الأقباط متحدون - طاقة الأمل فى خطاب السيسى
أخر تحديث ١٢:٥٠ | الاثنين ١٨ يناير ٢٠١٦ | ٩طوبة ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨١١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

"طاقة الأمل" فى خطاب السيسى

بقلم منير بشاى
 
المتأمل فى أحوال مصر فى هذه الايام يتعرض للاحباط.  وقد اصابنى شىء من هذا عبرت عنه فى  مقالى الاخير بعنوان "عيب أووووى".  لقد راعنى ان لا نزال نتكلم عن شرعية تهنئة المسيحيين بالعيد من عدمه، بينما كان يجب ان نتخطى هذا بزمان ونصل الى التكاتف معا لبناء مصر الجديدة.  صدمنى ان ارى رئيس الجمهورية بنفسه يتكلف عبء الذهاب الى الازهر ليطلب من الاخوة المسلمين ان يهنئوا المسيحيين بعيدهم.  ولم يكن غضبى موجها ضد الرئيس ولكن ضد ما وصلت له الامور التى جعلتنى احسس بالمهانة للدرجة ان يطلب رئيس الجمهورية نيابة عنا الى شركاء الوطن ليتفضلوا علينا بتهنئتنا بالعيد.  وكان رد الفعل عندى وعند الكثيرين "بناقص"،  فنحن نرفض ان نقبل تحية انسان كنوع من التعطف والتنازل.
فى مقالى اليوم لن احاول تغيير كلامى فالواقع على الارض لم يتغير.  ولكن الذى يجب ان يتغير هو طريقة التعامل مع هذا الواقع.  فهل ما نحتاجه ان نكرر مع سعد زغلول مقولته الشهيرة "مفيش فايدة" ونكتب بايدينا نهايتنا الماسوية؟  ام نتعلق بشعاع الامل لعل الايجابية تصبح مثل العدوى التى تنتشر وتحيى الامل فينا من جديد؟
فى خطابه الاخير فى الكاتدرائية تحدث الرئيس السيسى عن الامل فقال "احنا المصريين، احنا بنتكلم كلام بنسطر للعالم دلوقتى وبنفتح طاقة أمل".  طاقة الامل هذه هى البداية لاى نجاح وبدونها لن يكون هناك حتى مجرد المحاولة.  دعنا نترك المحبطات جانبا ونتعلق بشعاع من طاقة الامل التى فتحها لنا الرئيس السيسى فى زيارته للكاتدرائية منذ ايام.
1- فى طاقة الامل وجدنا الرئيس يجعل من نفسه قدوة.  طالب الرئيس جموع المسلمين ان يهنئوا الاقباط بالعيد ولكنه لم يتوقف عند الكلام.  فما قاله لهم نفذه هو عمليا فذهب للاقباط للمرة الثانية ليقوم بالتهنئة فى سابقة لم يعملها قبله أى رئيس سابق فى تاريخ مصر.  الحرص فى ان يكون قدوة معناه اننا نتعامل مع انسان مخلص يعمل بما يعظ به وهو شىء يستحق عليه التقدير والاحترام مع الثقة.
2- فى طاقة الامل وجدنا الرئيس يتكلم عن قيمة الاتحاد.  قال الرئيس " عاوز اقولكم ان احنا انشا الله هنبنى بلدنا مع بعض وهنسمع بعض وهنحب بعض وهنحب بعض بجد" فالاتحاد الذى تكلم عنه الرئيس ليس مجرد شعارات فارغة ولكنه رابطة حقيقية اساسها التفاهم والفهم (هنسمع بعض) وركيزة هذا الاتحاد هى المحبة، ليست المحبة الريائية التى تردد كلمات جوفاء بينما ما فى القلب باق فى القلب، ولكن المحبة الصادقة (هنحب بعض بجد).
3- فى طاقة الامل أكد الرئيس ان الاختلافات بين الناس شىء طبيعي.  قال الرئيس "ان الاختلاف من سنن الحياة.  واضاف "من سنن ربنا سبحانه وتعالى التنوع والاختلاف.  ربنا خلقنا اشكالا والوانا وديانات ولغات وعادات وتقاليد مختلفة، ولا يستطيع احد ان يجعل الناس كلهم شيئا واحدا"  الاعتقاد السائد عند البعض هو انه اما يصبح الناس جميعا مثلهم او يقاتلوهم ويقتلوهم.  هنا وجدنا الرئيس يشجع التعايش المشترك رغم الاختلاف الذى وصفه بانه تنوع يضيف ويثرى ويساعد على فهم الابعاد التى قد تكون خافية.
4- فى طاقة الامل وجدنا الرئيس يعتذر للاقباط.  وهذه سابقة لم نراها فى رئيس سابق لمصر.  كان السيسى قد وعد ببناء ما احرقه المتشددون بعد فض اعتصام رابعة.  ومن وقتها تحاول الدولة تنفيذ ما وعدت به ولكن الامر استغرق اكثر مما كان متوقعا.  وفى هذه الاثناء عانى بعض الاقباط كثيرا حيث اضطروا الى الصلاة فى العراء.  وجاء اعتراف الرئيس السيسى بالمشكلة مطمئنا، اما اعتذاره فكان يعكس تواضع الرجل وشجاعته واصالة معدنه فالاعتذار عمل لا يستطيع القيام به سوى الاقوياء.
5- فى طاقة الامل وجدنا الرئيس يعترف بدور الاقباط ويقدره.  قال الرئيس "اصلاح الكنائس ليس تفضلا منا وانما حق لكم".  واضاف "لن ننسى ابدا الموقف الوطنى المشرّف العظيم للبابا تواضروس خلال تلك الفترة" وكان قداسة البابا قد فوت على الجماعة المحظورة مخططهم فى ان يجروا الكنيسة الى صدام مع الدولة نتيجة الاعتداءات التى اسفرت عن حرق اكثر من 80 كنيسة فى يوم واحد.  فطن قداسة البابا للمخطط اللئيم وقال قولته المشهورة "وطن بلا كنائس افضل من كنائس بلا وطن".  ومن ناحيته التزم الشعب القبطى بنفس الشىء.  وفى بلاد المهجر لم يقم اقباط الخارج بأى احتجاجات ضد الدولة.  بل قاموا بعدة احتجاجات ضد الحكومات التى تلوم مصر ونشروا الاعلانات المدفوعة الأجر لتوعية حكومات وشعوب دول الغرب وشرح ما حدث فى مصر على انه ثورة شعبية وليس انقلابا عسكريا، وان دور الجيش كان مجرد تنفيذ لارادة الشعب.
نعم، الاحوال فى مصرليست وردية.  وبالتأكيد امامنا طريقا طويلا وشاقا لاعادة بناء ما تدهور من اوضاع فى عهود سابقة كان يطغى عليها الفساد.  ولكن اليأس لن يفيدنا بشىء بل سيحطم كل فرص العلاج.  علينا ان ننظر للأمور بنظرة واقعية فنعرف حجم المشكلة، ثم علينا ان ننظر للأمور بنظرة ايجابية ونقنع انفسنا اننا – بقوة الله - قادرون على تغييرها.  وخطاب الرئيس قد فتح امامنا طاقة من الأمل، عندما قال انه "لن تؤذينا الظروف الاقتصادية او السياسية طالما لا نعطى الفرصة لمن يريد ان يفرق بيننا".  لعل طاقة الأمل هذه تتسع وتتحول الى باب كبير مفتوح للإمل يؤدى الى مستقبل زاهر.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter