حنا حنا المحامى
أللهم طولك يا روح. يتعين الحصول على إذن لبناء كنيسه. والمسأله لا تتعلق بتنسيق عمرانى وإلا لكانت الجوامع أيضا لجأت إلى هذا الاسلوب. ولكن المسأله لا تزال مسألة أن مصر دوله إسلاميه وعلى المسيحيين (الكفار من فضلك) أن يحصلوا على تصريح لبناء كنيسه. فإذا اعترض المسلمون المؤمنون على بناء هذه الكنيسه فلن تحصل على تصريح. والسبب الظاهرى لذلك أن مصر دوله إسلاميه ولن تبنى كنيسه إلا بموافقة سكان المنطقه الاجلاء المسلمين المؤمنين.
وللرد على هذا الاسلوب الفريد أقول: إن الكنائس لم يحدث فى يوم من الايام أن كدست أسلحه, كما أنها لم تحرض فى يوم من الايام على القتل أو الكراهيه أو الاضطهاد. بل على العكس إنها تدعو إلى محبة الناس جميعا حتى محبة الاعداء.
لعل السبب فى ذلك هو الايقان أن مصر ذينها الاسلام. وهنا لنا وقفه: متى كان للدوله دين؟ الدوله شخص معنوى لا يومن ولا يصلى ولا يركع ولا يذهب إلى الكنائس او الجوامع. ولعل المقصود هو أن يعلنوا أن غالبية السكان من المسلمين. ولو!!
فمثلا فى أمريكا: أغلب السكان من المسيحيين. وكذا أنجلترا أغلب السكان أيضا من المسيحيين بل كل السكان الاصليين مسيحيون. مع ذلك لم يذكر الدستور الانجليزى أو الامريكى أو أى دوله أوروبيه أن دين الدوله المسيحيه.
ولكن المسأله مسألة تعصب لا أكثر ولا أقل. فيجب أن يكون هناك تفرقه بين المسيحى والمسلم. وهذه التفرقه هى أساس ضعف هذه االدول وتأخرها. فمثلا فى مصر فإن عدد المسيحيين لا ولن يقل عن الثلث. ولكن نجد أيام مبارك والعادلى أفندى أنهم أعلنوا أن تعداد المسيحيين خمسة ملايين. بل فى مرة من المرات أعلنوا أنهم أقل من ذلك. وحين وجدوا أن المسأله واسعه شويتين أعادوا النظر وأعلنوا أنهم خمسة ملايين. وهكذا تبيح الدوله لنفسها التزوير العلنى والمفضوح.
وحين تعلن الدوله أنها مزوره, تتلاشى فيها كل القيم والاخلاق مما بلا شك يؤدى إلى انهيارها وتأخرها عن باقى دول الكره الارضيه رغم ما فيها من كفاءات وخيرات يحسدها عليها طوب الارض. وهذا هو الحال فى مصر. وقد أصبح الكذب هو القاسم المشترك الاعظم فى كل المعاملات. فلا يمكن أن تصدق طالبا أو مدرسا أو زوجا أو زوجه أو موطفا أو موظفه. كل شخص يتصرف بما يحلو له دون أى رادع وكل التصرفات الخاطئه والشائنه تتلاشى أمام الكذب أو محاولة الكذب والسعى وراء الكذب.
والملاحظ أن مسألة التعصب المقيت ليست مسألة مبدأ نشأ عليه الشعب فأصبح عدم التعصب من المبادئ الراسخه فى المجتمع المصرى, كلا للاسف فالمسأله مسألة رئاسه. فإذا تبوأ الرئاسه رئيس ذا خلق نادى بالمساواه وعدم التعصب. وإذا تبوأ المنصب رئيس متعصب لا يهمه مصر أو وحدة مصر على نحو ما كان عليه محمد مرسى, انتشر التعصب ووجد فى جموع المصريين المسلمين أرضا خصبه. مما يجعل مصر المسكينه التى تتمزق مجالا فسيحا للتعصب الذى يفت فى عضد الوطن ويضعفه فيصاب ليس بالضعف فحسب بل بالوهن فى كل مناحى الحياه وأنشطتها.
وهذا ليس فقط نتيجه طبيعيه للتعصب بل تصبح الكفاءه فى المرتبه الثانيه للتعيين أو للتقدم أو للنجاح. وبذلك تحرم مصر من أبنائها الاكفاء. ماذا تكون النتيجه؟ النتيجه أن يخرج أبناؤها الاكفاء يبحثون عن فرصهم فى الخارج. وهكذا يضطر هؤلاء الاكفاء أن يخدموا الدول الغريبه ولا يخدموا بلدهم لا لشئ إلا لان دولهم تضطهدهم.
ومن الطبيعى أن يظهر ذلك التعصب من باب أولى فى بناء الكنائس. على المسيحيين أن يحصلوا على تصريح لبناء كنيسه. وللحصول على تصريح تأخذ الدوله رأى الجيران إذا تنازلوا ووافقوا على بناء الكنيسه نجوارهم. وإذا وافق المصريون المسلمون على بناء كنيسه للمسيحيين المصريين بنيت الكنيسه. ولكن لا يجوز أن ترفع قبه كيسه هامتها فى بلد "مسلم" بهذه المبساطه. تكون النبيجه أن يبنى بجوارها أو فى موجهتها جامع آخر تأكيدا وإثباتا أن مصر دوله مسلمه كما هوالحاصل فى سبورتنج بالاسكندريه.
ومن ناحيه أخرى نجد أن الدول الراقيه المتقدمه الاجنبيه ترحب بالمسلمين وتسمح لهم ببناء الجوامع كيفما أرادوا وقدرما أرادوا. وهذا السماح والتساهل لي إستثناء بل قاعده عامه شامله لا استثناء لها طالمه أن دار العباجه لا تدعو إلا إلى عباده الخالق ولا تحث على التفرقه والكراهيه ذلك أن السلام الاجتماعى يفوق كل اعبتار. ولا يحكم قواعد البناء إلا القواعد العامه التى تطبق على المبانى دون استثناء فهى تطبق على الكنائس كما تطبق على الجوامع. كما أن هذه الدول "الراقيه" لا تتبنى أى دين لابنائها الاصليين حتى لا تدع مجالا للتفرقه بين المواطنين الاصليين والمتجنسين فصبحوا جميعا سواسيه أمام القانون.
ويتعين أن نمعن النظر بشئ من الموضوعيه أمام تلك التفرقه التى تنص عليها الدول العربيه بوجه عام الخاصه بالدين. تكوتن النتيجه وعلى سبيل المثال لا الحصر فى مصر مثلا أن ثلث السكان المسيحيين مهمشين. إذ أنه محظور عليهم أن يتبوأوا المناصب القياديه فى الدوله أو فى الجيش أو فى مجلس الشعب. معنى ذلك أن ثلث الشعب المصرى مهمش. وهنا يثور التساؤل: أى دوله يهمش فيها ثلث الشعب وتحرم من خدماتهم ومواهبهم هل يمكن أن تتقدم؟ هل يمكن أن ترتقى؟ الاجابه بكل بساطه: بالطبع لا.
وهنا نجد أنفسنا أمام موقفين لا ثالث لهما: إما أن نعمل على رقى مصر ونطرح التعصب جانبا ونطبق مبدأ "البقاء للاصلح" ويكون عنصر العمل والانتاج والكفاءه فقط هى المعايير التى تحكم وتتحكم فى منصب الشحص وبذلك تتقدم مصر وترتقى حتى تصبح فى مقدمة دول العالم, وفى هذه الجاله يتعين أن نزيل كلمة "دين الدوله الاسلام" من الدستور إما أن نتمسك بعنصر الدين فى الدستور ونحذف نص المساواه وعدم التفرقه بسبب ... والدين. ويكون الدسترر مبينا على الواقع حيث أن الواقع غير مبنى على الدستور وتكون التفرقه قائمه بسبب الدين.
وقبل اتخاذ أى قرار أود أن أقول علاقه بين الانسان وخالقه. وقد قال نبى الاسلام "الناس سواسيه كأسنان المشط". قد تكون هناك بعض نصوص التمييز فى الاسلام ولكن هذه كانت فى مرحلة النشوء حتى يثبت أقدامه. ولكز الآن وقد انتشر الاسلام كعقيده راسخه يعتنقها حوالى بليون وثلث من سكان الارض لماذا تنص الدساتير بالدول الاسلاميه على موضوع الدين. وإذا كان الامر كذلك فماذا يكون الحال لو بالمقابل تمسك الغربيون فى دساتيرهم بوضوع الدين ونصوا على أن "دين الدوله المسيحيه" لا شك أن المعايير الدوليه فى المساواه والموضوعيه سوف تتغير كما أن مثل هذا التغيير سيخلق جوا من التطاحن والنزاعات التى سوف لا تنتهى. ويكون ضحيتها الشعوب والدول الضعيفه.
يا ساده إن عبادة الخالق من أجمل ما يمارسه الانسان. فهذه العباده هى التى تقرب الارض من السماء وتشعر الانسان بأن هذا الخالق هو الذى خلق الكون كله لذلك فهو لا يفرق بين مخلوق وآخر أو كائن بشرى وآخر. بل على العكس فكل إنسان على هذه الارض له قيمته عند الله وله درجة من الحب لديه لا تفرقة فيها ولا تمييز والمعيار الوحيد لديه هو معيار العباده الصادقه واتباع التعاليم والقيم السمائه فى معاملة الانسان لاخيه الانسان بل وسلوك الانسان بوجه عام سواء مع الغير أو حتى مع نفسه.
ملخص مما تقدم أن كل المواظنين فى أى دوله سواسيه كاسنان المشط. إذن لا يوجد معنى –أى معنى- للحصول على تصريح لبناء كنيسه حتى نزيل التفرقه بين المسلم والمسيحى ممثله فى الكنيسه والجامع. ويتعين أن تحكم موضوع بناء دور العباده قانون موحد شأن الدول الراقيه وهذا القانون ينص على معايير موضوعيه بحيت لا تفرقه بين جامع وكنيسه لانها جميعا بيوت الله وبيوت عبادته.
ولا تظنوا أن الخالق الذى جعل خليقته سواسية كاسنان المشط سوف يرضى بأى تفرقه بين الانسان وأخيه الانسان.
ولذلك يتعين أن تحكم بناء دور العباده شروط موضوعيه لا تفرق بين كنيسه أو جامع شأنها شأن ألدول الاجنيبه التى لها شروط عامه تطبق على كل دور العباده. ولذا نجد أن هذه الدول متقدمه لانها راقيه تنظر إلى العباده على أنها علاقه بين المخلوق والخالق ولهذا تحترم عقيدة كل إنسان.
من هنا, ولهذا نحد أن هذه الدول متقدمه تقدما يفيد الانسانيه جمعاء دون أى تفرقه. فهل نطمع أن يكون بناء دول العباده فى مصر الغاليه مبنيا على قواعد موضوعيه بحيث تكون دون تفرقه أو تحزب أو تعصب؟