ماجد سوس
انتهت منذ ايام انتخابات مجلس النواب المصري و قد أسفرت نتيجتها على حصول الأقباط على ستة وثلاثون مقعدا بخلاف ما ستسفر عنه تعينات رئيس الجمهورية و التي سيصدر بها قرارا جمهورية خلال الساعات القليلة القادمة.
ولا شك ان هذا الرقم ، اكبر الظن ، يعد الأكبر في تاريخ تمثيل الأقباط في المجالس النيابية على الإطلاق.
و الظاهرة التي تحتاج الى التوقف عندها كثيرا و دراستها ليست ألكم الذي أنتخب فحسب و إنما الكيف الذي اختير بها النواب الأقباط ، فلأول مرة يفوز الاقباط في الدوائر الفردية و التي يقطن غالبيتها المسلمون.
اعترف أمامكم انني كنت اعتبر القبطي الذي يترشح على المقعد الفردي بمثابة تصرفا يعد ضربا من الخيال و خاصة في حالة دخول الإعادة و التي جرى العادة فيها ان يتكتل مسلمو الدائرة لإفشال المرشح القبطي و مع انتهاء عصر تزوير الانتخابات لصالح مرشح الحكومة فبات من المستحيل التلاعب في الصندوق.
لذا فإن نجاح الاقباط في انتخابات نزيهة بشهادة جميع المراقبين و لاسيما لوجود قاض على كل صندوق حيث يتم الفرز داخل اللجان الفرعية استحال معه تغيير إرادة الناخبين و هو الامر الذي بسببه اضطر الفاسدون بكل اسف الى اللجوء للرشاوي الانتخابية و التي تعد النقطة السوداء الوحيدة التي أصابت هذه الانتخابات وأتمنى لهذه الظاهرة المشينة ان تنتهي في الانتخابات القادمة.
نجاح الاقباط بإرادة شعبية أضاء الأمل من جديد في نفوس فصيل عانى لعقود كثيرة من التهميش و تسرب الاحباط داخل قياداته و شبابه و تحقق حلما كان بعيد المنال و انجلت معه حقيقة سيكشفها التاريخ عن المسئول عن فشل الاقباط في الانتخابات النيابية في التاريخ الحديث و الاستقراء يؤكد على حقيقتين هامتين الأولى ان هناك أيادي خفية شيطانية كانت تعبث في وحدة مصر الوطنية و في اردة شعب .و الثانية ان الشعب المصري العريق فهم حقيقة المتاجرين بالدين و لم يعد يدخل عليهم الكلام المعسول المغلف بالمصطلحات الدينية ، لم يعد يدخل عليهم لا الوسم المسمى بالزبيبة و لا السبحة التي في اليد و لا اللحية التي في الوجه و خسارة الحزب الاسلامي الأكبر في مصر ، حزب النور ، لهي أكبر دليل على ذلك
اليوم و بعد هذا النجاح الباهر الذي حققه الاقباط ، باستحقاق ، نجد أنفسنا امام فرصة وضعها الله امام شعبه قد لا تتكرر ان اهملت او لم تستغل لخدمة الوطن و وحدته الوطنية.
على أعضاء مجلس النواب من الاقباط ان يعوا جيدا جسامة المسئولية الملقاة على عاتقهم فهم يمثلون ، بجانب شعب مصر بكل طوائفه ، يحملون أيضاً على أكتافهم هموم شعب مسلوبة حقوقه و معطل بعضها لسنوات طوال فأمامهم قانون لبناء الكنائس و قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين و أمامهم مواضيع بالغة الحساسية كتهجير الاقباط من منازلهم و اختطاف و اسلمة بناتهم بالقوة . أمامهم مواد ازدراء الأديان و التي تطبق على الاقباط فقط ، أمامهم لجان النصح التي كانت تبيح لرجل الدين المسيحي ان يجلس مع طالب تغيير الديانة قبل التوقيع على وثيقة تغير الديانة و قد ألغيت في عهد مبارك و العادلي أمامهم الكثير و الكثير الذي يحتاجه الوطن لعودة سلامه الاجتماعي و وحدته الوطنية.
لا اطلب من الاقباط المنتخبين ان ينسلخوا عن احزابهم و تكتلاتهم مع اخوتهم المسلمين فلا شك ان نجاحهم كان بسبب تلاحم أصوات الناخبين المسلمين مع المسيحيين فوقوف المسلمون الأفاضل مع مشاكل الاقباط و احتياجاتهم لهو امر ضروريا في غاية الأهمية ، لكني في ذات الوقت ارى انه من الضروري ان يكون هناك تنسيقا ما بين الاقباط تحت القبة ربما هم في حاجة لكتلة غير رسمية او منسق عام للتنسيق بين الأعضاء و لا سيما في الأمور التي تحتاج اتحاد الاّراء و الأفكار و وحدتها من اجل الصالح العام.
المجلس القادم هو مجلس تاريخي على كل المستويات سواء كمجلس تشريعي سيسن قوانين ذات أهمية و تأثير مهم في الحياة المصرية او كهيئة رقابية عليا على اداء السلطة التنفيذية رئيسها و حكومتها بعد توسيع الدستور لمسئوليات المجلس الرقابية كما سيكون لحزب الأغلبية الحق في تشكيل الحكومة الجديدة ، كلها أمور دقيقة تحتاج لبرلمان قوي ينظر لمصلحة وطن انهكته الحكومات و المجالس السالفة.