سامي فؤاد
كانت ترمقه بنظراتها عندما أطرق برأسه سريعاً إلي الأرض وظل في سيره ، حتى نادته بأسمه تردد قليلاً هل هذه الفتاة التي تسير بخلاعة وصاحبة النظرات الثاقبة هي من تناديه وهل يحق له وهو الواعظ الورع أن يقف أم يكمل سيره ، وسرعان ما تذكر أنها قد تكون في حاجة له والواعظ طبيب لتلك النفوس الضعيفة قبل القوية لحظات قليلة ولكنها مرت كالدهر فهو قروي بسيط لم يري من النساء إلا أمه وشقيقاته وكل نساء القرية مثلهن ولم يشتم منهن إلا رائحة الحقول فمال تلك المرأة المعطرة بمثله ، ولماذا تقسو عليه تلك المدينة بحدث كهذا من أول يوم له بها ، كل هذا أنساه أنه غريب عن المدينة فكيف عرفت الفتاة أسمه ؟ ضحكت الفتاة كثيراً عندما سألها ماذا تريدي يا بنيتي ؟
وذكرته بنفسها ولعبها معه ومع الأطفال عندما كانت تزور جدتها في القرية تذكرها ورحب بها وهو مطأطأ الرأس خجلاً وعلمت منه بعد أن سألته أنه يسكن في هذا المكان وأشارت له أنها تسكن في نفس الشارع وأشارت له علي منزل أجابها بالترحيب دون أن يري إلي أي مكان أشارت ، سرعان ما ذاع صيته وسيرته الحسنة في الحي والأحياء المجاورة فهو شاب صغير السن ولكنه يحمل وقار وحكمة الشيوخ وعادت الفتاة تناديه وتسأله ويجيبها وأباحت له بسر المنزل الذي تسكنه وأعلنت له رغبتها العارمة في أن تغادره فقد شعرت معه بمرارة وحل الجسد الذي تعيش فيه وتذوقت لأول مرة متعة النفس ساعدها وأعلن لها عن موافقته أن يساعد كل رفيقاتها اللواتي يرغبن في هجر هذا المنزل ،
نبهته أنها تخشي عليه من دخول المنزل حتى وإن كان للعظة فإن شياطين المتعة واللذة كلهم بداخله وكثيرين من ظنوا أنهم إن دخلوا سيعبروا ويسبحوا إلي خارجه لكن كانت تقذفهم الأمواج ثانية إلي داخلة ، ثم أردفت باكية سيدي كم تذكرت أمي وتذكرتي براءتي وفكرت أن أعود أرتمي في حضنها ، وكم قضيت يومي باكية حزينة أشعر أني أختنق بين هذه الجدران ولكن سرعان ما كنت أعود وإن تأخرت قليلاً عن العودة فلأني في منزل آخر يشبه حتى رأيتك وتأثرت بكلماتك وقررت أن أخرج بلا عودة إلي هذا المنزل أو أي منزل يشبهه ، أبتسم لها مؤيداً ومحفزاً علي توبتها وذكرها بنفوس تمد يدها من بين أمواج الظلام بالمنزل وتنتظر من يغيثها ، وكان يوماً لا ينسي دخل المنزل وخرجت الفتاة ولم تعود وخرجت أخريات ولم يعدن حتى جاء هذا اليوم الذي لم يعد أحد يلحظ خروج أحداهن ولا خروجه من المنزل