محمود بسيوني
مصر تحتاج الى التقشف وضبط النفقات ..هو شر لابد منه ، فنحن لسنا خارج سياق الكساد العالمي ، فما بالك ونحن ندخل الى عام الكساد ونحن محملين بعجز في الموازنة العامة وتراكم ازمات اقتصادية ، وقله في الاحتياطي النقدي وتحدى تنموي كبير يسعى الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته بكل قوة من أجل تحقيق هدف واضح وهو بناء مصنع كل يوم في محاولة انتحارية لإنقاذ مصر من ازمة اقتصادية تصاحبها بالضرورة ازمة بطالة .
في سبيل ذلك وبصراحة شديدة يحتاج المجتمع بشكل عاجل ان يستعد للاستغناء عن كثير من السلع الرفاهية التي صدر قرار صائب برفع قيمة الجمارك عليها ، لان مساندة الاقتصاد مقدمة على الربحية، التي سوف تتحقق في حالة زيادة الاستثمار وزيادة المتعاملين مع القطاع المصرفي و تلك فلسفة القرارات
التنظيمية الاخيرة التي أصدرها البنك المركزي مؤخرا و بحسب هشام عكاشة رئيس البنك الأهلي المصري اكبر بنك في السوق. قال في تصريحات هامة له إن قرارات وتعليمات البنك المركزي التي صدرت في الفترة الأخيرة تصب في اتجاه واحد يتمثل في توسيع قاعدة العملاء ودعم عمليات الإنتاج المحلى.
القواعد تشمل تمويل الواردات التي حظرت تداول مستندات التحصيل الجمركي الا من خلال بنك المورد فى الخارج وعدم قبول أية مستندات تأتى مباشرة عبر المستورد المحلى مع رفع حد الغطاء النقدى إلى 100% واستثناء مستلزمات الإنتاج والسلع الأساسية، ايضا القرار الخاص بخفض نسبة الاستقطاع من دخول عملاء التجزئة إلى 35% بدلا من 40% لكبح النمو غير العادى فى هذا القطاع والذى تجاوز 60ــ 70% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، كذلك تقليص قواعد التركز الائتمانى للعميل من 20 إلى 15%. كل هذه القرارات تفرض على البنوك توسيع قاعدة العملاء اذا ما ارادت الحفاظ على معدلات النمو والربحية.
حسب عكاشة هناك تسابق بين البنوك على عدد معين من العملاء الكبار والشركات المعروفة، والقرارات الاخيرة سوف تدفع البنوك للبحث عن عملاء جدد، وتجعل البنوك مطالبة بمزيد من العمل واتخاذ خطوات تتوافق مع الآليات الجديدة، والتى منها زيادة رءوس الاموال.
ويرى عكاشة ان ربحية البنوك لن تنخفض، بل سوف تزيد على مدى السنوات المستقبلية فى حالة نجاحها فى التعاطى مع تلك القرارات، مشيرا إلى ان جزءا كبيرا من عمل البنوك يستهدف التنمية ودفع الاقتصاد، قبل البحث عن عوائد.
وقد تضطر المصارف المحلية لتحمل بعض التكاليف الإضافية خلال الفترة الحالية في سبيل امتلاك بنية تحتية قوية تسمح لها بالتوسع في اقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة لكن العائد افضل بلا شك فى المستقبل، مشيرا إلى ان البنك الأهلي على سبيل المثال ارتفعت المصروفات الإدارية مقارنة بالإيرادات من 45 إلى 57% عند البدء فى تدشين قطاع تمويل الـ SMES عام 2008 ثم تراجعت التكلفة تدريجيا لتصل إلى 35% حاليا.
يتزامن ذلك مع ضخ 200 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتخصيص نسبة 20% من محافظ ائتمان البنوك للقطاع بحاجة لمجهود ضخم من القطاع المصرفي واستثمارات قوية لتطوير البنية التحتية التي يمكن الاعتماد عليها في الوصول لعملاء الـ SMEs، فلدينا فى السوق المحلية نحو 2 مليون مؤسسة وشركة ينطبق عليها تعريف الشركات الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي سوق ضخمة بحاجة للتمويل ومساعدة عملاء سينعكس بشكل كبير على مؤشرات البطالة والنمو.
والحقيقة ان دول كثيرة فى آسيا وحتى المكسيك، سبقتنا فى تلك الخطوات التى أدت إلى زيادة الفرص والتشغيل، وخلق صناعة وطنية، ومن ثما زيادة الناتج القومى فيما سيظل مشكلة عدم التناغم بين الجهات الحكومية التى كانت موجودة فى وقت سابق، اختفت الآن ومن ثمَّ امكانية البدء فى عمل فعلى على الارض يغير فى اتجاه الافضل فى دعم تلك النوعية من النشاط الاقتصادى، مثل حل مشاكل التراخيص والضرائب والبئية وغيرها عامل اساسى فى زيادة المتعاملين فى المشروعات .
القرارات تهدف ايضا الى مواجهة السوق السوداء وتجعل المتعاملين معها مثل المتعاملين مع تجار المخدرات، وتحد من صعود سعر الدولار داخل تلك السوق نتيجة مضاربات من جانب شريحة تعمل لغير مصلحة الوطن.
ولا يخفى على احد ان مصر تسعى الى توفير سيوله نقدية في ظل التقشف والاستفادة من فائض السيولة والموارد الطبيعة والعمالة، لدعم المستثمر الأجنبي ودفع عجلة الاقتصاد بتوفير العملة الصعبة التي كانت تذهب الى سلع مثل المكياج المستورد وطعام القطط والكلاب وغيرها من الاطعمة المتواجد لها بديل محلى ، كما ان توفر السيولة سيذيد من قدرة الجهاز المصرفى المصرى على تمويلات جميع المشروعات القومية والكبرى فى السوق، لكن المستثمر الاجنبى مطلوب منه احضار جزء من التمويل، وهو الافضل للدولة المستثمر فيها .
اعلم ان هناك من سيتضرر وهناك من تعود على هذه المنتجات ولدية القدرة الشرائية المناسبة لها ، ولكن التفكير فى الصالح العام ومجموع المصريين يحتم على الدولة القيام بهذه الاجراءات من اجل الحفاظ على النقد الاجنبى من الاهدار فيما لا يفيد جموع المصريين .