د. مينا ملاك عازر
لا جدال أنك إن نظرت لرقعة منطقة الشرق الأوسط، تستطيع أن ترصد سمات واضحة للصراع القائم على مربعاتها، فثمة صراع سعودي إيراني مباشر وغير مباشر في آن واحد، ففي سوريا مثلاً يمكنك أن ترى رجال الحرس الثوري الإيراني على الأرض مدعومين برجال حزب الله، ناهيك عن الجيش السوري يتواجهوا مع قوات سنية لا يمكن لأحد مهما كان مجاملاً للسعودية إنكار أنها أكبر الممولين لتلك القوات السنية والداعمين لها، فتستطيع إذن أن تتأكد أن ثمة صراع مباشر مالياً وغير مباشر عسكرياً على أرض الواقع وإذا انتقلت لمربع الصراع في اليمن تستطيع أن ترى القوات السعودية وحلفائها الإستراتيجيين يتصارعون مع القوى الحوثية المدعومة بقوة عسكرية موالية للرئيس اليمني علي عبد الله صالح، يتواجهون على ارض يمنية وهنا أيضاً ترى الصراع في شقيه المالي المباشر والعسكري الغير مباشر في المال والسلاح الإيراني يدعما القوات الحوثية، وهذا لا يعني إلا أن الوضع السوري متمثلاً في اليمن بوضع مقلوب، فحينما توجد القوات السعودية تغيب القوات الإيرانية والعكس.
الصراع السعودي الإيراني لا يمكنك فقط رؤيته في هذين المربعين فحسب وإنما يمكنك رؤيته في العراق، فالحرس الثوري الإيراني يوجد بوضوح في العراق أي على الحدود السعودية وهو في حد ذاته يشكل تهديداً واضحاً وصريحاً للسعودية ولبلدان الخليج العربي أجمع، لا يمكنك أن تتغاضى أبداً عن أن سبب للاقتراب من إطلاق النار بين البلدين، ما يعني حرباً مباشرة بينهما، أن إمارة كإمارة دبي قد تأثرت بانسحاب رأس المال الإيراني منها الذي كان يرى فيها منطقة مأمونة وآمنة ويمكن الاستثمار فيها، ما هدد البورصات الخليجية بهزات عنيفة بشكل عام لا يمكنك أبداً أن تتغافل عن أن البورصات العالمية تعاني من أنات وآهات وتقهقرات وتراجعات للخلف، وأن الاقتصاد العالمي يعاني من آلام شديدة تحت وطأة تنامي الصراع السعودي الإيراني، الكاسب الوحيد هم تجار السلاح الروس والأمريكان وغيرهما اللذان ساهما بشكل مباشر وغير مباشر في تنمية هذا الصراع بدعمهما للدولتين في المنطقة بالسلاح، ورفع الحظر على المال الإيراني الذي تسلمته مؤخراً حوالي الخمسون مليار في وقت تعاني فيه السعودية من عجز في الموازنة يصل لسبعة وثمانين مليار دولار وهذا يعني ببساطة أن الاقتصاد الإيراني يذهب يتقوى والاقتصاد السعودي يذهب يضعف ليس هو فحسب الذي يضعف وإنما أيضاً الاقتصاد الخليجي كله يذهب لمراحل ضعف شديدة بسبب هزات البورصات به ولسحب الاستثمارات الخارجية الخائفة من الحرب بطبيعة رأس المال المعروف أنه جبان.
وثمة سبب آخر يؤثر على الاقتصاد الخليجي وهو انخفاض سعر برميل البترول كاسراً حاجز الثلاثين دولار، وهذا وإن كان سبباً مؤثراً على دول الخليج فهو أيضاً مؤثراً أيضاً على إيران وليس إيران فقط ولكن أيضاً على دول كثيرة، ولكن كيف هذا التأثير؟ وهل هو سلبي وأم ايجابي؟ وما هي هذه الدول؟ وكيف هو مؤثر على الصراع؟ كل هذا نلتقي به المقال القادم إن عشنا وكان لنا نشر.