الفيلم اسمه «الساموراى الأخير» Last Samurai، من إنتاج العام 2003، وقد قام ببطولته «توم كروز» Tom Cruise، وحقق عند عرضه إيرادات ضخمة، وحصد إعجاباً فى أوساط الجمهور والنقاد.
وكما يتضح من اسمه، فإن هذا الفيلم يتناول قصة محارب من محاربى «الساموارى»، وهم سادة الحرب فى اليابان لقرون عديدة، قبل أن يحل التحديث على هذا البلد، فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر.
على أى حال، فإن أحداث الفيلم، المستندة إلى بعض الوقائع الحقيقية، تقود نقيباً فى الجيش الأمريكى إلى أن يقاتل مع مجموعة من مقاتلى «الساموراى» التقليديين، الذين يتحلون بالشرف، ضد قوات يابانية، مدعومة من الجيش الأمريكى، فى معركة غير متكافئة تماماً، تنتهى بمقتل «الساموراى» عن بكرة أبيهم، تحت قصف المدافع والرشاشات الحديثة.
أما المشهد الرئيس فى الفيلم، فليس سوى هذا الذى يُظهر جنود الجيش النظامى فى كامل عتادهم وتنظيمهم، مسلحين بالمدافع والرشاشات السريعة والبنادق، فى مقابل مقاتلى «الساموراى» التقليديين، على الأحصنة، حاملين السيوف والرماح والدروع الثقيلة.
النتيجة كانت متوقعة بطبيعة الحال، حيث تقابل الجيشان «غير المتماثلين»، وقام أحدهما باستغلال «لا تماثليته»، فأطلق نيران المدفعية والرشاشات السريعة على عدوه، فيما أخفق هذا الأخير فى الاستفادة من «لا تماثليته»، وتلقى كافة الطلقات، ففقد حياة آخر فرد فيه.
تمثل تلك الموقعة فى فيلم «الساموراى الأخير» أفضل تجسيد لفكرة «الحرب اللامتماثلة» (Asymmetric Warfare)، إذ يتقاتل جيشان لا متماثلان، فينتصر أحدهما، ويفنى الآخر.
لم يكن النقيب الأمريكى «نيثن ألغرين»، الذى جسد دوره «توم كروز» فى فيلم «الساموراى الأخير» ليخسر المعركة، التى خاضها بجانب أصدقائه من «الساموراي»، لو كان اتبع «تكتيكاً» مختلفاً لمواجهة أعدائه.
فبدلاً من أن يصف النقيب «ألغرين» جنوده كفريسة سهلة فى العراء أمام مدفعية العدو، كان بإمكانه أن ينشرهم فى الغابات، وأن يقسمهم إلى عصابات صغيرة، تستفيد من التفاهم مع السكان المحليين، وتجند منهم أتباعاً، وتختبئ بينهم.
وفى غضون ذلك، سيمكن لتلك العصابات أن تهاجم أجناب جيش الإمبراطور، وأن تقطع خطوط إمداده، وأن تسرق مؤنه، وأن تشعل النيران فى معسكراته، وأن تستهدف الروح المعنوية لجنوده، وأن تقوض الجيش دون أن تضطر لمنازلته وجهاً لوجه.
لكن «ألغرين» لم يستفد من المميزات التى تمنحها حرب العصابات للميليشيات التى تواجه جيوشاً نظامية.
لقد نشر مركز «الحياة» الإعلامى، التابع لـ «داعش»، فيلماً قصيراً على شبكة «الإنترنت»، عشية هجمات باريس الأخيرة، توعد فيه التنظيم بمهاجمة أهداف فرنسية.
ومما جاء فى هذا الفيلم، على لسان قيادى فى التنظيم يدعى أبو مريم الفرنسى، قوله: «والله ليس هناك شيء أسهل من قتال العدو».
إن المدعو أبو مريم الفرنسى محق فيما قاله بكل تأكيد، خاصة أنه لم يفعل كما فعل مقاتلو «الساموراى»، ولكنه استخدم أساليب حرب العصابات فى عملياته القتالية.
يريد أوباما أن ينشر قوات برية فى الأراضى التى يسيطر عليها «داعش» فى سوريا والعراق، وهكذا أيضاً ستفعل ألمانيا وربما بريطانيا وفرنسا وبعض الدول الغربية.
وسينشر التحالف الإسلامى، الذى أعلنت عنه السعودية، قوات برية لمواجهة «داعش» فى حرب نظامية.
إن هذا الإجراء يثير شكوكاً جدية، لأن «داعش» ليس حفنة من مقاتلى «الساموراى»، بل هو تنظيم يتبع أسلوب حرب العصابات والعمليات الإرهابية، حيث سيستخدم الوسائل اللازمة لإرهاق القوات البرية والجيوش النظامية، وستكون أهدافاً سائغة لأعضائه، الذين يعتبرون «قتال العدو أسهل الأشياء».
الأفضل أن تستهدف الدول التى تريد محاربة «داعش» خطوط إمداد هذا التنظيم بالموارد والمقاتلين، وأن تحرمه من وسائل الاتصال، وتسكت منابره الإعلامية، وتركز عمليات قصف مواقعه.
وأهم من كل ذلك، أن تفتش بينها جيداً، لتعثر على أعضاء «التحالف»، الذين يدعمون «داعش» وأشباهه، وتوقفهم عند حدهم.
نقلاً عن المصرى اليوم