د. ممدوح حليم
مصر بلد تابع، إنها تدور في فلك قوة عظمى. وحين تولى محمد علي حكم مصر في مطلع القرن التاسع عشر، كان شديد الإعجاب بالحضارة الغربية خاصة الفرنسية، ومن ثم حرص على ربط مصر بها. لقد سار أبناؤه على منواله، لذا نجد الخديوي إسماعيل يتطلع أن تكون مصر قطعة من أوربا وأن تكون القاهرة باريس الشرق، انظر إلى شوارع وسط القاهرة التي تحظى بالتخطيط الفرنسي وجماله حتى الآن.
وبعد فترة من حكم أبناؤه صارت مصر مستعمرة إنجليزية، وهكذا اصطبغت مصر بصبغة أوربية فرنسية إنجليزية، وتدفق الأجانب على مصر.
عاش المصريون تحت هذه الثقافة حتى انقلاب الجيش في 23 يوليو 1952، والذي اعتبره البعض ثورة، كان عبد الناصر شديد العداء للغرب، ومن ثم قضى على ارتباط مصر به، وأنهى الوجود الأوربي في مصر تقريبا ً .
أخذ المصريون عن الفرنسيين الأناقة والأتيكيت والفكر و الأدب، ومن ثم كنت تجد الشعراء والأدباء و المفكرين والصحافة الجادة. وتأثروا بالانضباط الإنجليزي وجديتهم و دقتهم وحضارتهم كالقوة العظمى آنذاك.
نقلت مصر تحت حكم عبد الناصر تبعيتها إلى الكتلة الشرقية بزعامة الاتحاد السوفيتي حيث الاشتراكية و المساواة والطيبة والترابط الاجتماعي و الأمان الوظيفي والدخل البسيط مع رخص المعيشة ، الأمر الذي انعكس على أخلاق المصريين وتعاونهم و التفاتهم بعضهم لبعض دون النظر للدين أو العرق، مع الاجتهاد في الدراسة والعمل، وعدم الميل للعنف كما هو الآن، وكان الشعور بالرضا عظيما ً.
وإذا أردت أن ترى حلاوة مصر والمصريين تحت تأثير الثقافة الفرنسية والإنجليزية ثم الروسية، شاهد الأفلام الأبيض وأسود لتتحسر على مصر التي ضاعت والمصريين الذين تدهوروا بعد ارتباطهم بالثقافة الأمريكية.
لقد غيرت مصر توجهها في العصر الحديث طبقا ً لأهواء حاكمها. محمد على اتجه بها نحو فرنسا، عبد الناصر أخذها نحو الشرق حيث السوفييت الطيبين المعطاءين. وأخيرا ً جاء السادات فاتجه بها نحو أمريكا فكان ما كان من تدهور في كافة المجالات.