الأقباط متحدون - في مثل هذا اليوم 26 يناير 1952 حريق القاهرة
أخر تحديث ٠٤:٤٩ | الثلاثاء ٢٦ يناير ٢٠١٦ | ١٧طوبة ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨١٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

في مثل هذا اليوم 26 يناير 1952 حريق القاهرة

حريق القاهرة
حريق القاهرة

بدأت الشرارة الأولى لحريق القاهرة مع إلغاء معاهدة 26 أغسطس عام 1936, حيث جاء إلغاء المعاهدة ليكشف حقيقة الوجود البريطانى، وينسف كل مبررات بقائه، فقد أعلنت حكومة الوفد فى 16 من يناير 1950م - على لسان "مصطفى النحاس"- أن معاهدة (1936م) قد فقدت صلاحيتها كأساس للعلاقات المصرية / البريطانية، وأنه لا مناص من إلغائها فسقطت دعاوى بريطانيا حول حقوقها فى مصر كما سقطت من قبل دعوى الحماية.

وفى 18 من أكتوبر 1951م الموافق 18 من المحرم 1371هـ وقف "مصطفى النحاس" ليعلن إلغاء المعاهدة وإلغاء اتفاقيتى 19 يناير و10 يوليه عام 1899 فى شأن إدارة السودان، وقدم إلى البرلمان المراسيم بمشروعات القوانين المتضمنة هذا الإلغاء وسط تأييد حافل من نواب الحكومة والمعارضة, وصدر القانون الرقم 175 لعام 1951، بإنهاء العمل بأحكام معاهدة 1936، موقعاً بتوقيع رئيس مجلس الوزراء، مصطفى النحاس، والملك فاروق.

ى 26 يناير عام 1952، يوما فاصلاً فى تاريخ مصر الحديث. فى مثل هذا اليوم قبل 64 عاماً، وقع «حريق القاهرة » الذى لايزال يمثل «لغزاً»، لا أحد يستطيع الكشف عن غموضه. المئات حققوا فى هذا الحادث بين تحقيقات جنائية ووثائقية. بعض هذه التحقيقات وجه الاتهامات إلى السرايا والملك، فيما اتجهت اتهامات أخرى نحو الإنجليز الذين صعقت قيادتهم من المقاومة الباسلة فى الإسماعيلية قبل ساعات من قوع هذا الحادث. د. عبدالمحسن حمودة، وكيل الطليعة الوفدية، أحد شهود العيان على هذه الحقبة التاريخية- يكشف فى شهادة تاريخية لـ«المصرى اليوم» الظروف التى أدت إلى هذا الحريق وسقوط آخر حكومات الوفد قبل 6 أشهر من انطلاق شرارة ثورة 23 يوليو...

الاتهام ينحصر بين الملك والإنجليز، ولكل منهما مصلحته فى ذلك، فهما أرادا التخلص من الحكومة الوطنية التى سببت لهما أرقاً على مدى عامين، والتى يتزعمها النحاس باشا...

الإخوان لم يكونوا يوماً جزءاً من الحركة الوطنية المصرية، هى جماعة دعمها الاستعمار، وانظروا عبر التاريخ ستجدون أن كل المراحل الفاصلة فى تاريخ مصر وقف الإخوان منها موقفاَ «مخزياً».. معركة «القنال» كانت معركة الشرف والبطولة.. قادها الفدائيون المستنيرون من أبناء هذا الوطن من كل القوى الوطنية.و الحريق تم بشكل احترافى، وبأسلوب واحد تقريباً فى مختلف المواقع.. وبكل المقاييس أصحاب المصلحة عديدون.

الإخوان.. وكل القوى الرجعية التى سعت لتدمير الوطن...
فى يوم 6 فبراير 1952 قدم مدير الأمن العام مذكرة إلى وزير الداخلية، بعد عدة أيام من الحريق، ويبدو من صياغتها أنها جاءت استكمالاً لحديث دار بينهما قبل يوم من تقديم المذكرة، مما دعا الوزير إلى طلب مذكرة تفصيلية بما حدث.

وتشير الوثائق إلى عدة محاور مهمة فى قضية حريق القاهرة، منها موقف حكومة الوفد- برئاسة مصطفى النحاس باشا- خلال الاجتماع الطارئ الذى عقدته، مساء هذا اليوم، لبحث السيطرة على الموقف. وكذلك ما أثير عن وجود «تمرد» بين قوات «بلوكات النظام» وامتناعها عن أداء واجبها يوم 26 يناير 52.

وتكشف المذكرة ما سمته «الأوامر الصريحة» بتفريق المظاهرات العدائية فى هذا اليوم باستخدام كل الوسائل، بما فى ذلك الأسلحة النارية!

الوثيقة التاريخية :
«سرى.. تقرير هام وعاجل جداً..

مذكرة خاصة إلى حضرة صاحب المعالى وزير الداخلية..

تشرفت بمقابلة معاليكم، أمس، وقد أوضحت لكم الخطوط الرئيسية التى تقتضى الوقوف عليها فى صدد حوادث القاهرة يوم 26 يناير سنة 1952، وقد آثرت معاليكم بتدوين هذه الأمور فى مذكرة موجزة، وها أنذا أتشرف برفعها إلى معاليكم:

أولاً: لما وقع حادث الإسماعيلية يوم 25 يناير سنة 1952 توقعت ما قد يترتب عليه من قلاقل وفتن، فبادرت فى مساء ذلك اليوم بتقديم مذكرة إلى حضرة صاحب المعالى الوزير السابق (فؤاد باشا سراج الدين) أثناء انعقاد مجلس الوزراء، طلبت فيها وقف الدراسة عامة لمدة أسبوع أو لفترة مناسبة، ولكنى أخطرت بعد ذلك أن هذا الرأى لم يؤخذ به، وأنه رؤى استئناف الدراسة فى اليوم التالى، كما كان مقررا من قبل.

ثانياً: فيما يختص بشيوع روح التمرد بين قوات بلوكات النظام وخروجها عن أداء واجبها يوم 26/1/1952 أرجو تدبر ما يلى:

1- إرسال قوات من بلوكات النظام إلى منطقة القنال ومديرية الشرقية واستخدامها فى مقاومة عدوان الجيش البريطانى- كان نتيجة سياسية عامة رسمتها الحكومة القائمة فى ذلك الوقت، ونفذتها، وبطبيعة الحال لا دخل لمدير الأمن العام فى ذلك.

2- صدور الأمر لقوات البلوكات بالدفاع عن نفسها وعن الأهالى ضد القوات البريطانية إلى آخر طلقة- سياسة عامة أيضاً قررها مجلس الوزراء منذ حوادث كفر عبده بالسويس إلى حادث الإسماعيلية فى يوم الجمعة 25 يناير سنة 1952، وقد أحيل اللواء محمد عبدالرؤوف بك إلى مجلس تحقيق عسكرى، لأنه لم ينفذ مثل هذه الأوامر.

3- استبدال قوات بلوكات نظام مصر التى نقلت إلى القنال بقوات أخرى- أمر صدر بشأنه تعليمات مباشرة من معالى وزير الداخلية السابق إلى المختصين بالوزارة. وغنى عن الإشارة أن إدارة الأمن العام لا دخل لها بشؤون بدل الطوارئ وغير ذلك من الأمور المختصة بإدارة البوليس.

4- فرض القيادة التى بدت فى إدارة بلوكات نظام الأقاليم، والتابعة لإدارة البوليس لا دخل لإدارة الأمن العام فيها أيضا، وبمجرد أن أخطرنى حضرة حكمدار بوليس مصر من مطار فاروق فى صباح هذا اليوم بخروج 300 من جنود بلوكات نظام الأقاليم وتوجههم إلى حى الدراسة، أخطرت فورا حضرة صاحب المعالى الوزير السابق (سراج الدين) واللواء حسان بك سلمان، ثم المحافظ بالنيابة ووكيل الأمن العام، وطلبت من الأخير إخطار المسؤولين بإدارة البوليس لاتخاذ اللازم لإعادة النظام إلى هذه القوة وإعادتها إلى الثكنات. وقد لحق بهذه القوة فعلا قائدها الأمير لالى محمد على بك، ولحق به مدير عام البوليس واللواء حسان سلمان بك والمحافظ بالنيابة، كما قابلهم بمديرية الجيزة وكيل الأمن العام. أما كيف قامت هذه القوة، وأين كان ضباطها، وأين كانت قيادتها، فكلها أمور لا يسأل عنها مدير الأمن العام.

5ـ اتضح أن بوليس مصر قد أعاد فى الصباح الباكر قوات من بلوكات النظام مما كانت قد وزعت على الفرق والأقسام إلى ثكناتها، دون أن تحاط إدارة الأمن العام علما بذلك.

ثالثاً: ليس مدير الأمن العام مسؤولا إذا قصر بوليس مصر فى أداء واجبه تقصيرا عجيبا وقفت معه القوات موقف المتفرج من المآسى التى حصلت مع ملاحظة ما يلى:

أ- كانت الأوامر صريحة بتفريق المظاهرات العدائية التى حصلت فى هذا اليوم فورا، وبالقوة، مع استخدام جميع الوسائل، ربما فى ذلك استعمال الأسلحة النارية، وقد استخدمها بوليس مصر فعلاً قبل ذلك فى مناسبات قريبة جدا وفى حوادث أقل خطراً.

ب- كان قد تنبه باليقظة فى هذا اليوم بمناسبة حادث الإسماعيلية فى اليوم السابق، وكانت الحالة «ج» معلنة بمناسبة استئناف الدراسة فى ذلك اليوم.
جـ- كان قد تنبه على بوليس مصر بمناسبة الاعتداءات التى وقعت على بعض المحال العامة باتخاذ إجراءات مشددة غير عادية للمحافظة عليها، وأذكر أنه قد عقد بناء على ذلك بالحكمدارية اجتماع بتاريخ 17/1/1952 وتحرر عن ذلك محضر، أرسلت صورة منه إلى إدارة الأمن العام، ولو أن الأوامر التى صدرت فى هذا الاجتماع نفذت لحسم الشر فى مبدئة، وما حصل شىء.

د- كان بكثير من الأماكن التى حصل بها إتلاف وحريق قوات كافية لدفع أى اعتداء- ومثال ذلك سينما ريفولى- ومع ذلك لم تحرك هذه القوات أو ضباطها ساكنا لقمع الفتنة، ولو حذت هذه القوات حذو تلك التى كانت بقيادة البكباشى إسحاق فارس فى حى السفارات- وقد واجهت المغيرين على هذا الحى بإطلاق النار فى مواجهتهم وردتهم بذلك على أعقابهم أكثر من مرة- لتغير الحال.

رابعاً: لم يخنى التقدير فى الحكم على الوقت الذى يتعين فيه استخدام الجبش المصرى لإقرار الأمن والنظام فى المدينة.

وآية ذلك أنى كنت قد أعددت فى الليلة السابقة على أثر وقوع حادث الإسماعيلية خدمة متصلة من أكثر من عشرين ضابطا انتشروا فى مدينتى القاهرة والجيزة لمد إدارة الأمن العام بالأنباء أولاً بأول، وقد تبينت من هذه الأنباء حوالى الساعة الحادية عشرة صباحا أن الحالة قد بلغت من الخطورة حدا يستوجب الاستعانة بقوات الجيش المصرى، فبادرت بالتقدم بهذا الطلب إلى معالى الوزير(سراج الدين)، ثم أخذت أحيط معاليه بعد ذلك تباعا بأنباء الحوادث. كما كانت ترد إلى مدونة فى إشارات خصصت لتدوينها فى مكتبى ضابطا عظيما، وهو حضرة الأميرالاى أحمد المنياوى بك، مدير إدارة الآداب».

وتفضلوا معاليكم بقبول موفور الاحترام.

حسين صبرى «بك»

6 فبراير سنة 1952


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter