بقلم : مش عمرو حمزاوي | الأحد ١٣ ديسمبر ٢٠١٥ -
٥٩:
٠١ م +02:00 EET
صورة ارشفية
كانت صدمة شديدة بالنسبة لى عندما اكتشفت أن زوجتى الحبيبة بسمة قد أعدت مكرونة بالباشميل على الغداء. وسر الصدمة أننا لم نتناقش ولم نتفق مسبقا على أن تكون المكرونة هى وجبة اليوم، فالطبيعى قبل أن تتخذ قرارا مصيريا مثل هذا أن نعقد جلسة نقاش يتبعها طرح جميع الرؤى من كافة الأيديولوجيات المحبة للباشميل والمتأففة منه، العاشقة للحم المفروم والكارهة له، ثم يتم إعداد ورقة بحث وتوصيات نخرج بها من جلسة النقاش لضمان الحيادية وإرساء لمبدأ الشفافية.
أعرف أنها عندما قررت أن تتخذ هذا القرار منفردة أنها حملت فى ذهنها هموم البروليتاريا المتمثلة فى عمال مصانع المكرونة الذين ينتظرون شراء هذا الكيس لدفع عجلة الصناعة وزيادة الإنتاج والحوافز والعلاوات بالتبعية، وهموم الرأسمالية الوطنية بتوفير مناخ معد للاستثمار، كما تملكتها بعض الشيفونية عندما تخيلت أنها خير من يطبخ المكرونة، ولكن كل هذا لا يعد مسوغا لارتكاب فعل ديكتاتورى لا يتناسب مع المسار الديمقراطى الذى ننتهجه منذ وقعنا عقد الشراكة الحياتية المسمى بالزواج.
وربما كان هذا القرار المنفرد هو ما أوقعها فى مشكلة أكبر وهى أن صينية المكرونة بالباشميل لم تكن على النحو المطلوب ولم يكن طعمها محل إجماع الفئات المعنية، ربما لأنها نسيت أربعة عناصر لابد أن تتوفر فى صينية المكرونة الباشميل:
أولا: درجة حرارة الفرن، فمن غير الممكن أن نضع صينية المركونة فى درجة حرارة تتجاوز الخمسمئة درجة مئوية، فكانت النتيجة أن أصبحت الصينية محروقة سوداء كوجوه العبيد الذين حررهم إبراهام لنكولن فى ثورة العبيد، أو الذين خطب فيهم مارتن لوثر كينج قائلا: لدى حلم.. ويبدو أنها كان لديها حلم بالفعل فنسيت الصينية فى الفرن.
ثانيا: يجب أن تكون كمية الدقيق محسوبة، حتى لا تتحول الصينية من مكرونة بالباشميل إلى مكرونة بانيه.
ثالثا: لم أجد مبررا للتسرع بسكب جالونات من اللبن على كمية متواضعة من المكرونة، مما يعد انقلابا على كل طرق المكرونة، وكان من الواجب أن تستمر المكرونة فى عملها قليلا دون لبن حتى نكمل المسار الطبيعى الديمقراطى الذى ننتهجه.
رابعا: محاولة إقناعى بصينية المكرونة بأساليب ملتوية هى ديماجوجية مفرطة يرفضها العقل النخبوى، وترفضها المجتمعات الراقية التى ترفض التشظى والتفتت وتأمل فى مزيد من الاندماج ومساحات العمل المشترك تحت مظلة واحدة.
إن إيجابيات زوجتى الحبيبة لا يمكن أن تصرفنى بتاتا عن عديد من الانتهاكات فى المسار الديمقراطى الذى ارتضيناه، ولا يمكننى أن أسمح بتحالف رأس المال مع البروليتاريا مع زوجتى لأتناول صينية مكرونة لا أحبها مهما كانت المغريات، فالمبدأ أهم، وأخذ الرأى بالتصويت هو قمة الهرم الديمقراطى، حتى لا ننزلق فى استبداد يقابله إذعان.
el7ekaya
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع