ودع العرب عاما قاسيا على جميع الصعد وظهرت نوافذ أمل في نهاية العام الماضي في بعض البلدان لكنها مازالت غير كافية لتحقيق الاستقرار المنشود.
ومع احتدام القتال في سوريا والعراق واليمن وليبيا عبر أكثر من مليون لاجئ البحر بقوارب موت من أجل الوصول إلى أوروبا والهروب من جحيم الحروب. وسلطت صورة الطفل إيلان السوري الضوء على مأساة اللاجئين من العراق وسوريا.
واستدعى نمو خطر تنظيم "داعش" الإرهابي تدخلات أجنبية، وتحولت أراضي العراق وسوريا إلى ساحات للمعارك لإنهاء "دولة" أغنى وأخطر تنظيم إرهابي في العالم.
وبالرغم من تسجيل بعض الإنجازات، وتراجع مناطق نفوذ "داعش" فإنه مازال يسيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا، واستطاع توسيع دائرة عملياته ووجوده في أوروبا وشمال وغرب إفريقيا، إضافة إلى بلدان الخليج العربي.
سوريا.. توسع "داعش" وآمال تسوية سياسية
كان العام 2015 الأقسى منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس/آذار 2015، وتواصل القتال على طول الخريطة السورية، وهيمنت أنباء تحركات "داعش" على المشهد السوري، ففي بداية العام فاجأ التنظيم العالم بمناظر القتل الوحشية للطيار الأردني معاذ الكساسبة بحرقه حيا. واستطاع تعويض خسارته في عين العرب (كوباني) بالتمدد نحو مدينة تدمر الاستراتيجية.
فيما واصلت جبهة النصرة والتنظيمات الإرهابية الأخرى تقدمها في شمال غرب سوريا واستطاعت السيطرة بالكامل على محافظة إدلب. وفي الجنوب تواصلت المعارك في محافظتي درعا والقنيطرة. واستمرت المعارك في غوطة دمشق وقبل نهاية العام بأيام قتل قائد "جيش الإسلام" زهران علوش المسؤول عن أغلب عمليات استهداف دمشق بالقذائف والصواريخ.
احتدام المعارك وتقدم "داعش" استدعيا تكثيف غارات التحالف الدولي، وفي نهاية سبتمبر/أيلول دخلت روسيا على الخط وبدأت عملياتها لمحاربة الإرهاب بالتنسيق مع الحكومة السورية. وحملت نهاية العام نافذة أمل عبر توافق دولي أسس له القرار 2254، وأقر العالم خريطة طريقة لمدة 18 شهرا من أجل إنهاء الاقتتال والتوصل إلى حل سياسي للأزمة عبر حوار بين المعارضة والحكومة، يفضي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي ويمهد لصوغ دستور وانتخابات جديدة.
وبالرغم من الانفراج المحقق بسبب التوافق الدولي فإن الآمال في أن يكون عام 2016 عام السلام في سوريا مازالت ضعيفة، والأسباب هي تضارب الأجندات الإقليمية والدولية للبلدان "المستثمرة" في الأزمة وعدم الاتفاق على تصنيف واضح للتنظيمات الإرهابية، وطريقة العمل الجماعي لمحاربتها، ففي سماء سوريا وعلى أرضها يعمل أكثر من تحالف. كما أن الغموض الذي يلف القرار الأممي 2254 يمكن أن تعطل التقدم نحو التسوية السياسية.
العراق.. انحسار "داعش"
العراق شهد عمليات كر وفر مع "داعش" فبعد تحرير بعض المدن فاجأ التنظيم العالم بالهجوم على الرمادي والاستيلاء عليها في منتصف العام قبل أن تشن الحكومة بمساندة رجال العشائر هجوما واسعا وتحرر أجزاء واسعة من المحافظة الاستراتيجية غرب البلاد واستطاعت قوات "البيشمركة" الكردية تحرير جبل سنجار بمساعدة التحالف الدولي.
وتمكنت القوات الحكومية بمشاركة قوات الحشد الشعبي من تحرير تكريت، ما تسبب لاحقا فيما وصفه البعض باحتقان طائفي. وفي نتيجة العام انحسر نفوذ "داعش" كثيرا، وتتجه الأنظار إلى مدينة الموصل لتحريرها من قبضة "دولة البغدادي".
وفي الجانب السياسي خرجت تظاهرات واسعة في بغداد ومدن الجنوب ضد الفساد وسوء الإدارة. ومع تراجع أسعار النفط تقلصت موارد العراق بنحو 60 في المئة، ومع توقعات تراجع الأسعار في عام ألفين وستة عشر، فإن ضغوطا كبيرة سوف تواجهها موازنة 2016، وقد تؤثر في زيادة النقمة الشعبية، وجهود محاربة "داعش".
اليمن.. الحوثيون وعاصفة "حزم" و"أمل"
شهد العام الماضي توسع الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء، وتابعوا تقدمهم إلى معظم مناطق الجنوب. وأجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي على الفرار إلى عدن ومن ثم إلى خارج اليمن قبل العودة إليها مرة أخرى لقيادة الحكومة.
وفي مارس/ آذار أطلقت السعودية مع بعض البلدان العربية حملة لمحاربة الحوثيين تحت مسمى "عاصفة الحزم" وبعدها تعلن السعودية عن نهاية العملية الأولى والبدء بحملة "إعادة الأمل". وعلى الرغم من انحسار مناطق نفوذ الحوثيين، فإن أفقر بلد عربي شهد أوضاعا مأساوية من ارتفاع نسبة الفقر، وغياب خدمات الكهرباء والمرافق العامة.
ويتواصل حصار مدينة تعز وسط ظروف في غاية الصعوبة على المدنيين. ولم تستطع القرارات الدولية والجهود الأممية المتواصلة من تخفيف المعاناة ووضع حد للاقتتال في السنة الماضية. وفي نهاية العام فتحت نافذة أمل صغيرة مع إطلاق مفاوضات بين الحكومة والحوثيين برعاية أممية في جنيف، لكن التقدم كان محدوداً وغير كاف لبث أمل بنهاية مآسي اليمنيين بانتظار جولة جديدة في منتصف الشهر الحالي.
وبعيدا عن توقعات المنجمين والفلكيين فإن العرب بانتظار عام صعب، فالصراعات سوف تتواصل في سوريا والعراق واليمن وليبيا، والأعمال الإرهابية ستبقى سيفا مسلطا على حكومات مصر والسعودية والكويت وغيرها.
ومع تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية بنحو الثلث وتوقعات بمزيد من التراجع، فإن ضغوطا إضافية سوف تواجه بلدان الخليج العربي التي اضطرت إلى تقليص موازناتها، والتخفيف من برامج الدعم ومشروعات البنية التحتية.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.