الأقباط متحدون - ماذا يعرف المصريون عن كوبا؟
أخر تحديث ٠٤:٣١ | السبت ٢٦ ديسمبر ٢٠١٥ | ١٦ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٨٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ماذا يعرف المصريون عن كوبا؟

سعد الدين ابراهيم
سعد الدين ابراهيم

 كوبا هى جزيرة تقع فى المُحيط الأطلنطى، على مسافة ستين كيلو مترا من ولاية فلوريدا، فى أقصى الجنوب الشرقى للولايات المتحدة. وهى ذات ثقافة إسبانية، وشعبها، عشرة ملايين، هو خليط من الإسبان ذوى البشرة البيضاء، والأفارقة ذوى البشرة السوداء.

 
وكان يحكم كوبا ، مثل معظم بُلدان أمريكا اللاتينية، نظام عسكرى مُستبد إلى منتصف خمسينيات القرن الماضى. كما كان يسودها نظام شبه إقطاعى، يعتمد اقتصاده على زراعة قصب السُكر، الذى كان يتم تصديره إلى الولايات المتحدة، من خلال شركة احتكارية، هى شركة الفواكه المتحدة (united fruit company)، التى كانت مملوكة لكبار أصحاب الأراضى الكوبيين والمستثمرين من الأمريكيين والأوروبيين. وكان هذا التحالف بين كبار الإقطاعيين ـ المحليين والرأسمالية الأمريكية والأوروبية، أمرا مُعتادا فى معظم بُلدان العالم الثالث ـ مثل الصين وفيتنام والجزائر وجنوب أفريقيا.
 
ولكن مع حركات التحرر الوطنى التى اجتاحت العالم، بعد الحرب العالمية الثانية، اشتعلت ثورة فى كوبا فى أواخر أربعينيات وأوائل خمسينيات القرن العشرين، وقاد تلك الثورة محام شاب هو فيدل كاسترو . وسرعان ما انضم إليه ثوار آخرون من أمريكا اللاتينية. وكان أبرزهم الطبيب الأرجنتينى تيشى جيفارا. واعتكف الثوار الكوبيون بسلسلة جبال سييرا نيفادا، ومنها كانوا يُشنون حرب عصابات على قوات نظام الديكتاتور أرنستو باتيستا.
 
ومع انضمام الفلاحين الكوبيين إلى صفوف الثورة شعر نظام باتيستا بالعُزلة المُتزايدة، ونجح فيدل كاسترو ورفيقه تيشى جيفارا فى دخول العاصمة هافانا، وهرب باتيستا وأركان نظامه إلى خارج كوبا.
 
ومع انتصار الثورة، اتجه كاسترو ورفاقه إلى اليسار أيديولوجياً وإلى الاتحاد السوفيتى والكتلة الشرقية كحُلفاء. وأكثر من ذلك دعا كاسترو الاتحاد السوفيتى إلى تأسيس قاعدة للصواريخ على أرض الجزيرة الكوبية.
 
وكان ذلك أكثر مما تتحمله الولايات المتحدة أو تتسامح فيه، فأرسل الرئيس الأمريكى الشاب جون كينيدى إنذاراً إلى كل من الاتحاد السوفيتى وكوبا، بضرورة سحب تلك الصواريخ، وإلا شيُشن هجوماً ويغزو الجزيرة.
 
وأدرك الاتحاد السوفيتى، بالفعل، خطورة الموقف، فأذعن الرئيس السوفيتى نيكيتا خروتشوف للإنذار، وسحب الصواريخ السوفيتية من كوبا، مُقابل وعد من الرئيس الأمريكى كينيدى بعدم غزو الجزيرة، أو تهديد نظام الرئيس الشيوعى فيدل كاسترو.
 
ولكن هذه الترتيبات بين القوتين العظميين، لم تمنع اللاجئين الكوبيين فى ولاية فلوريدا الأمريكية من مُحاولة غزو الجزيرة. وكان أشهر تلك المحاولات، ما عُرف باسم «حملة خليج الخنازير» التى انتهت بهزيمة مُروعة للاجئين الكوبيين. واستقر نظام كاسترو حاكماً للجزيرة طوال نصف القرن التالى.
 
ومن مآثر النظام أنه قضى على الأمية تماماً، واستحدث نظاماً مُتقدماً للرعاية الصحية، بل أصبح النظام الصحى الكوبى، نظاماً يُحتذى، خاصة فى البُلدان الأفريقية، جنوب الصحراء. كما تبادل الكوبيون والصينيون تجربة الأطباء الحُفاة Bare-Feet-Doctors. وهم الأطباء الذين يدرسون مبادئ الصحة العامة والطب الوقائى. وهو كل ما يلزم لتقديم ثُلثى الخدمات الطبية الأساسية، والتى أسهمت بالفعل فى القضاء على الأمراض المتوطّنة، وخفّضت مُعدلات الوفيات إلى أدنى مستوياتها، حتى مُقارنة بدول العالم الأول.
 
ومع ذلك فرضت عليها الولايات المتحدة حِصاراً اقتصادياً، وحظرت السياحة إليها، وقطعت العلاقات الدبلوماسية معها. وهو ما أدى إلى تدهور الاقتصاد الكوبى. كما أدى إلى هروب رؤوس الأموال والكفاءات.
 
وقد تزامنت تلك الإجراءات العدائية نحو الجزيرة الصغيرة، مع سنوات دراستى العُليا فى الولايات المتحدة. وقد وجدنا أنفسنا كطلبة عرب أكثر تعاطفاً مع كوبا، خاصة بعد أن زار تشى جيفارا مصر، فأسّسنا نحن الطلبة العرب حركة التضامن الشبابية للقارات الثلاث: آسيا وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية. لذلك كنا أكثر حماساً للثورة الكوبية من الكوبيين أنفسهم، خاصة حينما تحول قائد تلك الثورة، فيدل كاسترو إلى الاشتراكية، ثم إلى الشيوعية.
 
وقد فعل كاسترو ذلك إمعاناً فى العداء لأمريكا، أكثر من إيمانه هو ورفاقه بالاشتراكية. ومع ذلك انطوى التحول إلى الاشتراكية على مُصادرة الملكيات الزراعية الكبيرة، وإعادة توزيعها على الفلاحين المُعدمين. ورغم المقاصد النبيلة لذلك الإجراء، إلا أنه أدى فى كوبا، كما فى بُلدان أخرى، إلى انهيار الإنتاج الزراعى، ومحصوله الرئيسى، وهو قصب السُكر.
 
وزاد الطين بِلة بالنسبة للفلاحين الكوبيين، أن الولايات المتحدة قاطعت استيراد السُكر الكوبى، فى أعقاب تأميم كاسترو الشركات الأمريكية الكُبرى، العاملة فى كوبا. وأدى ذلك فيما أدى إليه إلى:
 
1ـ انهيار الإنتاج الزراعى إلى النصف مع أواخر خمسينيات القرن العشرين.
 
2ـ هجرة الفلاحين من الريف إلى المُدن الكوبية (مثل هافانا وسانتا كروز)، أو إلى خارج كوبا، وخاصة إلى الولايات المتحدة.
 
ومع ذلك صمدت كوبا، ونظامها الشيوعى لأكثر من خمسين سنة رغم الحِصار!
 
وعلى الله قصد السبيل.
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع