بقلم يوسف سيدهم
قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها-(570)
للمرة الثالثة في سلسلةالأمور المسكوت عنها وعبر تناولي لمسار انتخاب البرلمان المصري-مجلس النواب-أجدني مدفوعا لاستعارة اسمي مسرحيتيمدرسة المشاغبين والعيال كبرت لتقييم الأوضاع التي نحن بصددها…ومع الاعتذار لكل من الممثلين والنواب أعود لأسجل أن المتابع لوقائع عمل مجلس النواب منذ الجلسة الإجرائية لاستهلال انعقاده الأول-وكانت بتاريخ10يناير الجاري-ومرورا علي الجلسات التالية التي تم بثها إعلاميا حتي أصابته الدهشة واعتراه الإحباط من غيابالتقاليد البرلمانية العريقة عن القاعة المهيبة التي طالما اشتهرت بمسميتحت القبةلتحل محلها سلوكيات وممارسات ومرادفات لغوية أفضل ما توصف به أنها مغيبة عن الأعراف البرلمانية وأنها في بعض الأحيان انزلقت إلي الانفلات والفوضي في التعبير عن رأيها…الأمر الذي وصم جو الجلسات بأنها أقرب إلي مدرسة المشاغبين في الوقت الذي كان المصريون يعولون علي أنالعيال كبرت!!!
ولمن يعتقد أني أقصر كلامي علي تجاوز وانفلات بعض نواب الشعب وخروجهم عن لياقة وكياسة واحترام الحديث تحت القبة, أقول إن ذلك لم يكن الجانب الوحيد للتجاوزات حيث اشتركت الأمانة العامة للمجلس فيالسهو والخطأ والحقيقة أنه ما كان لها أن ترتكب ذلك لما للبرلمان من عراقة وتقاليد ولا تعوزه الخبرة أو القدرة التنظيمية للجلسات, وذلك يتضح من الآتي:
00استهل مجلس النواب جلسته الإجرائية الأولي بالمناداة علي أعضائه واحدا تلو الأخر لأداء قسم العضوية طبقا لما ينص عليه الدستور…واسترعي انتباهي أن ممثل الأمانة العامة للمجلس كان يسبق اسم العضو بصفةالنائب المحترم وذلك أمر محمود عكس لدي مسحة تقاؤل أن هناك تقاليد برلمانية راسخة جار اتباعها…لكن سرعان ما اعتراني الإحباط عندما لم تكترث أمانة المجلس بتأنيث هذه الصفة عند المناداة علي عضوات المجلس اللاتي كن يتوقعن أن يسبق اسم كل واحدة منهن صفةالنائبة المحترمة.
00لايليق أن تخطئ أمانة المجلس في النطق بأسماء النواب-رجالا أو سيدات-وذلك تكرر أكثر من مرة مما دعا النواب إلي المبادرة بتصحيح أسمائهم-أو أسمائهن-قبل المضي في النطق بالقسم البرلماني…ولم يخل الأمر من الخلط بين أسماء الأعضاء وأسماء العضوات في حالات محدودة لكنها بالقطع سببت حرجا لكل من الأمانة والأعضاء علي السواء.
00عند بدء إجراءات انتخاب رئيس المجلس ظهر بدرجة مقلقة القصور التنظيمي للأمانة في ترتيبات الإدلاء بالأصوات…فبعد أن بدأت عملية المناداة علي كل عضو ليدلي بصوته وتم ذلك لنحو25نائبا, احتج بعض النواب أن ذلك يتم دون وجود ساتر لتوفير السرية والخصوصية المطلوبتين للتصويت…وهنا تداركت الأمانة تقصيرها التنظيمي وسارعت بإدخال ساتر ليدلي النائب بصوته خلفه,لكن كان من الطريف أن يعود النواب ليطالبوا الأمانة بإحضار مكتب-أو منضدة-لتوضع خلف الساتر حتي يتمكن النواب من الإدلاء بأصواتهم…وكان لهم ذلك فعلا…الأمر الذي اقتضي أن يقرر رئيس الجلسة-المستشار بهاء الدين أبو شقة- إلغاء أصوات المجموعة التي انتهت من التصويت والبدء مرة أخري في استدعاء النواب لانتخاء الرئيس من خلف الساتر ومن فوق المنضدة!!!
00تلاحظ أن الأمانة تنادي علي النواب بصفةالنائب المحترم بعض الأحيان ولاتلتزم بذلك في أحيان أخري-ناهيك عن إهمال تأنيث الصفة قبل أسماء النائبات- ثم جد جديد أثار مشكلة:إذ تم المناداة علي الأعضاء المعينين بإعطائهم صفةالنائب المعين مما دعا البعض للاحتجاج أنه لافرق مطلقا بين العضو المنتخب والعضو المعين…وهنا قامت الأمانة بتصويب ذلك الخطأ والاكتفاء بإسباغالاحترام قبل الاسم فقط!!!
هذا بعض من الملاحظات المرتبطة بأمانة المجلس وهي إن بدت للكثيرين بسيطة, لكنها تظل للعارفين بثقل ورهبة وعراقة البرلمان وتقاليده جسيمة وما كان لها أن تحدث.
أما مايخص تجاوزات النواب وانفلات البعض منهم في التعبير عن رأيه بل وزهوهم بذلك بدعوي أن زمن بطش السلطة وسطوتها قدولي(!!!) فتلك مسئولية المنصة ورئاسة المجلس في الذود عن التقاليد البرلمانية وترسيخ الأعراف المحترمة عن طريق عدم الاستهانة بالتجاوزات وعدم التردد مطلقا في تطبيق اللائحة لوأد محاولات التحدي والانفلات التي بدت من البعض ولم تخف معها نواياهم للتحرش اللفظي بغية لفت نظر الإعلام في ظل البث المباشر للجلسات…وللأسف هم نجحوا في ذلك حيث تصدرت صورهم وتجاوزاتهم صفحات الصحف ونشرات الأخبار وبرامج التليفزيون ولايهم ما أصابهم من تأييد أو تنديد فقد أدركوا هدفهم في تصدر عناوين الأخبار!!!
هذا الانفلات يلزم وأده في مهده وتلك مسئولية رئيس المجلس المستشار علي عبد العال, ليس فقط لترسيخ التقاليد البرلمانية وعزل المنفلتين, إنما للحيلولة دون فتح شهية غيرهم من الأعضاء ليحذوا حذوهم إن رأوا أن ذلك النموذج يترك لينجح في تحقيق مآربه.
إن مصر تحملت الكثير والكثير في سبيل أن يكون لها برلمان يضطلع بمسئولية تاريخية فارقة …وعلي رئاسة مجلس النواب يقع عبء جسيم للوقوف بصرامة في وجهالمشاغبين وعدم التفريط في عراقة وكرامة هذا المجلس.
نقلا عن وطنى