بقلم : د.مينا ملاك عازر
توقفنا في المقال السابق، عند كيف تعلم الرئيس الصيني؟ وكيف تدرج في الوظائف والمهام السياسية والحزبية؟ لكن كنا قد توقفنا عند ملحوظتين هامتين هما أن الرئيس الصيني قد تدرج في مناصب عدة بالحزب الشيوعي الصيني وهو أمر لم يمر به الرئيس السيسي، إذ نفذ أمراً شعبياً بتوليه مباشرةً رئاسة الجمهورية دون أي تجربة سياسية اللهم إلا الفترة التي تولى فيها حقيبة وزارة الدفاع بما لهذا من بعد سياسي، وناهيك عن ما تعامل معه الرئيس السيسي أثناء رئاسته للمخابرات العسكرية وهنا وجه الاتفاق بين الرئيسين، وجه آخر وجديد للاتفاق، وهو أن الرئيس الصيني كان وما زال له الصبغة العسكرية رغم خلفيته المدنية في التعليم كما رأينا بل وكما سنرى في ما يلي.
ولنعود لتدرجات الرئيس شي وتنقله بين المقاطعات الصينية للعمل العام بها، فقد انتقل في عام 2002 لمقاطعة "جيجيان" شرقي الصين وعمل كنائب أمين للجنة الحزب الشيوعي هناك، ثم أميناً للجنة الحزب ورئيساً للجنة الدائمة لمجلس نواب الشعب في المقاطعة عام 2003، وفي 2007 عمل أميناً للجنة الحزب الشيوعي الصيني ببلدية شانجهاي"شانجهاي" ، والسكرتير الأول للجنة الحزب لقوات الحرس ببلدية المدينة حتى هذه اللحظة لم يصل الرئيس الصيني الحالي لمناصب عليا في الحزب لكنه واضح أنه لف الصين من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها وأصبح على دراية بكل مشاكلها وكل مميزاتها وهو ما أستطع الجزم بأن الرئيس السيسي على دراية به فيما يخص مصر حيث أن عمله بالمخابرات العسكرية وعدم انعزاله عن هموم إخوانه المواطنين المدنيين يمكنه من هذا ببساطة، وسعة قراءة الرئيس السيسي تمكنه من أن يعي في صدره تاريخ مصر وهو ما يؤهله لأن يكون عالماً بشتى أزماتها ومشاكلها.
والآن نرصد، كيف وصل الرئيس الصيني إلى المكتب السياسي الصيني؟ اُنتخب "شي جي بينج" كعضو إحتياطي للجنة المركزية الـ15 للحزب الشيوعي وعضواً في اللجان المركزية الـ16 والـ17 والـ18 للحزب على التوالي وفي عام 2007 أصبح عضواً في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي في الحزب وعيّن رئيساً لمدرسة الحزب العسكرية ولمرة آخرى يعود الرئيس الصيني الحالي في تاريخه للعمل بما يتعلق بالشئون العسكرية وهو ما يضعنا أمام مسألة غاية في الأهمية ،وهي هل من الضروري للبلدان الكبرى والعريقة كمصر والصين وغيرها أن يكونوا رؤسائهم ذوي خلفية عسكرية للمخاطر التي تتعرض لها دولهم؟
أم لأن العسكريين أكثر انضباطاً في تلك البلاد؟
في الخامس عشر من مارس 2008 تأتي واحدة من أهم النقلات السياسية والنوعية في حياة الرئيس الصيني حيث انتخبه المجلس الوطني الـ11 لنواب الشعب الصيني في دورته الأولى نائباً لرئيس جمهورية الصين الشعبية، وقد استمر في منصبه هذا حتى عام 2013 ومرة أخرى يبدو التدرج واضحاً في نقلات وتنقلات وارتقاءات الرئيس الصيني نحو منصبه الحالي ما يسهم في زيادة خبراته سياسياً وعمق قدراته وثقل مواقفه بما يصب في مصلحة بلاده خاصةً مع إلمامه بالخلفية العسكرية التي يبدو أنها باتت مهمة في الكثير من البلدان حيث نراها أيضاً في الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين.
أما كيف وصل "شي" لمنصبه فقد عقد المجلس الوطني الـ12 لنواب المجلس الوطني دورته الأولى في الرابع عشر من مارس 2013 بقاعة الشعب الكبرى في العاصمة "بكين" بحضور 3000 مندوب، وقرر انتخاب شي جي بينغ رئيساً لجمهورية الصين الشعبية خلفاً ل"هو جين تاو" وذلك بموافقة 2996 صوتاً ومعارضة صوت واحد، فيما امتنع 3 مندوبين عن التصويت ما يشبه الإجماع الوطني عليه، لست بمحلل لمسألة الإجماع من عدمه؟ وهل هذا طبع عام في كل الانتخابات الصينية السابقة؟ ولا يهمني ذلك، ولكن ما يعنيني أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وصل بما يشبه الإجماع الشعبي في واحدة من أنزه الانتخابات المصرية وبمحبة شعبية جارفة ولكن بانتخابات شعبية مباشرة لم يكن لممثلين شعبيين الدور في إيصاله فقد كان اقتراع حر مباشر أدى لوصول زعيم مصري له رؤية نتفق معه نختلف معه لكننا نحترمه ونقدره ونثق في وطنيته