الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء يقول إن نسب الزواج العرفي في مصر في عام 2014 - 2015 بلغت88 ألف حالة زواج، بنسبة تصل إلى حوالي 10٪ من إجمالي حالات الزواج في مصر، هذا العام. ثلثي هذه الحالات لفتيات تحت سن 18 سنة.
معظم أسباب هذه الحالات تكون في الريف بموافقة الأهل ودون وجود مأذون، للتحايل على القانون الذي يرفض الاعتراف بزواج الفتاة أقل من سن18 سنة. أو الزواج من أجانب، عرب أو غير عرب، لقاء مبلغ مالي متفق عليه، في البيئات الفقيرة التي تتحول فيها البنات إلى سلعة لجلب الرزق.
والنسبة الأخرى - غير القليلة- حتى لا تفقد الأم حضانتها لأطفالها من زوجها الأول حين تتزوج من رجل جديد. أو كي لا تفقد المعاش الذي تتمتع به سواء من الأب أو الزوج المتوفى.
ونسبة قليلة من بعض الفئات التي كفرت بالتعقيدات الاجتماعية لإجراءات الزواج، والتي تبحث عن مجتمع أكثر انفتاحا وحرية.
إلى جوار ذلك تتواجد في المحاكم المصرية أكثر من 75 ألف حالة إثبات نسب.
ونسب الإجهاض كما تقر الجمعية المصرية للخصوبة، وصلت إلى15٪ لكل 100 مولود سنويا.. وهي نسبة ضخمة. ويتم بعضها من نساء متزوجات زواجا عرفيا. يضاف إلى ذلك أن المتزوجة عرفيا يضيع حق وليدها في إثبات النسب ومن ثم استخراج شهادة ميلاد للطفل والتي يسجل عليها التطعيمات في السنة الأولى.
الشريعة تقول إن الزواج مكتمل الأركان يصير زواجا صحيحا حتى لو لم يتم توثيقه.. لأن التوثيق إجراء يحمي به القانون مصالح الأطراف المتعاقدة.
لكن المشاكل الأساسية هي الفقر. وغياب التعليم الجيد. والتفكك الأسري. والمنظومة الاجتماعية المتخلفة. وغياب التشريعات القانونية التي تحمي الناس.
الإسلام عبر عن العلاقة بين الرجل والمرأة في القرآن (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) وعن حق المرأة (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) وتحدث عن دور الزواج في حياة البشر أنه (أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة). وعن الانفصال (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ)
الميثاق الغليظ هو قمة الالتزام الأخلاقي والعاطفي.. ثم حفظ الحقوق المالية.. وعدم نسيان الفضل.. وإنشاء علاقة إيجابية تدعم الإنسان في حياته بالحب والمودة.
والانفصال بالإحسان.. أي بعدم الأذى واستمرار العطاء وحفظ ولو قدر يسير من المشاعر النبيلة، قال الله عن خصوصية العلاقة (وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ)، أفضى كل شريك إلى شريكه بمكنون نفسه، وأسراره الدفينة، وبطفولته، وضعفه، وتعرى أمامه، فلا يجب أن نكون من الخسة والحقارة أن نتناسى ذلك، أو نستخدمه للفضيحة والمعايرة.
الجواز مش ورقة.. والجواز مش مراسم اجتماعية فاخرة، ثم نجني من ورائها مجتمع مليء بالصراعات والتفكك والضغائن.
—
مصر فيها حوالي6500 سرير عناية مركزة.. نسبة غير قليلة من هذه الأسرة خارج العمل، إما لنقص إمكانيات التشغيل الفنية أو نقص الكوادر من الأطباء والتمريض.
تقدر تقول حوالي 4000 سرير داخل الخدمة.. وبحسبة بسيطة بالتوزيع على90 مليون مواطن، فيبقى عندنا تقريبا سرير لكل 22 ألف إنسان. مش عارف النسبة العالمية ممكن تبقى إزاي، لكني أعتقد أن الرقم دا يخوف.
وطبعا السرير اللي بيتنافس عليه22 ألف إنسان، لن يحصده إلا من يمتلك النفوذ الكافي لنيله، أو يملك المقدرة المادية على سداد الخدمة، التي تبلغ ألف جنيه في الليلة الواحدة.
كان الرسول عليه الصلاة والسلام يتحدث عن أن المجتمعات الهالكة هي التي إن سرق فيها الفقير أقاموا عليه الحد ولو سرق فيها الشريف تركوه.. ذات الأمر ينطبق على كافة المجالات.. لو مرض الفقير تركوه يموت، ولو مرض فيهم الغني عالجوه.
وواضح من كلام الرسول أن إقامة الحد أمر قديم، لم يأت به الإسلام، إنما هو المستقر عليه في العرف الجنائي الخاص بالعقوبات قديما.. وأن كلام الرسول لا ينصب إلى العقوبة في ذاتها، إنما يمتد إلى الهدف الأشمل والأسمى وهو تحقيق العدل. وإحساس الناس بالتساوي في المراكز القانونية. وبالحياة في دولة ترعى البشر حتى لو كانوا فقراء.
ولا ننسى أنه من مقاصد الشريعة الخمسة الكبرى هو حفظ النفس.. كمقصد أول يتفوق ويسبق في الترتيب حفظ الدين.
الأرقام تشير إلى أن نسبة الأمية تصل إلى 40٪ من المصريين.. ولكن في السجون تجد أن نسبة الأمية ترتفع إلى 80٪. لأن الأمي هو أقل الناس قدرة على كسب لقمة العيش، ومن ثم يلجأ للجريمة. كذلك الأمي هو أقل الناس قدرة على الدفاع عن نفسه أو اللجوء إلى محامي ماهر أو التدخل من قبل بعض الوساطات لإنهاء قضيته.
وبذلك فالأمي لن يجد فرصة عادلة للكسب المرضي، وهو عرضة أكبر للمرض، ولن يجد سرير عناية مركزة، وهو أقرب إلى الإجرام، دون أن يمتلك وسائل الدفاع عن نفسه. ولو تزوج فسينتج أطفالا أكثر بؤسا من حالته، وهو من يقبل أي صيغة للتخلص من بناته.
وبجملة الأرقام مصر في المرتبة رقم142 في جودة التعليم، وهو رقم يبعث على العار الحقيقي. ويرسم ملامح دولة نعيش فيها.
لن أنسى أن أذكر أن بداية آيات القرآن التي أرست القاعدة الأولى لهذا الدين (الذي علّم بالقلم) لنتعرف على الله في وقت مبكر أنه الُمعلم. وأن عبادتنا له تكون بالتعلم. والوسيلة هي القلم. أرقى وأثبت صورة للتعلم. فيكون انتماءنا للدين من بابه الأوسع على صورة عباد متعلمون. يسعون للمعرفة. وكلما زدنا فهما كلما زدنا دينا.
فهل صرنا شعبا متعلما. يحافظ على الإنسان. حتى نكون شعبا متدينا..!
حتى ينضبط التعريف، ما هو التدين..؟
نقلا عن دوت مصر