الأقباط متحدون - أعجوبة الفاتيكان
أخر تحديث ٢٠:١٧ | الاربعاء ٢٠ يناير ٢٠١٦ | ١١طوبة ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨١٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أعجوبة الفاتيكان

بقلم: ليديا يؤانس
الأعجوبة هو شئ يدعو إلي العجب،  والجمع من أعجوبة هو أعاجيب أو عجائب،   ومن هُنا تم إعتبار المُنشآت الرائعة أو الأماكن الطبيعية التي ليس لها نظير،   من عجائب الدنيا وفي الغالب هذه العجائب ترجع لعصور قديمة.

اليوم أردت أن تستمتعوا معي بزيارة هذا  الصرح التاريخي الديني الذي يُعتبر كإحدي العجائب.

أنها واحدة من أكبر وأكثر الكنائس قداسة وتبجيلاً في الكنيسة الكاثوليكية،  وذلك لأنها تحوي قبر القديس بطرس،  ويقع المدفن تحت المذبح الرئيسي للكاتدرائية،  والذي يُسمي "مذبح القديس بطرس"  أو "مذبح الإعتراف"   أو  "المذبح البابوي." 

كاتدرائية القديس بطرس وتعرف رسمياً بإسم بازيليك القديس بطرس البابوية،  وتقع اليوم علي مدخل دولة الفاتيكان رسمياً في القسم الشمالي من روما. 

طبعاً القديس بطرس غني عن التعريف،   فهو أحد الأثني عشر تلميذاً،   وكان له منزلة خاصة عند  يسوع،   فهو التلميذ الوحيد الذي إعترف بألوهية المسيح أثناء تواجد المسيح علي الأرض،   فحينما سأل يسوع تلاميذه من يقول الناس إني أنا؟   رد بطرس علي الفور "أنت المسيح ابن الله الحي"،  فقال له يسوع:   طوبي لك يا سمعان بن يونا إن لحماً ودماً لم يُعلن لك لكن أبي الذي في السموات.

وفي موضع آخر حيمنا  دعاه يسوع  بإسم بطرس قال له:  "أيضاً أنت بطرس وعلي هذه الصخرة أبني كنيستي"،  وعلي ذلك بحسب العقيدة الكاثوليكية،   إعتبروا أن يسوع سلم إدارة الكنيسة لبطرس،  وبالتالي كان بطرس أول بابا للكنيسة الكاثوليكية وأول أسقف لروما. 

القديس بطرس لم يذهب مُباشرة  إلي روما  مع بداية نشأة الكنيسة،   ولكنه ذهب بعد حوالي 30 سنة،  ثم صُلب ربما في عام 64 أو 67  في عهد الأمبراطور الروماني نيرون.

 عملية الصلب تمت في قلب ملعب نيرون الذي كان مسرحاً لإستشهاد المسيحيين،  صُلب بطرس بالقرب من مسلة مصرية قديمة كان قد أحضرها الإمبراطور كاليغولا من مصر ونصبها في قلب الملعب.

حالياً ملعب نيرون يقع ضمن حدائق الفاتيكان،  أما المسلة المصرية فقد تم نقلها في القرن ال16 إلي وسط ساحة القديس بطرس بوصفها كانت أحد الشواهد علي قتله.

وبحسب  ما نُقل عن أوريجانوس فإن بطرس صُلب رأساً علي عقب،  وذلك بناءاً علي رغبته حيث أنه اعتبر نفسه غير مُستأهلاً أن يُصلب بنفس الطريقة التي صُلب بها يسوع،   دُفن بطرس في قبر بسيط محفور في الأرض من الحجر الأحمر.

بعد أن أعلن الأمبراطور قسطنطين الأول أن الدين الرسمي للدولة هو المسيحية،   أمر في حوالي 326 أو 333  بتشييد كنيسة  فوق "قبر القديس بطرس" أو كما أطلق عليه المؤرخ الروماني غايوس "القبر المجيد" وسُميت الكنيسة ب"الكنيسة القسطنطينية"  نسبة إلي قسطنطين.

إستمر العمل بالكنيسة ثلاثة عقود بعد أن تم طم سبعة أمتار لتسوية سطح الأرض للحفاظ علي القبر بشكلة الأول،   كما كان التخطيط للكنيسة علي شكل صليب أغريقي،  وساعدت هذه التخطيطات علي صمود الكنيسة لمدة 12 قرناً حتي تم بناء الكاتدرائية بشكلها الحالي.

الكنيسة القسطنطينية كانت مؤلفة من خمسة أروقة،   وصحن واسع في المنتصف،   علي جانبه ممرات تؤدي إلي صحنين آخرين أصغر حجماً،  كما زُينت الكنيسة ب21 عموداً من الرخام الأبيض،   المُهداة من الأمبراطور قسطنطين،  أما السقف فكان مُغلفاً بالخشب وتم تجديده عدة مرات،  وفي القرن ال14  رُسِم عليه عدد من الصور والأيقونات الفسيفسائية الكبيرة الحجم،   وأشهرهُم أيقونة القديس بطرس وهو يمشي علي الماء،  اما المذبح فكان مُزيناً بمجموعة من الأعمدة مُصممة وفق الهيكل المقدس،   وكانت مُهداة أيضاً من الإمبراطور.

تعالوا ندخل إلي العمق ونشوف هذه الأعجوبة أو التحفة الدينية والفنية لكاتدرائية القديس بطرس.

مُنذ تم تشييد هذه الكاتدرائية في القرن السابع عشر،  توالي دفن أغلب البابوات في مقابر منفصلة علي إمتداد الكنيسة،  وذلك كإشارة رمزية بوصفهم خلفاء للقديس بطرس.

الكاتدرائية المفروض أن يكون بها الكرسي أو المقر الرسمي للأسقف،  ولكن هُنا المقر الرسمي لأسقف روما هو كاتدرائية القديس يوحنا اللاتراني،  وهي إحدي الكاتدرائيات الثلاث التي تقع في روما وتتبع سيادة الفاتيكان،   ولذا يُطلق البعض علي الكاتدرائة عبارة "بازيليك القديس بطرس"  حيث أنها كنيسة كبيرة وليست مقراً أسقفياً بشكل رسمي،  وبالرغم من ذلك فإن عبارة "كاتدرائية القديس بطرس" أكثر شيوعاً.

الكاتدرائية تحتوي علي عدد كبير من القطع الفنية،  لفترة عصر النهضة والعصور التالية لها،  ولعل من أهمها أعمال مايكل أنجلو، عدد كبير من الأيقونات،  وبها عدد لا بأس به من مقابر البابوات،  وقد ألحق بها متحف خاص للأواني المقدسة والثياب الكهنوتية المُستعملة.
كما تحتوي   الكاتدرائية  علي  777  عموداً،
                                       44  مذبحاً،
                                       395 تمثالاً.   

عندما بدأوا في بناء الكاتدرائية الجديدة ،   قاموا بنقل الأعمدة المُهداة من قسطنطين،   وكذلك توابيت البابوات.  

وهنا طالب البعض بالعودة للصليب اللاتيني بدلاً  من الصليب الأغريقي،   مُشيرين إلي أن الصليب الأغريقي ينتمي إلي العالم الدنيوي أكثر من إنتماؤه للعالم المسيحي.

قُبة الكنيسة الموجودة فوق المذبح البابوي،  كبيرة جداً  ويرجع تصميمها للفنان العالمي مايكل أنجلو،  لقد سمح أنجلو بوضع فتحات بالقبة لكي يسمح بدخول الضوء منها،  ولكي يكون تصميم الكاتدرائية مُختلفاً عن باقي الكاتدرائيات الغوطية التي تميزت بإنعدام النور والظلمة العامة مما يساعد علي الخشوع في الصلوات طبقاً لأراء مهندسي القرون الوسطي.

بدأوا في بناء الواجهة الخارجية للكاتدرائية  بين عامي 1607 & 1614  علي يد لجنة مؤلفة من عشرة مهندسين معماريين،  صمموا الواجهة بإرتفاع 114.69 متراً (376.3 قدم)،  وعرض 45.55 متراً (149.4 قدم)  من الحجر الجيري والرخام،  وتتصدر الواجهة سبعة أعمدة كورنتيه عملاقة.

الكاتدرائية مُكونة من ثلاث طوابق وفوق الطابق الثالث تمثال ضخم ليسوع حاملاً الصليب،   وبقربه يوحنا المعمدان والأحدي عشر تلميذاً،  الطابق الأول هو الأرضية،  الثاني يُعرف ب"طبقة التبريكات"  حيث يًطل البابا من شُرفة هذا الطابق لكي يبارك الشعب،  الثالث هو سطح الكاتدرائية.

يوجد بها المذبح البابوي ومظلة برنيني،  ويقع المذبح فوق مدفن القديس بطرس والبابا هو فقط الذي يحق له أن يترأس القداس الإلهي عليه،   عند أقدام المذبح توجد منطقة لا سقف لها ومحاطة بسور من ذهب عالي تحوي المدخل لمقبرة القديس بطرس.

فوق المذبح تقوم "مظلة برنيني"  نسبة إلي صانعها،   مظلة برنيني تنتمي للفن الباروكي،  تعلو المظلة قبة يعلوها صليب،   المظلة عبارةعن أربعة أعمدة لولبية رمزاً  للأناجيل الأربعة،   وفي نهاية كل عمود تمثال لملاك وارتفاع العمود 20 متراً،  تم وضع الأعمدة علي 4 منصات حجرية تحوي شعار البابوية،  تم تزيين الأعمدة بزخارف وفي نهاية كل عمود أيقونة تظهر أحد الأنجيليين الأربعة.

في داخل كل عمود تجويف تم وضع تمثال به،  الأول للقديسة هيلانة تحتضن الصليب الحقيقي،   الثاني  للقديس لونجينوس وهو قائد المئة الروماني الذي آمن بيسوع بعد أن طعنه بالحربة فسال منه دم وماء،  الثالث للقديس أندراوس شقيق بطرس  وبحسب التاريخ الكنسي صلب بشكل حرف  X،   اما التمثال الرابع فهو  للقديسة فيرونيكا التي مسحت  وجه يسوع في مشهد الصلب.

يوجد بالكاتدرائية "عرش القديس بطرس"  وهو عبارة عن كرسي قام بتصميمه برنيني بناءاً  علي أوامر البابا الكسندر السابع.

للكاتدرائية خمسة أبواب رئيسية،   ويوجد تحت الكاتدرائية سرداب به ردهات جانبية ومجموعة من الأقبية تُستخدم لحفظ بعض الأمور المستخدمة في الطقوس.

خارج الكاتدرائية تجد ساحة القديس بطرس ذات الشكل البيضاوي الجميل وبعرض 240  متراً،  تتخذ شكل مفتاح وفي ذلك إشارة إلي القديس بطرس الذي سلمه يسوع مفاتيح السماء والأرض علي حسب أنجيل متي ووفقاً  للعقيدة الكاثوليكية،  ويفصلها عن سائر الفاتيكان جدار يحتوي علي أربعة صفوف من الأعمدة الكورنتية الضخمة ذات التيجان العالية يبلغ مجموعها حوالي 284 عموداً ويضاف إليها 88 دعامة بالإضافة إلي 96 تمثالاً للقديسين والبابوات.

في وسط الساحة توجد المسلة المصرية التي شهدت صلب بطرس،  وفي أعلي المسلة يوجد صليب بداخله ذخيرة من الصليب الأصلي،  هذه المسلة تُعتبر ثاني أكبر مسلة في العالم،  علي جانبيها توجد نا فورتان إرتفاع كل منهما 14 متراً.  

فعلاً الكاتدرائية تُعتبر أعجوبة دينية وفنية،  فهي أكبر كنيسة من حيث المساحة،  ومنذ القرون الأولي وهيّ محط أنظار العالم وخاصة المسيحيين وذلك بسبب القديس بطرس المدفون فيها،   ولذا تم إدراجها كجزء من الفاتيكان علي لائحة التراث العالمي،  ومنذ 1960  تم إدراجها في السجل الدولي للأعمال الثقافية تحت الحماية الخاصة في حالة الصدام المسلح.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter