الأقباط متحدون - سوريا بين حربين 1-2
أخر تحديث ٠٧:٥٦ | الجمعة ٢٥ ديسمبر ٢٠١٥ | ١٥ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٨٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

سوريا بين حربين 1-2

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

مينا ملاك عازر
لا جدال أن تكرار الخطأ من الدول العظمى لا يمكن قبوله إلا في إطار الجريمة المرتكبة مع سبق الإصرار والترصد، وهو ما يجعلنا نعتبر أن استغلال أمريكا لأفكار متشددة وإعادة تصنيع تنظيم كتنظيم القاعدة وهو تنظيم داعش ليرتع في البلاد فساداً ويغتصب النساء ويقتل الرجال ويدمر الآثار والتراث لا يعد إلا جريمة فمن لم يتعظ من انقلاب القاعدة عليه فلا عظة له.

اقترفت الدول التي تقف مباشرة وراء التنظيم الداعشى حماقات كثيرة لا يأتي على رأسها التضامن معه ومده بالسلاح، فهذه التهم فقط تأتي متضمنة لقائمة طويلة من التهم الموجهة لتركيا وقطر لكن ما يأتي على رأسها هو إسقاط تركيا الطائرة الروسية ما قد يجر العالم بأثره لحرب عالمية يلعب فيها السلاح النووي دور فعال وكبير في حسمها اللهم إلا إذا تمتع ساسة هذا العالم المجنون بشيء من الحكمة والحنكة.

على كل حال، رغم أن ما تقدم كان ضروري توضيحه ووضعه في الاعتبار ونحن نختم السنة الأسوء في تاريخ اللاجئين، والمعاملة السيئة الموجهة للنساء والآخر المختلف مع الإرهاب في الدين والفكر إلا أننا لا يمكننا أن نفوت مسألة النقاش حول جدلية ضرورة حسمها وقبل نهاية العام ألا وهي هل الحرب في سوريا حرب واحدة أم حربين؟.

بدايةً الحرب في سوريا حربين أحدهما حرب كرامة فقد بدأت المسألة السورية بتمسك النظام السوري بالبقاء في السلطة وعلى الكرسي وإصرار الثوار بعدم الاندحار والثأر لكرامتهم ولشهداء سقطوا بفعل أمني غاشم وعنيف ضدهم جاء من قبل النظام السوري ثم تطورت المسألة من ثورة لحرب أهلية وهذا ما يجب علينا أن نضعه في الاعتبار، الوصول للحقيقة لن يأتي إلا من خلال تسمية الأشياء بمسمياتها الطبيعية والحقيقية، نعم ما يجري بسوريا حرب أهلية وهذا لا يعني أبداً أن ما في سوريا حرب واحدة فهي في وجهة نظر حرب كرامة بين نظام يريد البقاء وثوار يريدون الخلاص والثأر.

ويبقى أن المحور المحرك لتلك الحرب الأولى هي الكرامة التي تجعل الجميع يصر على موقفه، وفي وسط تلك الحرب يتناسى الجميع الأوطان ولا يحكم أحد عقله وكل واحد ينتظر الآخر أن يحكم عقله، وما يزيد حرب الكرامة توحشاً إسقاط الطائرة الروسية ما جعل كرامة دول كبرى توضع على المحك، فكيف لروسيا لتقبل بأن كرامتها تهان بواسطة دولة صغرى بالمقارنة بها؟ في نفس الوقت لا يمكنك النظر لتلك الدولة الصغرى بالمقارنة لروسيا في معزل عن حلف من أكبر التحالفات العسكرية في العالم وهو حلف الناتو الذي تأبى كرامته أن تترك دولة عضو من أعضائه لتكن فريسة انتقام دولة مهما كانت مكانتها لأن ذلك يمس هيبته وكرامته في الصميم، ومن ثم تقف كرامة روسيا أمام كرامة حلف الناتو في كفتي ميزان ينتظر العالم كله أي الكفتين أرجح، وإن كان الكل يرفع الاكف يتضرع لألا تتطور الحرب هنا لمسألة أوسع من هذا الحد الذي وصلت له لألا تصبح حرب عالمية لا قدر الله.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter