الأقباط متحدون - منحني الجرس والقاهرة خلال قرنين - الحلقة 3
أخر تحديث ٠٧:٢٧ | الثلاثاء ٢٦ يناير ٢٠١٦ | ١٧طوبة ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨١٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

منحني الجرس والقاهرة خلال قرنين - الحلقة 3

منحني الجرس، والقاهرة خلال قرنين
منحني الجرس، والقاهرة خلال قرنين
محمد حسين يونس 27 يناير 2016. 
في كتابة " بونابرته في مصر " كتب ج. كريستوفر هيرولد في الفصل الخامس .
 
أرسل نابليون إلي حكومة الادارة يوم وصولة إلي العاصمة المصرية تقريرا كتب فيه: 
 
((إن القاهرة التي يسكنها 300 الف نسمة تضم أقبح ما تضمه مدينة من الغوغاء ))..الذين هم (( أكثر الناس تعددا في الالوان فهم يتفاوتون ما بين النوبي الاسود إلي الجركسي ناصع البياض،...والمصرى العادى أى كان لونه له سحنة تنذربقطع الرقاب سواء عبست أو إبتسمت )). 
هذا عن المصريين من سكان القاهرة، أماالمدينة 
 
((  غير جديرة بسمعتها الطيبة فهي قذرة رديئة المباني تملؤها كلاب بشعة، ماذا  تجد عند دخولك القاهرة ..؟؟  شوارع ضيقة غير مرصوفة متربة و بيوتا مظلمة متداعية وأبنية عامة كأنها السجون و حوانيت أشبه بمرابط الخيل  و جوا تلوثه روائح القمامة والاتربة .. و عميانا و عورا  و رجال ملتحين  وأشخاصا يرتدون أسمالا محشورين في الشوارع أوجالسين كالقردة أمام مداخل كهوفهم يدخنون قصباتهم ،ونساء قليلات منكرات الصورة مقززات يخفين وجوههن العجفاء خلف خرق نتنه ويبدين صدورا متهدلة من أرديتهن الممزقة  ، وأطفال  صفر الوجوه رقاق الاجساد ينتشر الصديد علي جلدهم و ينهشهم الذباب )). 
 
((ورائحة كريهه منبعثة من داخل البيوت ومن التراب المختلط باوساخ الفضلات و الهواء المحمل برائحة قلي الطعام بزيت ردىء في الاسواق عديمة التهوية ،فإذا ما فرغت من مشاهدة معالم المدينة و عدت لمنزلك ستجده خال من كل أسباب الراحة  وستجد الذباب والبعوض وضروبا لا تحصي من الحشرات في إنتظارك تتسلط عليك أثناء الليل .. فتنفق ساعات الراحة تقاومها و أنت تسبح في عرقك )). 
إستعرت هذا المقطع الطويل للكاتب (عن تقرير لنابليون عام 1798 ) لما يدل علية من مدى التدهور الذى كانت عليه القاهرة بعد 900 سنة من إنشائها .. بسبب..نهب و إهمال و قسوة الاوليجاركية العثمانية الحاكمة شديدة الغفلة.
  
في مقدمة كتابه عن"الجبرتي" كتب الدكتورأحمد عبد الرحيم مصطفي 
 
(( كانت مصر حتي الحملة الفرنسية لا تزال غارقة في سبات العصور الوسطي إلي أن أذنت الحملة برجوعها الي المشاركة في الفكر العالمي 
والفارق كبير بين العقلية الاوروبية التي مثلتها الحملة و بين العقلية الشرقية التي كانت تتمثل في مصر المملوكية العثمانية بمقدار الفارق الزمني الطويل الذى قطعناه في تأخر و قطعته أوروبا في تقدم ..)). 
 
 خلال القرن التاسع عشر ومنتصف العشرين .. لم نكن نشعر (نحن المصريون ) بأننا نختلف عن الاوربيين .. لقد بدأ النور يتسرب رويدا رويدا مع طموحات أبناء محمد علي ((في زيارة الخديوي إسماعيل لباريس عام 1867 لحضور المعرض العالمي، طلب الخديوي من الإمبراطور نابليون الثالث أن يقوم المخطط الفرنسي «هاوسمان» الذي قام بتخطيط باريس بتخطيط القاهرة الخديوية ..وفي مقابلة التكليف بين الخديوي وهاوسمان، طلب إسماعيل أن يحضر معه إلى القاهرة كل بستاني وفنان مطلوب لتحقيق خططه)) مهما كانت التكلفة. 
 
 لتصبح القاهرة الخديوية خلال أيام حكمة  من أجمل العواصم و أكثرها حيوية و تحضرا ( فقط أنظرللرسومات والصور التي سجلت تلك الفترة  )أوإلي مباني وسط المدينة (التي يطلق عليها اليوم عزيز قوم ذل ) ومحطة السكة الحديد و صوروسائل المواصلات الاخرى التي كانت تتحرك بأناقة في الشوارع النظيفة الهادئة المحاطة بالاشجارومرصعة بالتماثيل والكبارى .. و الي دار الاوبرا( التي حرقتها عصابات السادات ) والمتاحف والقصور والفنادق( مينا هاوس وسميراميس وشبرد ).. ومباني مصر الجديدة المميزة .. و شارع الهرم( قبل هجوم العشوائيات المنفرة) ..و الحدائق الواسعة  علي النمط الاوروبي المعتني بها سواء كانت الاورمان او الحيوان او الحرية..ونظافة و هندام البشر الذين كانوا يتحركون فيها  حتي تلك  التي كانت ترتدى ملاية لف و برقع (في الحوارى و الازقة ) وصورها محمود سعيد بلوحات  موجوده بمتحفة بشارع جناكليس ،كانت متحضرة و قمر .
 
بالامس وهم يحتفلون بعام الصداقة الصينية المصرية .. قال المسئول الصيني .. من عشرون عاما كنا نتمني أن تصبح بكين مثل القاهرة .  
 
  أى مثل عاصمتنا التي بدأ التدهور يغزوها رويدا رويدا بعد حكم طال لنصف قرن لم يختلف كثيراعن (بل أعاد) حكم الانكشارية   مع مجاذيب أصحاب الغلوشة الدينية ، لتنحدر خلال السنين (الخمسة عشر ) من القرن الحادى والعشرين وتعود بالعشوائيات المحيطه وأكوام القمامة وسلوكيات أتباع الوهابية في شوارعها وحواريها وتتطابق مجددا مع أوصاف نابليون عام 1798 
 
و كأننا تحركنا صعودا وهبوطا خلال قرنين من الزمان علي محيط جرس...بدأ قاعة بعفن أنكشارية سليم الاول .. و إرتقي حتي  أنوار الخديوى إسماعيل باشا .. ثم هبط للقاع مع إنكشارية الرئيس المزور وابناء عصابته. 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter