الأقباط متحدون - البوابة تحاور أسر مصريين منضمين لـداعش
أخر تحديث ٠٨:٠٦ | الأحد ٢٠ ديسمبر ٢٠١٥ | ١٠ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٨٢ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

"البوابة" تحاور أسر مصريين منضمين لـ"داعش"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

خيط واحد يربط بين حكايتى محمود عبدالباسط خريج الصيدلة ذى الثلاثة وعشرين عاما، ومحمد إبراهيم الجيزاوى طالب الحقوق بجامعة عين شمس، هو أن الشابين ذهبا للقتال مع داعش في سوريا، وأنهما ذهبا إلى الموت عبر بوابات السلفيين، ومساجدهم، وعبر الاستماع لأفكارهم.

«البوابة» اقتحمت أسوار ذلك التنظيم الحديدى لتقف على تفاصيل قصص مليئة بالإثارة نكشف الكثير منها من خلال الملف التالى، لكن تبقى الحقيقة الأهم بين كل ما وصلنا إليه أن القواعد الفكرية السلفية هي الأساس، وأن مساجد السلفيين هي التي تتم فيها عمليات «التزكية» أي اختيارات العضوية والتجنيد كمرحلة أولى من مراحل الذهاب للقتال مع الجماعات التكفيرية المسلحة.

أغلب هؤلاء الشباب هم الذين شكلوا مقاتلى تنظيم «القاعدة»، ويشكلون اليوم إحدى أذرع جيش «داعش» مروا من هنا، من مساجد السلفيين وجمعياتهم السرية المنتشرة في طول البلاد وعرضها، وقياداتهم هم الوكلاء المتخصصون لتزكية الشباب الراغبين في الانضمام للتنظيم.

ما تكشف عنه الروايات جميعا أن التنظيمات الدينية على اختلاف تنويعاتها بين من يرفع راية العنف صراحة ومن يتستر برداء السلمية كلها تشرب من معين واحد وتتفق في غاياتها الكبرى ولا يختلف في ذلك إخوانى عن سلفى عن داعشى.. التفاصيل التي بين أيدينا تكشف هذه الخيوط الوهمية وهى تستحق أن تروى في السطور التالية.

طالب بـ«حقوق عين شمس» من الدقهلية

عائلة «الجيزاوى»: كتابات «الحوينى وحسان وبرهامى» قادته للتطرف

اقترب من السلفيين في الجامعة.. وتجنيده بدأ على «فيس بوك» سافر إلى دمشق من أنقرة.. ووالدته: «عايزة أدفنه بإيدي» أقنع فتاة أجنبية باعتناق الإسلام
تحولات فكرية في حياة الشاب العشرينى دفعت به إلى بلاد اللا عودة أو بلاد «داعش»، بدأت مع انتقاله للعيش في قرية صغيرة تحكمت فيها القوى السلفية - بعض الوقت والإخوان تارة أخرى، وسرعان ما فشلوا في إتمام سيطرتهم بسبب تناقضات أتباعها أو ممن وصفوهم بالشيوخ، داخل قريته.

محمد إبراهيم الجيزاوى، تجاوز عقده الثانى، أحد أبناء مركز «دكرنس» محافظة الدقهلية، طالب كلية الحقوق بجامعة عين شمس، نشأ في أسرة متوسطة الحال لأب متوفى وأم ربة منزل، داخل قرية يغلب عليها الطابع التجارى، إلا أنه ومنذ التحاقه بالجامعة بدأ في التقرب من الجماعات السلفية في جامعته.
انضمام «الجيزاوى» لـ «داعش»، لم يكن محض صدفة، فأفكاره السلفية دفعته إلى التطرف ورفض الفتاوى الدينية الصادرة عن الأزهر الشريف بحجة أنهم «أشاعرة»، وعارض ثورة ٣٠ يونيو وإقصاء جماعة الإخوان الإرهابية عن الحكم، ظنًا منه بأنهم كانوا الأقدر على تطبيق شرع الله، ولذا كانت «تركيا» ملاذًا له بحسب صديقه «محمود سيد» أحد أبناء القرية.

خاض الداعشى الهارب رحلة قبل سفره، وصفها صديقه سيد «رفض ذكر باقى اسمه»، بأنها رحلة «علمية» في رحاب بعض شيوخ السلفية وكتبهم أمثال أبو إسحاق الحوينى والدكتور ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية، ومحمد حسان، ومحمد حسين يعقوب، ومن هنا كانت انطلاقته نحو الفكر المتطرف.

«الجيزاوى» كان مثالًا للمسلم المعتدل القريب من الله، بحسب أهالي قريته «ميت الشبول»، ومن خلال تواصله على مواقع التواصل الاجتماعى وبحثه الدءوب عن كيفية السفر إلى «تركيا» وقع في شباك صفحات أشخاص تابعين لـ «داعش»، ومن هنا بدأ تجنيده.

بعدها بدأ «الجيزاوى» بالانقطاع عن الجامعة وكان دائمًا يردد أن وجوده في كلية «الحقوق» حرام شرعًا بسبب اعتمادها على القوانين الوضعية وأنه لا بد من الرجوع إلى الشريعة الإسلامية وتطبيقها.

الغريب أن الشاب بدأ يدافع عن «داعش» وظهر ذلك جليًا فيما يتعلق بذبح ٢١ قبطيًا مصريًا داخل الأراضى الليبية، وتحدث مع أصدقائه عن حلم الدولة الإسلامية في العراق والشام، بعد أن انهار حلم تأسيس دولة دينية في مصر عقب سقوط «الإخوان».

الصفحة الشخصية لـ «الجيزاوى» امتلأت بمنشورات جهادية محرضة على العنف، وبالمتابعة تبين أن «الداعشى الهارب» استطاع إقناع فتاة أجنبية بالدخول في الإسلام، وهو ما نشره على صفحته بتاريخ ٢٠ ديسمبر ٢٠١٤: «الحمد لله القوى المتين والصلاة والسلام على من بعث بالكتاب والسيف رحمة للعالمين، تم اعتناق الإسلام دين الله من ملحدة أجنبية على يد العبد الفقير إلى الله»، ومن المرجح أنهما سافرا سويًا، بحسب صديقه.

في تاريخ ٣١ يناير الماضى نشر «الجيزاوى»: «إنّما نحن جنودٌ نحرِق العار بنار، زيفكم زال بفعل رياح الانتصار، سنهدّ عرشكم، وسنُفنى ملككم، فارحلوا دومًا فإنّا لا نرى للخُبثِ دار»- وهى كلمات يتداولها أعضاء التنظيم الإرهابى على صفحاتهم.

في نفس اليوم كتب منشورا عن العنف قائلا: «عليكم لوضع المتفجرات في طرق المرتدين ومهاجمة قواعدهم ومنازلهم، واقطعوا رءوسهم، لا تدعوهم يشعرون بالأمان».

يقول صديق «الجيزاوى» لـ«البوابة» بعد هذا المنشور عاتبه جميع أصدقائه، كان رده صادمًا للجميع وأعلنها صراحة أنه مهاجر للجهاد في صفوف تنظيم «داعش»، وعندما أخبرنا أهله بما ينوى فعله أجهشت والدته في البكاء وطالبته بالرجوع عن ذلك فأخذ يقنع الجميع بعدم سفره مكتفيًا بمنشوراته على الـ«فيس بوك».

يضيف «سيد»: «بعد مدة عرف أهله أنه سافر عندما أرسل لأخته رسالة على الموبايل يقول إنه في تركيا وسيتجه إلى سوريا طالبا من والدته أن تسامحه».
وكشف «سيد» أن «الجيزاوى كان دائم التواصل مع شخص يدعى «خالد عزيز» طالب بكلية الهندسة جامعة المنصورة حسب ما تضمنت الصفحة الشخصية لـ «خالد» مؤكدًا أنه وراء سفره.

١٠ أشهر على سفر الشاب العشرينى ولم يعلم أهله عنه شيئا، ورفضت أمه الحديث معنا لكنها قالت لـ«البوابة»: «ربنا ينتقم من اللى كان السبب عاوزه أدفنك بإيدى يا ضى عينى».

تخرج في كلية الصيدلة وعمره ٢٣ عامًا

محمود عبدالباسط.. خدع أسرته بالسفر إلى السعودية للعمل وهاجر إلى العراق

لم يكن المال هو الدافع بالنسبة له حتى يفارق أهله ووطنه ليلتحق بتنظيم «داعش» الإرهابى، فعمل والده في السعودية لسنوات طويلة، وعمل والدته مدرسة، كانا كافيين لأن يؤمنا له ما يكفيه ويزيد من المال، فمنزل الأسرة يبدو عليه الترف مقارنة بباقى المنازل المجاورة في منطقة بيجام الشعبية بشبرا الخيمة، كما لم يكن سيناريو الإحباط من البطالة بعد التخرج مطروحا أيضا.

تخرج الشاب محمود عبدالباسط، ٢٣ عاما، في كلية الصيدلة، قبل أن تجذبه أحلام «دولة الخلافة المزعومة»، فانضم إلى التنظيم الإرهابى في العراق، بعدما وصلها عبر تركيا، رغم أنه أخبر والدته وأشقاءه أنه سيسافر إلى السعودية للحاق بوالده، ثم اتصل بالأسرة بعد أيام من السفر، ليبلغ والدته أنه انضم إلى «صفوف دولة الإسلام في العراق، لمقاتلة الروافض الشيعة، ونصرة أهل السنة»، وفى ٢٣ نوفمبر الماضى، أعلنت قوات الحشد الشعبى العراقية عن مقتله خلال معاركها مع التنظيم في منطقة جبال مكحول، على حدود محافظة ديالى.

الوصول إلى منزل الشاب الداعشى في حوارى منطقة بيجام الشعبية لم يكن سهلًا، فلا أحد كان يمتلك عنوانا دقيقا للشاب، منذ أعلنت قوات الحشد الشعبى عن اسمه، وبعد نجاح «البوابة» في الوصول إلى محل سكنه، فوجئت بامتناع جميع أقاربه وجيرانه عن الحديث، فالجواب الوحيد الذي حصلنا عليه، عند ذكر اسم الشاب، أنه «غادر مصر منذ عدة أشهر، ومات».

وقال أحد الجيران، رفض ذكر اسمه، «علمنا أنه سافر إلى والده للعمل في السعودية، ولم نعرف أنه انضم إلى داعش إلا بعد مقتله»، فيما حاول عدد من أهالي المنطقة تضليلنا بتأكيد أنه ليس له أقارب في المنطقة، لأنهم جميعا يقيمون في السعودية، لكن بعد المزيد من التحرى عن أسرة الشاب، نجحنا في الوصول إلى منزله، الذي تقيم فيه والدته وشقيقاه، وأحدهما يكبر محمود بعدة سنوات، بينما الثانى ما زال تلميذا في المرحلة الإعدادية.

ورغم امتناع المقربين من الشاب عن الحديث لـ«البوابة»، إلا أنهم أعربوا عن صدمتهم من انضمامه للتنظيم، وأشار أحد أصدقائه، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن محمود كان شابا هادئا وانطوائيا، ولم يكن من محبى الخروج، أو متعددى الصداقات، فيما أكد صديق آخر له، أن «محمود كان يقضى معظم وقته في الدراسة أو أمام جهاز الكمبيوتر، كما أنه لم يكن حتى ملتحيا، أو متطرفا دينيا، لكنه كان دائم الاستماع إلى مشايخ السلفيين، ولم يكن يصلى الجمعة إلا معهم».

ومن جهتها، رفضت الأم الحديث إلى «البوابة»، مكتفية بقولها «معندناش كلام عن الموضوع ده، ابنى توفى، وربنا يرحمه»، بينما قال أحد الجيران إن الشاب كان يتصل بوالدته مرة أسبوعيا على الأقل، بينما لم تكن هي قادرة على الوصول إليه، واستمر هذا الوضع ٦ أشهر، انقطعت بعدها اتصالاته لعدة أسابيع، حتى جاء أحد أصدقائه ليبلغ والدته بتداول خبر مقتله، وصورة بطاقته عبر مواقع التواصل الاجتماعى.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.