الأقباط متحدون - الشرق الأوسط إلى أين؟
أخر تحديث ٠٠:٠٦ | الاربعاء ٣ فبراير ٢٠١٦ | ٢٥طوبة ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٢٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

الشرق الأوسط إلى أين؟

كمال الهلباوي
كمال الهلباوي

 هكذا كان عنوان ندوة أو حلقة نقاش تليفزيون الغد العربى، مساء يوم الأحد الماضى، فى فندق «فورسيزون»، بجاردن سيتى. كان المتحدث الوحيد، هو الجنرال مايك جاكسون، قائد أو رئيس أركان القوات البريطانية السابق، صاحب الخبرة الكبيرة فى كل أو معظم الحروب التى دارت فى البلقان، وفى العالم العربى، وفى أفغانستان، وغيرها من أماكن استراتيجية خلال الأربعين سنة الأخيرة.

 
فى رأيى أن الأستاذ عبداللطيف المناوى، أحسن فى إقامة هذه الندوة من عدة أوجه، فى مقدمتها، الموضوع الذى تحدّث عنه الرجل، واختيار المتحدث صاحب الخبرة الطويلة فى الموضوع المطروح للنقاش فى الندوة. وقد أحسن «المناوى» كذلك فى اختيار المكان، والمدعوين، ومنهم عدد كبير من أصحاب الخبرة الطويلة والرأى فى الموضوع ومن دارسى الاستراتيجيات، من أساتذة الجامعات والجنرالات العسكريين ولواءات الشرطة والأمن فى مصر، ومنهم من لا يزال يعمل فى الأكاديميات العسكرية أو مراكز الدراسات والبحوث.
 
أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، اللواء الدكتور أحمد عبدالحليم، واللواء محمود خلف، واللواء علاء الدين، واللواء الدكتور محمد مجاهد الزيات، فضلاً عن الشخصيات السياسية والإعلامية المرموقة، ومنهم الدكتور رفعت السعيد، والأستاذ السناوى، والأستاذ المسلمانى. هذا كله فضلاً عن بعض الشخصيات العامة والبرلمانية المهمة، مثل معالى الوزير السفير البرلمانى محمد العرابى وآخرين، لا يتسع المقام لذكرهم.
 
أحسن الأستاذ «المناوى» الاختيار، لأن المنطقة تشهد تحديات وأزمات كثيرة، والاستنارة بآراء الخبراء الكبار واجب وضرورة. كما أن محاولة الإجابة عن الأسئلة المثارة -وبعضها ليس له إجابة اليوم- أمر ضرورى، والحوار من أهم الوسائل للتفاهم، وحل المشكلات بدلاً من الصراع. وقد شهدنا مؤخراً نجاح الحوار الإيرانى - الغربى بشأن البرنامج النووى الإيرانى، وهذا أفضل بكثير من الصراع الذى كان متوقعاً، ولم تقع إيران فى الفخ الذى وقعت فيه دولة العراق، ورئيسها صدام حسين، بالتدخّل فى الكويت، فكانت النتيجة التدخل الغربى والقواعد العسكرية الذى لم تسلم منه العراق ولا الخليج، الذى استعان بالأمريكان، وفق المخطط المرسوم.
 
سألت الرجل ثلاثة أسئلة، وسأل غيرى من المشاركين عشرات الأسئلة التى تم الإجابة عن بعضها، واعتذر الرجل عن الإجابة عن بعضها الآخر بحُجج وأسباب عديدة، منها الهروب الذى لا مُبرر له، ومنها ضعف السمع، ومنها عدم التخصُّص، ومنها الاستقلالية.
 
أعود إلى المتحدث الجنرال مايك جاكسون، الذى تناول بعض أهم جوانب الموضوع المطروح. أكد الرجل مكانة مصر فى العالم العربى والأفريقى، وأنها دولة محورية فى المنطقة، بسبب قوتها الاقتصادية، وكثافة سكانها والموقع الجغرافى. طبعاً الإشارة إلى القوة الاقتصادية هنا، تشير إلى ضرورة حُسن استغلال الإمكانات الاقتصادية، أما كثافة السكان فتشير إلى أهمية القوى العاملة وليست الخاملة، وإلى أهمية الثروة البشرية. واستنكر الرجل مشكوراً الحرب الظالمة التى واجهتها مصر بعد حادث الطائرة الروسية فى سيناء، وكأنه يشير إلى أن مصر غير مسئولة فى هذا الصدد. كما تحدّث الرجل عن الإرهاب و«داعش» والخطورة المتوقعة من ضعف المواجهة.
 
سألت الرجل عن ثلاثة موضوعات، مما أظن أن له علاقة، ولم يتطرق إليها الرجل فى حديثه كثيراً. كان الموضوع الأول هو التطورات ذات الآثار الكبيرة على المنطقة، التى هى أكبر مما يظهر على السطح. والموضوع الثانى، كان دور التحالفات الإقليمية والدولية على المنطقة. وكان الموضوع الثالث عن القواعد العسكرية الأمريكية والغربية فى منطقة الخليج وموضوع القضية الفلسطينية. أعجبنى السؤال الذى طرحته البرلمانية الدكتورة غادة صقر، لأنها -فى ظنى- ممن قهروا المال السياسى فى دمياط فى الانتخابات الأخيرة. سألت «د. غادة»، الرجل عن موقف البرلمانيين الغربيين (الديمقراطيين) من أداء الدول الغربية، وتدخلها فى الدول العربية، والموقف من المظالم فى فلسطين المحتلة. بعض الجنرالات سألوا كثيراً عن فلسطين، وعن موقف الرجل اليوم من مشاركاته فى تلك الحروب.
 
تحدّث الجنرال عن موضوعات كثيرة فى ضوء خبراته، لكن كانت تحكمه الاستراتيجيات الغربية، رغم أنه على المعاش، وأنه لا يتحدّث باسم بريطانيا، ولا الـ«بى بى سى» ولا غيرها. أتمنى أن يكون عندنا فى مصر التزام بالاستراتيجيات التى نتحدّث عنها أكثر مما نحترمها أو ننفّذها.
 
من أهم ما أشار إليه الرجل فى حديثه، ضرورة ملء الفراغ، حتى بالتدخُّل والقوات الأجنبية، وتحدّث عن إحدى جرائم «القذافى» عندما هدّد بنغازى بالقوات الليبية بلا رحمة. وتحدّث عن مرحلة ما قبل التدخّل الغربى فى الشرق الأوسط، والتدخّل فى البلقان والبوسنة وأفغانستان، مما اعتبره تدخلاً لصالح الإسلام والمسلمين. وتحدّث عن الاستقرار وضرورة توفيره والبحث عنه، وتحدّث عن الهجوم على أمريكا فى نيويورك، وتدخّل السوفيت فى العالم العربى والبلقان، والخوف الغربى من الهجرة غير الشرعية، وهجمات باريس، والإرهاب من «داعش» وغيرها. ولا ينبغى أن ننسى دور الترجمة الفورية الجيّدة، مما يسر الأمر على المشاركين، ممن لا يُجيدون اللغة الإنجليزية، وكان ذلك من بين مقومات نجاح الندوة والنقاش.
 
أقول فى نهاية هذا المقال، لقد أحسن «المناوى» بدعوة الرجل الجنرال مايك جاكسون، وتأكيده أن الندوة أو الحلقة مجرد حلقة من ضمن حلقات متتابعة وضرورية، لفهم الموضوع الأساسى، وهو مستقبل الشرق الأوسط أو العالم العربى فى ضوء كل التحديات التى تواجهه، وبعضها ليست له إجابة واضحة حتى اليوم. والله الموفق.
نقلا عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع