الأقباط متحدون - هل يئس «السيسى»؟!
أخر تحديث ٠٥:٠٠ | السبت ٢٦ ديسمبر ٢٠١٥ | ١٦ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٨٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

هل يئس «السيسى»؟!

الرئيس عبد الفتاح السيسي
الرئيس عبد الفتاح السيسي

 صدمتنى ابنتى الصغيرة منذ أيام حين سألتنى: «هو ليه يا بابا الرئيس السيسى قال إنه هيمشى لو الناس مش عايزاه، وإن ربنا هيحاسبه على ما فعله، وهيحاسب الشعب على ما عمله معى وكلام كده يعنى»، فأجبت عليها: هناك بعض الناس يخططون للنزول ضد الرئيس فى 25 يناير المقبل، فأذهلتنى بالسؤال التالى: «هو الرئيس السيسى يئس؟!».. أجبتها بعد لحظات من الصدمة والذهول: لا هو ممكن يكون متضايق، لكن مفيش قائد عسكرى ييأس.. خاصة أن إحنا وهو ليس أمامنا حل آخر!!

 
أسئلة ابنتى البسيطة حركت بداخلى استفهامات أعمق حول لماذا قرر إطلاق هذا الكلام، الذى أثار جدلاً كبيراً وإحباطاً لدى أنصاره، وهم كثر: هل يحاول الرئيس شحن الهمم مرة أخرى، أو شحن بطاريات العمل لدى المصريين، أو دق ناقوس الخطر؟ أم هو جاد فيما يقول، وهل يعتقد الرئيس أن الناس تقيمه على أدائه فقط؟ فهو رجل مخلص، وطنى، صادق، مؤدب، لا ينام إلا ساعتين، أما أن الشعب «وهذا حقه» يحمّله مسئولية كل ما يحدث فى مصر من أول تجاوزات الشرطة، تردى الأداء الحكومى، الفساد، التراجع الاقتصادى، الانتخابات ونتائجها، وحتى الانفلات الإعلامى.
 
المشهد السياسى يعكس حالة «سيولة»، هناك اختيارات خاطئة وبطء فى اتخاذ القرارات وتخبط رغم النجاح الكبير فى بعض الملفات، أبرزها: الكهرباء، الغاز، التسليح، قناة السويس، الطرق، ومع ذلك هناك تراجع فى معدل ثقة الناس بالمستقبل، وأعتقد أن تلك الإشكالية تمثل التحدى الأكبر أمام الرئيس، ونظامه، فالشعب الذى استدعاه خوفاً من المستقبل يتمنى أن يطمئن إلى الغد فى ظل اضطرابات إقليمية ودولية غير مسبوقة، وهذا لن يتأتى إلا بخروج الرئيس لإعلان الحقائق كاملة، ليضع الجميع أمام مسئولياته، وإنهاء التعامل بنظام حسن النوايا، وإعمال مبدأ الثواب والعقاب، وتوسيع دائرة اختيار القيادات، فليس من المعقول أو المنطقى أن تشمل حركة المحافظين حوالى 50٪ من هؤلاء الذين تم تعيينهم منذ 10 أشهر فقط فى حركة استغرق إعدادها عدة أشهر، وأثار محافظوها الجدل من اليوم الأول، بداية من الإسكندرية وبورسعيد والشرقية، وغيرها، بدليل أن الاختيارات لم تكن على المستوى المطلوب من بدايتها، فلا مجال للزعم بأن لكل مرحلة رجالها، أو أن هناك تطويراً فى الأداء، فمن قدموا الاختيارات باعوها للرئيس وقتها تحت شعارات الشباب والتنمية، والبعد عن الجنرالات، فجاءت النتيجة أسوأ مما يتخيل أحد.. ودفع الرئيس من شعبيته، بينما لم يحاسب أصحاب الأفكار والاختيارات الخاطئة.. والأغرب أن هؤلاء المحافظين اعتقدوا أن الطريق للبقاء هو جولات الشو الميدانية، تلك الثقافة التى انتشرت بعد 30 يونيو، ولم تجلب سوى العشوائية، فترى محافظ الجيزة السابق فى جولات منذ إعلان بدء حركة التغييرات، ود. رضا عبدالسلام، محافظ الشرقية يذهب لضبط السائقين الهاربين من العمل متلبسين، ويستعرض أمام الكاميرات: «أنا بتسول مرتباتكم»، وحتى د. سعاد الخولى، نائبة محافظ الإسكندرية والطامحة إلى منصب المحافظ، تخرج أمام الكاميرا، لتهين مدرّسة «ولا مِس ولا زفت»، وغيرهم.
 
قرارات التغيير تحتاج إلى سرعة فى اتخاذ القرار، فالوطن لا يحتمل انتظار حركة محافظين أو وزراء، فيجب طرد الفاشل أو الخائب فوراً دون تفكير، لأن الجهاز الإدارى هو إحدى أهم أدوات الرئيس فى العمل، فإذا أجاد استحسن الناس أداء الرئيس، وإذا أخطأ أو فشل، حاسب الرئيس على «المشاريب» من شعبيته، فالناس بعد عامين ونصف العام «نهاية الولاية الأولى للرئيس» لن تتذكر المحافظ الفلانى، أو الوزير العلانى، سيتذكرون فقط من انتخبوه وهو الرئيس السيسى، وبالتالى يجب عدم الإفراط فى حسن النوايا، وبذل جهد أكبر فى اكتشاف الكفاءات ووضع آلية مستقرة لاختيارات الوزراء والمحافظين، فليس من المنطقى أن تتم كل حركة بطريقة مختلفة، وكأننا نخترع العجلة.
 
على الرئيس السيسى أن يخرج للشعب، ليشرح الحقائق، وأين تقف مصر، وبماذا تحلم، وما المطلوب من الشعب، فهناك حالة من تضارب الأحلام، شباب يحلم بالمستحيل، وآخرون يعقدون مقارنات مع دول كبرى.. وأقلية تستوعب الواقع المر، وليعلم الرئيس أن قادة الشركات العالمية أصبحوا يكتفون بوضع الخطط، واختيار الكفاءات والإشراف على التنفيذ، ولا يتدخلون فى كل التفاصيل.
 
ما أنجزه «السيسى» كثير.. وما تحتاجه مصر أكثر.. والمؤامرات تحيط بالبلد من كل جانب.. ولن تنجح إلا بالتكاتف والوحدة، وهذا لن يتأتى إلا بشرح الواقع وبناء وعى عام قوى، وحسن الاختيار ووضوح الرؤية، فلا مجال للضيق أو الغضب، لأن الرهان على الرئيس كبير فى بناء الدولة، وهذا لن يتأتى إلا بزراعة الأمل، واطمئنان المصريين على المستقبل، حتى لا تسألنى ابنتى الصغيرة مرة أخرى: «هل يئس السيسى»؟!
نقلا عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع