فغزا الغرور نفوسهم، وأعماهم عن رؤية الواقع المحيط بهم، وظنوا أن جماعتهم مانعتهم من الشعب، فلخبطوا الدنيا، وفشلوا فشلاً عبقرياً فى إدارة البلاد، حتى وصلوا إلى مرحلة «الانفثاء»، وبـ«دبوس» صغير انهارت الجماعة انهياراً كاملاً، لكن البالون تبقّى منه «فرقيعة» اسمها «رابعة» تولّى الإخوان أنفسهم «النفخ» فيها وغرّوا المحتشدين فى الميدان بقدرتهم على المواجهة والعودة إلى السلطة مرة أخرى، فساقوهم إلى مواجهة معروفة النتائج، راح فيها الكثيرون. ربنا يغفر ويرحم الجميع.

المثال الدولى البعيد يتمثل فى شخصية الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين». الرجل يتعرّض لعملية «نفخ» ملحوظ، أنا لا أقلل من قدرته على وجه الإطلاق، لكننى ضد المبالغة، فالكثير من وسائل الإعلام ومراكز البحوث تحاول وضعه فى صورة «الرجل القوى» أو الرجل الذى لا يُقهر، وتستند فى ذلك إلى الأسلحة التى تملكها روسيا من صواريخ قاهرة وطائرات ظافرة، وقد أعلنت وسائل الإعلام أوائل الشهر الحالى أن «طائرة يوم القيامة» دخلت الخدمة ضمن ترسانة الأسلحة الروسية، وهى طائرة مخصصة لقيادة عمليات القوات المسلحة الروسية، عندما تتعطل مراكز القيادة الأرضية، أو عندما لا توجد مراكز قيادة على الأرض، وتتشابه هذه الطائرة مع طائرة أمريكية أُطلق عليها «طائرة يوم القيامة». أخشى أن يكون الغرب هو الجهة التى تقف من خلف الستار لدعم عملية «النفخ» لشخصية الرئيس «بوتين» لتوريطه أكثر وأكثر فى المنطقة. والكل يعلم أن المواجهة فى سوريا لن تكون سهلة، ليس بسبب قوة «داعش» وغيرها من الميليشيات الإسلامية هناك، ولكن لأن هناك من يدعم هذه التنظيمات، سواء على مستوى المنطقة، أو على المستوى الدولى. وضع الأمور فى نصابها الطبيعى مؤشر على الحكمة فى التفكير!.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع