rt | الاثنين ٢٥ يناير ٢٠١٦ -
٣٨:
٠٧ م +02:00 EET
مقايضة الملف السوري باليمني!
توقفت العملية السياسية في اليمن بسبب الخلافات حول التحضير للجولة القادمة من الحوار، لكن التصريحات الأمريكية تبين أن هناك مقايضة مع دول الخليج للملف اليمني في مقابل الملف السوري.
المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ لم ينجح حتى اللحظة في إقناع الحوثيين بالإفراج عن وزير الدفاع وبقية المعتقلين حتى يستطيع مطالبة الجانب الحكومي بحضور الجولة القادمة من محادثات السلام، وبات من الواضح أن اشتداد المعارك على الشريط الحدودي مع السعودية وتكثيف غارات طائرات التحالف على صنعاء وحجة ومأرب وتعز والبيضاء هي انعكاس لذلك الأمر.
ويبدو أن ملف الأزمة اليمنية بات مرتبطا على نحو ما بملف الأزمة السورية، فوزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي اجتمع بوزراء خارجية دول الخليج أكد أنه اتفق مع هؤلاء على العمل سويا لتسريع وتيرة الجهود لحل الأزمة في اليمن، فيما تلتزم السعودية بالعمل لتحقيق الاستقرار في سوريا
كانت الأمم المتحدة تخطط أن تنعقد الجولة القادمة لمحادثات السلام في اليمن متزامنة مع محادثات السلام في سوريا، لكنها لم تفلح بعدما تبدل موقف الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح من الإفراج عن وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي وشقيق الرئيس هادي وغيره من المعتقلين، بل واشتراط الرئيس السابق أن تكون المفاوضات مباشرة مع السعودية لا مع الحكومة المعترف بها دوليا.
تأجيل موعد المحادثات اليمنية فتح الباب أمام تصعيد عسكري كبير على الحدود حيث كثف الحوثيون وقوات الرئيس السابق هجماتهم على الأراضي السعودية، فيما كثفت طائرات وبوارج التحالف غاراتها على مواقع الحوثيين وقوات صالح في مختلف المناطق، وإن كان أشدها عنفا استهدف صنعاء والمناطق الحدودية
الحوثيون والسعوديون على حد سواء يتحدثون عن مقتل العشرات في مواجهات الحدود، والسكان ينقلون صورا مرعبة لطبيعة المواجهات هناك، والغارات المتواصلة على صنعاء، وبالذات منطقة النهدين والمجمع الرئاسي، تثير الرعب في نفوس المدنيين الذين يخشون من تفجير مخازن أسلحة تؤدي الى تدمير الحي السكني القريب من المجمع بشكل كامل، كما حدث في الغارات على مخازن الصواريخ في منطقة فج عطان غرب المدينة.
وبما أن الأطراف كلها تجمع على استحالة الحل العسكري فإن تدويل الأزمة اليمنية وجعله ورقة في حسابات المصالح الإقليمية قد لا يساعد في إنجاز تسوية قريبة، لكنه في ذات الوقت يشير بوضوح الى حجم القلق الذي ينتاب المجتمع الدولي من تنامي الجماعات الإرهابية التي تهدد الأمن والاستقرار في أنحاء العالم.
منذ عدة أيام يواصل مساعدون للمبعوث الدولي العمل مع الحوثيين والرئيس السابق من أجل التوصل إلى صيغة لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 . وأبرز الخلافات تنصب حول المطالبة بوقف الحرب أولا قبل الدخول في تنفيذ القرار، ويذهب الحوثيون وصالح نحو اقتراح تشكيل حكومة جديدة تتولى إدارة البلاد والإشراف على استلام المناطق الخاضعة لسيطرتهم وتشكيل لجنة عسكرية محايدة تتولى الإشراف على الجانب الأمني ونزع أسلحة الجماعات المسلحة وتشكيل لجان لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
الجانب الحكومي الذي يرفض مناقشة أي تفاصيل عن الحل السياسي يطالب بالإفراج عن المعتقلين أولا ورفع الحصار عن مدينة تعز ويبدي استعداده لقبول مشاركة سياسية للحوثيين وأتباع الرئيس السابق في الحكم بشرط نزع أسلحة الجماعة، وهي نظرة لا تبتعد كثيرا عن مطالب الطرف الآخر وإن كانت التفاصيل مليئة بالشياطين.
وإلى أن تتضح نتائج الاتصالات، السرية منها والعلنية، حول الحل السياسي في اليمن فإن الملايين يعيشون أوضاع مأساوية لطخت وجه الربيع العربي، في حين الآلاف قتلتهم الغارات والمعارك، وتكفل الإرهابيون بإكمال ما أبقت عليه حرب الإخوة الأعداء.