الأقباط متحدون - نوبة عباس الطرابيلي
أخر تحديث ٠٤:١٣ | الخميس ١١ فبراير ٢٠١٦ | ٣أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٣٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

" نوبة " عباس الطرابيلي

د. أحمد الخميسي
في 4 فبراير الحالي نشر الأستاذ عباس الطرابيلي مقالا في جريدة المصري اليوم بعنوان:"النيل من أثيوبيا .. للنوبة". خلاصة ماقاله الطرابيلي أن ثمة خطرين على مياه النيل يهددان بتعطيش مصر: إثيوبيا بسد النهضة، والنوبة التي:" سوف تتحكم في بحيرة السد العالي وتجعله حبل مشنقة لمصر وشعبها" في حال أقامت دولة النوبة!! هكذا يحاسب الطرابيلي النوبيين على احتمال – ما قد ينجم عن إقامة دولة لهم في المستقبل وهو أمر غير مطروح واقعيا، ولا تتوفر له أية ركائز قوية من أي نوع، إذ لا يتجاوز الأمر" قلة من الانفصاليين" -على حد تعبير الطرابيلي- تفكر في إقامة دولة للانتقام من تشتيت مصر بلادهم. نحن إذن- وفق حديث الكاتب- أمام" قلة"، وهي قلة لا تتوفر لديها أية إمكانيات للانفصال كما أنها وهو الأهم مطوقة بغالبية النوبيين الذين يعادون تلك المخططات قلبا وقالبا ويجدون أن النوبة في مصر ومصر في النوبة. لاتمثل أطروحات الانفصال أي وزن في الواقع، فليس لها أحزاب ولاتقف خلفها أية جماهير. ومادام"مشروع الانفصال" لا يمثل وزنا واقعيا من أي نوع فما الضرورة لتضخيم فقاعة  وتقديمها في شكل"حبل مشنقة لمصر"؟!

وماذا لو قام البعض – مثلا - بالنفخ في فكرة دولة قبطية في الصعيد، ثم تضخيم الفكرة، ثم وضعها موضع الخطر على مصر! مع أنها فكرة بلا قدمين ولا يدين ولا رأس وتفتقد كل مقومات التحول إلي عمل مجسد. يمكن القيام بالأمر نفسه في حالة بدو سيناء. للأسف لقد وصلت المبالغة بالطرابيلي وهو وفدي من حزب الوحدة الوطنية حد أن يضع على قدم المساواة خطرين مختلفين تماما الأول هو: إثيوبيا وما تمثله من تهديد خارجي ملموس بدعم أمريكي إسرائيلي،والثاني:النوبة وهي ليست دولة خارج مصر وليست عدوا خارجيا، بل جزء من مصر، ومشكلاتها قضية داخلية مصرية بحت.

الاختلاف بين طبيعة الموضوعين ومكوناتهما ضخم بحيث لا يمكن الربط بينهما في عنوان واحد يصورهما كخطر متماثل:" النيل من إثيوبيا للنوبة" أو يضعهما معا ولو لفظيا في سياق جملة أو معنى "تعطيش مصر"، فدولة إثويبا التي تقوم أمريكا وإسرائيل بالتخطيط لها وبتمويلها ستفقدنا بسد النهضة– حسب كلام الطرابيلي-" 22٪ من كهرباء السد العالى.. وكهرباء خزان أسوان ١ و٢ أيضاً".

أما موضوع النوبة فهو قضية متعلقة بقضايا القومية المصرية وحقوق الأقليات العرقية والدينية فيها، وهي حقوق ومشكلات لم تمثل أبدا خطرا لا على الوحدة الوطنية ولا على مصر. لقد كتب الطرابيلي أن جزءا من مشكلات النوبة يرجع إلي " غياب العدالة المصرية" تجاه أبناء النوبة، فهل يكون استحضار تلك العدالة بأن ننفخ في فقاعة حتى تصبح بالونة كبيرة، ثم بأن نوجه إلي ماخلقناه سهام النقد وصولا إلي "تخوين" النوبيين؟ ومحاسبتهم جميعا على مشاريع شبه وهمية ل " قلة" انفصالية؟ ووضعهم موضع من يفتل لمصر"حبل مشنقة"؟ألسنا نؤجج ذلك عداوة - ليس أي سند في الواقع-  بين مكونات الوحدة الوطنية؟ أظن أننا في أمس الحاجة لإعلاء شأن التلاحم مع أخوتنا في النوبة الذين قدموا للوطن مناضلين عظام مثل زكي مراد، وأدباء كبار مثل خليل قاسم، ويحيي مختار وفنانين مبدعين محمد منير، ومثقفين مثل خليل كلفت وغيرهم ممن افتدوا زهرة الوطن بماء العمر.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter