الأقباط متحدون - الغرق والحرق
أخر تحديث ٠٥:٢٤ | الأحد ٣ يناير ٢٠١٦ | ٢٤ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٩٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الغرق والحرق

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
د. مينا ملاك عازر
لِأن الطباق يبرز المعنى ويوضحه، ولِأن الفرق بين ما يحلم به المرء وما يعيشه قد يكون هو نفسه الفرق بين ما يعيشه هو وما يعيشه الآخرون، تستطيع أن تدرك كل هذا من خلال هذين الحادثين المؤسفين اللذان جرى في ختام العام المنصرم لكي يوضحان لك كيف حالك؟ وأين أنت؟ وكيف حال غيرك؟ وأين هو؟ وأنا أقف على هذه السطور أتكئ على ماضي تليد وغيري يقف على أعلى البرج يتكئ على مستقبل مجيد، والفرق بيننا في أنه حلم وعمل على تحقيق الحلم، وأنا حلمت فأصبح الحلم كابوس.
 
في نهر النيل العظيم الذي يبدو أنه شفقة بنا تحاول أثيوبيا تجفيفه لإنهاء أزمة غرق المعديات كحل من الجذور نفشل نحن في تحقيقه، غرقت معدية جديدة في كفر الشيخ غرق فيها الكثيرون من الضحايا وصل عددهم قرابة العشرون ضحية لقارب به واحد وعشرين ضحية، وإن لم يموتوا كلهم فرغم هذا كلهم ضحايا، لأن الحكم عليهم بأن يركبوا قارب بمجداف ليعبروا به النهر في زمن الآلة البخارية مخترعة منذ أكثر من مائتي عام لا يمكن حينها وصف هؤلاء الركاب إلا بأنهم ضحايا، ولأنهم يركبون قارب لا يقوى على حمل إلا سبع أفراد، فيحمل ثلاث أضعاف حمولته فلن يمكننا وصفهم إلا بكونهم ضحايا غرقوا في النهر وهم يعبرون من ضفة لأخرى، في حين أنهم لم يكونوا يطمحون بأي حال من الأحوال في العبور من ضفة بحر لضفة أخرى من البحر كهؤلاء المهاجرين غير الشرعيين أو اللاجئين الفارين، لكن هؤلاء الضحايا انتقلوا من ضفة لأخرى حيث الراحة من عذاب دولة تعد ولا تقوى على الوفاء، تدعي الحماية ولا تقوى على القيام بدورها.
 
في نفس ذات التوقيت وفي الناحية الأخرى من العالم الافتراضي الذي نعيشه، وفي دبي تحترق بناية أكثر من 48 دور ولا يصاب أحد منهم بخدش، رجال الحماية المدنية ينقذوهم، والناس تستمر في احتفالهم برأس السنة عادي جداً، أما نحن فحكومتنا تنكد علينا بفشل مبالغ فيه في الإنقاذ وفي سبب الوفاة، وهذا هو الفرق بين دولة تحاول إنقاذ من بها وأخرى تحاول إنهاء حياة من بها.
 
وبين الغرق والحرق يكمن الفرق بين دولة كان لها حضارة وأخرى تريد أن يكون لها حضارة فتعمل على هذا، وتسعى له، وأنا من فوق كيبوردي هذا أدعوك للترحم على الضحايا وعلى القانون وعلى ضمير إبراهيم محلب الذي لم ينفذ حلمنا بتغيير الأوضاع في النيل منذ غرق المعدية السابقة وعلى ضمير شريف إسماعيل الذي لا أظن أنه سيحرك ساكناً لكي يمنع غرق المعدية القادمة، وربنا يستر.
 
المختصر المفيد حسبي الله ونعم الوكيل.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter