بقلم : عماد خليل
سيدى الرئيس، أكتب لك بصفتى مواطن قبطى أسعدنى حضورك للعام الثانى على التوالى قداس عيد الميلاد في الكاتدرائية المرقسية، وتحويل مبادرتك غير المسبوقة في العام الماضى إلى عادة حميدة سيسير على نهجها رؤساء الجمهورية في المستقبل، وأثلج صدرى اعتذارك عن التـأخير في إتمام المرحلة الثالثة من إعادة بناء وترميم الكنائس والمنشآت المسيحية التي تضررت بسبب هجوم المتشددين عليها، عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة؛ كأول مسؤول يعتذر للأقباط علنًا عن تقصير أو تأخير من الدولة، في الوقت الذي يعتبر صغار المسؤولين في القرى والمدن، خاصة في صعيد مصر أن الموافقة على ترميم دورة مياة داخل كنيسة مر عليها أكثر من ثلاثين عاما إنجاز كبير لصالح الوطن والمواطنة.
السيد الرئيس، الاعتذار قد يصلح لتأسيس دولة المواطنة المفقودة منذ ثورة 23 يوليو عام 1952 فرؤساء مصر اختصروا الأقباط في الكنيسة، وهو ما دفع الأقباط للجوء إلى الكنيسة في كل شيء، حتى النشاط الاجتماعي والرياضي؛ فمن يريد الحصول على منصب أو الترشيح على مقعد عليه طرق أبواب الكنيسة أولاً. سيدي الرئيس.. دولة المواطنة تبدأ بإلغاء حصة التربية الدينية التي تفصل الأقباط عن المسلمين في سن السادسة، وتحتاج تغيير مناهج التربية والتعليم، وإدراج الحقبة القبطية التي لا نعلم عنها شيئا في مصر، على الرغم من أنه يتم تدريسها في بعض جامعات العالم كجزء من التاريخ المصري. المواطنة والمساواة تحتاج بجانب الاعتذار إلى تعليمات ورؤية شاملة لتغيير التعامل مع الأقباط ليصلوا لكل المناصب بناءً على الكفاءة وليس وفقا للديانة، فإن أحسن القبطى ما الضرر في أن يصل لمنصب وزير بعيدا عن الحصة الثابتة منذ عهد مبارك. أن يخرج الملف القبطى بمشاكل بناء دور العبادة والاحتقان الطائفي من يد الأمن الوطني الذي فشل في تحجيم تلك المشاكل وعالجها بمسكنات واهية، وأمامه الجانى والمجنى عليه متساوون في الجرم.. نحن بحاجة إلى تطبيق العدالة الاجتماعية بحيث يصل المسيحي لمناصب رؤساء الجامعات وعمداء الكليات؛ فعددهم داخل مصر أقل من الأقباط الذين وصلوا لتلك المناصب في كندا وأستراليا وأوربا.
سيدى الرئيس أعلم أن أغلب المصريين يعانون من نظام طبقى يقتل أحلام الشباب في الوصول للمناصب القضائية أو الالتحاق بالسلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية والكليات الحربية والشرطة، ولكن المسيحى الفقير يعانى مرتين بسبب فقره وديانته.
سيدى الرئيس أنت الوحيد القادر على تطبيق المواطنة ودولة المساواة التي نحلم بها.
السيد الرئيس نحن بحاجة لكشف الحقائق على الأقباط ومعرفة المسؤول عن مذبحة كنيسة القديسين التي راح ضحيتها مصريين مسيحيين فمنذ مطلع عام 2011 وحتى الآن لا يوجد حتى اتهام لشخص أو جهة بعينها، وهناك تعنت من جهات التحقيق ضد محامى الضحايا في الحصول على أبسط حقوقهم ألا وهو معرفة من قتل ذويهم، كما أن هناك غصة في حلق كل الشباب القبطى بسبب حادث ماسبيرو الذي لاقى المصير ذاته؛ ولطى هذه الصفحة يجب إعادة فتح التحقيق بها ومواجهتنا بحقيقة ما حدث، فلولا أن القدر كان رحيما بى لكنت أحد شهداء الحادث الذي اختطف مواطنين أبرياء خرجوا للمطالبة بحقهم في بناء كنيسة.
أعلم أن الطريق للمساواة الكاملة طويل ولكنك قطعت أشواطاً في اتجاهه، والدستور الحالى به العديد من المواد التي تؤسس لدولة المساواة، ولكن عادة مصر أنها تملك أفضل القوانين ولكن إن أحسن استخدامها، فالنشطاء الأقباط والحقوقيون كثيرا ما نادوا بضرورة وضع حد لازدراء الدين المسيحى في وسائل الإعلام، ولكن الرياح تأتى بما لا تشتهى السفن، فالقانون أصبح سيفا مسلطاً على رقاب الأقباط دون غيرهم، وأصبح الوسيلة التي تبعث من عبث على مواقع التواصل الإجتماعى بإعجاب لصفحة معينة للزج به في السجن بتهمة ازدراء الدين الإسلامى أو وشاية من موطف ضد زميله المسيحى أو طالب ضد مدرسته فالتهمة جاهزة.
السيد الرئيس.. أعلم إن الحمل ثقيل في ظروف استثنائية من حرب ضد الإرهاب لظروف اقتصادية صعبة، ولكن هكذا تبنى الأمم بسواعد أبنائها جميعاُ.