الاثنين ١ فبراير ٢٠١٦ -
٠١:
٠٩ ص +02:00 EET
نادر محمد
حتى عصر البابا كيرلس الأول عمود الدين فى القرن الخامس الميلادى لم تكن الوثنية إنتهت تماماً فى مصر، ففى قرية مينتوس Mentuthis بالقرب من كانوب بشرق الإسكندرية معبد للإلهة إيزيس يأتى إليه الناس من جميع أنحاء العالم للإستشفاء. فى هذا المعبد كانت تأتى إيزيس للمريض فى الحلم وتخبره
بطريقة علاج مرضه وكان ذلك يحدث بعد ما يدخل معبدها ويطلق البخور ويطلب منها قدومها له فى الحلم ويقضى ليلته فى هذا المعبد هذا ما أكده البابا كيرلس نفسه. ومسيحيى الإسكنرية لم يمكنهم الإستغناء عن هذا المشفى Sanatorium وهو ما سبب ضيق للبابا كيرلس (412-444م) والذى إستبدل
طقوس إيزيس الوثنية بطقوس أخرى مسيحية حيث قال قداسته فى إحدى خطبه الثلاث عن القديسين أبا كير ويوحنا: "تحتاج هذه المنطقة لأطباء بسرعة، هؤلاء الأطباء لابد أن يعالجو الناس بمساعدة الله لابد أن يعالجوا الناس ولخدمة جميع الأماكن. فالناس تذهب (لمشفى إيزيس) لأنه لا يوجد لهم قبر شهيد
وهو بذلك يقعوا فى خطيئة بالرغم من كونهم مسيحيين ,فيجب عليا البحث بسرعة عن رفات قديس شهيد" فوجد فى كنيسة القديس مرقس بالأسكندرية قبر به رفات قديسين، وهما الراهب أباكير والجندى يوحنا. قام البابا كيرلس عمود الدين بنقلهم لدير بقرية مينوتس وأمر قداسته بطلب شفاعة هذين القديسين. وكرر قداسته الآية الثامنة من الإصحاح العاشر من إنجيل متى „اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا.“
إنتشرت بسرعة قصة معجزات الإستشفاء بشفاعة القديس أباكير فأصبح مزار القديس أباكير بكانوب محطة للحجاج المسيحيين يأتون إليها من أوروبا ,إلا أن مشفى إيزيس ظل يعمل لمدة جيلين تاليين فى ظل سكوت أهل القرية عن ممارسات كهنة إيزيس ولكن فى عصر البطريرك بطرس الكبير (482-490) تم تدمير معبد إيزيس بالكامل. حسب رواية القديس صونفيروس الأورشليمى كان القديس أباكير راهب والقديس يوحنا جندى من مدينة الرها بتركيا حالياً تم
القبض عليهما فى مدينته كانوب شرق الإسكندرية فى عصر إضطهاد دقلديانوس للمسيحيين فى بداية القرن الرابع الميلادى. كانا هذان القديسان طبيبان للروح ثم للجسد فيما بعد كما تعتقد كنيسة الكرسى السكندرى والتى تمتلك رفات هذين القديسين والتى نقلها البطريرك كيرلس الكبير عام 414م إلى قرية
مينتوس Mentuthis بالقرب من كانوب للحد من إنتشار عبادة إيزيس بالمنطقة بسبب المعجزات الطبية. كان إختيار البابا كيرلس الأول مدروس وذلك لتشابه إسم كيروس مع لقب الإلهة إيزيس (Kyra). ولهذين القديسين لقب القديسين بلا فضة Anargiroi وهو لقب خاص بالمعالجين بالمجان مثلهم مثل القديسين قزمان ودميان. إنتشر تبجيل هذين القديسين فى روما والغرب أيضاً فى القرن السابع الميلادى فى ذات الوقت الذى إنتشر تبجيل القديس مينا عن طريق التجار أو رهبان الإسكندرية.
فى عام 850م تم نقل رفات القديسيين إلى كنيسة Via Portuensis بروما حملت فيما بعد فى القرن الرابع عشر تلك الكنيسة إسم كنيسة القديس أباكير. فى الفن المسيحى يصور القديس أباكير حاملاً صندوق دواء لكونه طبيب للروح والجسد. وللقديس أباكير لوحة فريسك تاريخية من القرن التاسع فى كنيسة Santa Maria Antiqua in Roma ولوحة فريسك فى كنيسة Via Portuensis بروما أيضاً.
عيد ذكرى القديس أباكير فى الكنيسة الكاثوليكية هو 31 يناير من كل عام وتحتفل الكنيسة القبطية بعيد استشهادهما في السادس من أمشير. ذكر المؤرخ السريانى زكريا البليغ (زكريا الميتلينى) فى القرن السادس فى كتابه عن حياة القديس ساويرس الأنطاكى أن البطريرك بطرس الكبير هو من قام بهدم معبد إيزيس.
كتب صفرونيو س الأورشليمى (560-638) بطريرك الروم الأرثوذكس بالقدس فى القرن السابع الميلادى المعجزات الطبية السبعين للقديسيين أباكير ويوحنا بعد شفاء بصره شخصياً. كان مزار القديسيين أباكير ويوحنا بالإسكندرية به عادات قديمة من البيات فيه ليلاً للإستشفاء وأخذ الحمامات كذلك إستخدام الماء الشافى. نسب فيما بعد مهنة الطب للقديس أباكير ورسم له رسم جدارى فى كنيسة الثلاثة فتية بالنار بمنطقة أباكير بشرق الإسكندرية. ذكر كذلك البطريرك صفرونيوس الأورشليمى أن بقوة القديسيين أباكير ويوحنا غطت رمال البحر معبد إيزيس وتمثالها.
وصف صفرنيوس كنيسة أباكير ويوحنا بالإسكندرية كالتالى "يراها القادمين بالسفن من بعيد وهم بعرض البحر وفى شرقها يقع البحر وفى غربها ساحة رملية.
الكنيسة مبنية على الرمل ومهددة بالغرق فى الرمل أو البحر، ويحيط بها سور به برج ناحية الشرق (أى ناحية البحر) كانت الكنيسة على شكل مثمن وبها منبر، وبالقرب منها قبر القديسيين ومعمودية وحجرة لتخزين الأشياء القيمة، خارج الكنيسة بئر أو عين ماء وحمام وفانوس عبارة عن لمبة للإضاءة وكان يستخدم زيتها كذلك للإستشفاء ومكان للأكل،
داخل مقصورة الكنيسة ورشة صائغ لتصنيع أدوات المذبح والحلى“ تعود ورشة الذهب لعصر البطريرك دميانوس (569-593)، ربما كان بأرضية الكنيسة موزايك. وقد أكتشف المعهد الأوروبى للآثار تحت البحر (IEAMS) ومقره باريس بقيادة Frank Goddio أجزاء من الذهب بحفائر المعهد بمنطقة أبى قير.