كتبها Oliver
ها قد فرد الصياد شبكته.تاركاً إياها في بحر العالم .من شاء أن ينجو فليترك نفسه ليكون صيد المسيح.ها قد أرسل الآب إبنه إلي العالم.فرأيناه متجسداً.يجمع الكل في تجسده و لا زال يجمعنا.
ما أجمل ميلاد المسيح الذي جمع الأرض و السماء معاً في المسيح
طبيعة اللاهوت الذي لا يدركه الأرضيون متحداً مع طبيعة الناسوت الذي لم يكن يعرفه السمائيون .
في مولدك العجيب صارت الملائكة في الأرض و إله السماء في الأرض و إنسان الأرض في المسيح المتجسد. نزلت نجوم السماء لترشد الأرضيين عن مولد المسيح في الزمان . لقد إجتمعت الأرض بالسماء.
كذلك إجتمع الشرق بالغرب.ففي الميلاد جاء ملوك الشرق أي المجوس إلي المسيح ثم هرب المسيح من الشرق إلي الغرب حيث جاء إلي مصر.ثم عاد بعد موت هيرودس ليسكن في الشرق آخذاً في جسده الشرق و الغرب.فإجتمع الشرق بالغرب في مولده .
في مولدك إجتمعت الملوك أي المجوس مع الرعاة البسطاء. إجتمع رؤساء الكتبة و الكهنة مع هيرودس .في مولد المسيح كان إتحاد بأشكال متعددة.
في ميلادك إجتمعت الطبيعة ( نجم في المشرق) مع الحيوانات(بقر و خراف في المزود) مع البشر الأبرار فكأنما في مولدك تصنع خليقة جديدة نعم في المسيح وحده تتصور كل خليقة جديدة.
في مولدك إجتمع اليهود (العائلة المقدسة) مع الأمم(المجوس) فكان اللقاء الحميم الذي ما كنا نجرؤ حتي أن نشتهيه.لقد إتحدت تحت أقدام المسيح المولود اليهود و الأمم معاً.فيه صار الجميع شركاء في أصل الزيتونة و دسمها.حتي التي كانت أغصان شاردة مثلنا.لما ذهب المسيح إلي مصر كمن يأتي بالقديم و يعود به إلي أورشليم حيث يوجد الإنسان الجديد كأن المسيح يجمع القديم مع الجديد.
في مولده العجيب إجتمع الطفل يسوع مع الشيوخ الأبرار(يوسف البار –حنة النبية و سمعان الشيخ) و الشباب الأبرار(العذراء و سالومي) و أطفال بيت لجم الأبرار .
في المسيح إجتمع البعيدون ( المجوس ) و القريبون( الرعاة).في المسيح تصنع الأسرة السمائية الجديدة.
في المسيح ترسم الطبيعة الحية بدلاً من تلك الفاسدة التي ماتت.حين إتحد الحي بالمائت صار رجاء للجميع أن يحيا إلي الأبد.ما هو المائت أيها الأحباء إلا الإنسان الضعيف الذي صارت طبيعة المسيح سر قوته.
ثمار التجسد
في الميلاد تتغير لغة الأرض.كما يتغير حالها و أيضاً الساكنين عليها.فالمجد صار ينطلق من الأرض للسماء و هو ما كان محجوباً عن الجميع.لغة المجد صارت متاحة للأرض كما في السماء.لذلك سجدت له أمه و خطيبها و سالومي و سجد له الرعاة و المجوس و.صار للمجد طريقاً.لغة الأرض تدهنت بالمجد.
كما تغير حال الأرض.صار عليها سلام و هي لم تعرف السلام منذ أخطأنا منذ عصينا الوصية و صارت لنا الأرض لعنة حين تعدينا علي كلمة الله.فلما جاء الكلمة بنفسه عاد السلام للأرض.ليس سلام من الخارج فقط كالذي تتفاخر به بعض البلاد و الممالك بل سلام في النفس و الجسد و الروح .هذا ما لم تكن الأرض تعرفه من قبل.إنه سلام المسيح.و مَن مِن الناس سمع عن سلام المسيح قبل تجسده؟هذا الحال الجديد للأرض أو الحال الجديد للقلب هو ثمرة من ثمار التجسد.
و كما تغيرت لغة الأرض و حال الأرض تغير أيضاً سكان الأرض.إذ في المسيح المتأنس عاد للإنسان سلطته.ففي سلطة المسيح علي كل شيء نصيب لنا نحن معه في سلطانه علي كل شيء.لا نزاحمه سلطانه و لا نقدر أن نأخذ من سلطانه إلا بقدر ما نترك أنفسنا له و ندعه يعمل بنا و معنا و فينا.فللمسيح المتجسد مجد عظيم و نحن كوننا عاريين من كل مجد ندخل في الإتحاد الذي تم فيه بين طبيعته غير المحدودة و طبيعتنا المنجذبة إليه بالروح القدس.إذ صار إنساناً صرنا نحن في الإله المسيح المولود و سنبقي دواماً فيه بغير إنقطاع ولا تراجع أو إنفصال طالما كنا نشتهي البقاء فيه و نحرص علي ذلك بمعونة سماوية.
صليب في المزود
وكما كان في مولده قطيع صغير يلتف حول مزوده حولهم دائرة من الذئاب الباحثة عن الحمل لتلتهمه هيرودس و جنده و الكهنة و رؤساءهم و الكتبة و المنجمون.هكذا في الصلب كما في الميلاد نجد جماعة المتربصين بالمسيح..
في مولده عرياناً بأقمطة علي مزوده الخشبي و في صلبه عرياناً مقمطاً ً علي صليبه الخشبي.
في مولده مطارد و في صلبه مضطهد .
في مولده يهرب إلي مصر كأنما يصلب فيها ثم يعود إلي أورشليم فيصلب هناك .مصلوب في مصر و في أورشليم .
في مولده العذراء مرهقة و عند صلبه العذراء منهكة و في قلبها سيف.
في مولده ملوك تخشع و في صلبه ملوك تفزع. في مولده يخشي ملك علي عرشه و في صلبه يخشي ملك علي عرشه.و في الميلاد و الصلب كان الظن و الخوف من صاحب العرش السماوي أن يطمع في العرش الأرضي؟؟ و لم يسمعوا في الحالتين رد المسيح.ففي مولده قال الملاك عنه أن إسمه يسوع لأنه يخلص العالم من الخطية و ليس من أي حكم أو نظام. في صلبه قال بنفسه مملكتي ليست من هذا العالم...و رغم ذلك لا زالت ملوك كثيرة تخشي منه علي عروشها؟؟؟
العذراء الشاهدة
في الحمل به كانت العذراء وحدها تشهد به و تؤمن به فصار لها كقول الملاك و مدحت العذراء مريم لأنها آمنت بما قيل لها من قبل الرب.كانت العذراء تحمل في قلبها أسراراً و إيماناً لم تكن تتسع له الأرض بعد.
لم يكن إختيارها صدفة و لا مكافأة سريعة لإنسانة بارة بل كان تحقيقاً لنبوات كثيرة .و لما جاء ملء الزمان جاءت معه التي قيل عنها هوذا لعذراء تحبل و تلد إبناً و يدعي أسمه إلها قديراً..لقد إنتظرت السماء مجئ العذراء كما إنتظرت الأرض مجئ المسيح.و هكذا إلي الآن.إنتظر الرب لأن الرب ينتظرك.
كانت الشاهدة الوحيدة للحديث الباطني الذي يدور بينها و بين الإله الساكن في أحشاءها ينتظر أن يولد منها إنساناً.و يوجد حديث شبيه يدور بين كل نفس تحمل المسيح داخلها حديث لا تعبر عنه الكلمات.فتكتفي أن تفعل كالعذراء و تحفظ كل الأمور في قلبها.فأنت أيضاً الشاهد الوحيد علي عمل الله معك و فيك.
كانت العذراء الشاهدة الوحيدة علي هؤلاء الذين كانوا يأتون و يخرون أمام طفلها المقمط في المزود.كانت بكل ثقة تعرف أنه ليس فقط طفلاً بل إلهاً قديراً عجيباً مشيراً.و من شهد مثلها هذه الأعاجيب؟
كانت الشاهدة الوحيدة علي رحلة هروبه إلي مصر.طبعاً مع يوسف البار .و كانت تري منه ما يؤكد ثقتها فيه كإله.و ما يؤكد طبيعته العجيبة يسوع المسيح وحيد الجنس.الذي ليس مثل جنسه أحد آخر.
كانت العذراء الشاهدة الوحيدة لإعلان قدرة إبنها الإله الوحيد الجنس حين دار بينها و بين المسيح حديث عجيب قبل تحويل الماء إلي خمر...حين قال لها لم تأت ساعتي بعد.و كأنهما تحدثا فيما قبل عن ساعة الخلاص التي أعدها رب المجد بالفداء.كانت الشاهدة الوحيدة التي تعرف قدرته في عرس قانا الجليل.و ربما كانت تعرف أكثر مما يعرف الجميع عن ساعته التي لم تأت بعد.
و رغم أنه عند صلبه و موته كان محاطاً بالكثيرين لكن العذراء كانت لها لغتها الخاصة و رؤيتها المتفردة كأم المصلوب.كان للعالم في صلب المسيح رأي.و كان للأبرار رأي و للأشرار أيضاً رأي في صلبه أما للعذراء فكان سيف في قلبها فكانت الشاهدة الوحيدة و المشاركة الوحيدة لآلام المسيح من كل قلبها.
لذلك يحق علينا حين نحتفل بميلاد رب المجد أن نمتدح أمه البارة و نتمثل بإيمانها العظيم.
تهنئة
لقد تجسد الله الكلمة لكي يعبر عن محبته للعالم و يخلصه .و حان الآن دورنا أن يتجسد إيماننا في المسيح لكي تصل للعالم رسالة الخلاص.حان دورنا لكي تتجسد محبتنا بعضنا لبعض.فالتجسد ليس حدثاً وقتياً إنتهي لكنه فعل مستمر و سيستمر.لقد صعد المسيح بجسدنا لكي يدخله إلي السماويات لكنه أعطانا روحه هنا لكي ندعو الآخرين كي يتذوقوا مجد المسيح معنا.فالمحبة تتجسد في المصالحة.نصالح بعضنا بعضاً و نصالح الناس مع المسيح.لأجل هذه المعاني و الحقائق السامية أهنئك أنت إبن هذا الميلاد المجيد و إبن بركات التجسد و إبن عمل الروح القدس في الطبيعة البشرية الجديدة.
سلام ميلاد المسيح و فرح الرعاة الذين رأوا نجمه و تهليل المجوس الذين قدموا له الهدايا فليكن معك و فيك و لك مع كل الأسرة و كل من هم حولك.تهنئتي لكم بميلاد مبارك و عام مفرح يكون للمسيح فيه النصيب الأعظم و يكون نصيبكم في المسيح غير محدود.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع