الأقباط متحدون - مصر ومخططات الأبالسة-4
أخر تحديث ٠٤:٢٩ | الاثنين ١٥ فبراير ٢٠١٦ | ٧أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٣٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مصر ومخططات الأبالسة-4

مصر ومخططات الأبالسة-4
مصر ومخططات الأبالسة-4
بقلم : فاروق عطية
 
4ـ مصر والأسرة العلوية
    بعد أن قامت الحملة الفرنسية على مصر، وتولى نابليون بونابرت حكمها، أرسلت الدولة العثمانية عام 1801م قائداً عسكرياً أرناؤوطي بجيشه على وجه السرعة إلى مصر لطرد الفرنسيين، كان هذا القائد هو محمد علي باشا مؤسس الأسرة العلوية. نجح محمد علي في طرد وهزيمة الفرنسيين، مما أدى إلى حدوث فراغ في السلطة وحكم البلاد، التي كانت إيالة عثمانية منذ القرن السادس بالرغم من احتفاظ المماليك ببعض السلطات والنفوذ عسكرياً. تمكن محمد علي من توطيد سيطرته على مص، وأعلن نفسه الخديوي على البلاد. رفض الباب العالي العثماني الاعتراف بهذا اللقب، واعترف بدلاً عنه في 18 يونيو 1805م بلقب أقل منه وهو والي، خلفاً لأحمد خورشيد باشا الذي ثار الشعب عليه. مارس محمد علي دور الخديوي على أرض الواقع، ومكّنه ذكاؤه واستغلاله للظروف المحيطة به من أن يستمر في حكم مصر حتي وافته المنية عام 1848م. خلال فترة حكمه، استطاع أن ينهض بمصر عسكريًا وتعليميًا وصناعيًا وزراعيًا وتجاريًا، مما جعل من مصر دولة ذات سيادة وثقل في تلك الفترة، إلا أن حالتها تلك لم تستمر بسبب ضعف خلفائه وتفريطهم فيما حققه من مكاسب بالتدريج إلى أن سقطت الدولة العلوية في 18 يونيو سنة 1953 م، بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية في مصر.
 
   خاض محمد علي حربًا داخلية ضد المماليك وتدخل الإنجليز إلى أن خضعت له مصر بالكليّة، ثم خاض حروبًا بالوكالة عن الدولة العلية في جزيرة العرب ضد الوهابيين، وضد الثوار اليونانيين الثائرين على الحكم العثماني في المورة، كما وسع دولته جنوبًا بضم السودان. ثم تحول لمحاربة الدولة العثمانية في الشام والأناضول، وكاد أن يسقط الدولة العثمانية، لولا تعارض ذلك مع مصالح الدول الغربية التي أوقفته وأرغمته على التنازل عن معظم الأراضي التي ضمها. وفي عام 1840م، ضمنت معاهدة لندن لمحمد علي طلبه بخصوص توريث سلالته الحكم.
 
    في عام 1813، أرسل محمد علي إلى إيطاليا، عدد من الطلبة لدراسة العلوم العسكرية وطرق بناء السفن والهندسة والطباعة، ثم أتبعها ببعثات لفرنسا وإنجلترا. كانت البعثات الأولى صغيرة، حيث كان جملة من بعث خلالها لا يتعدى 28 طالبًا، ورغم ذلك فقد لمع منهم عثمان نور الدين الذي أصبح أميرالاي الأسطول المصري ونقولا مسابكي الذي أسس مطبعة بولاق 1821. ثم تتالت البعثات إلي فرنسا وانجلترا والنمسا في جميع التخصصات العلمية اللازمة لنهضة مصر، عدد تلك البعثات تسع بعثات، ضمت 319 طالبًا، كانت أهمها بعثة الأنجال عام 1844م إلي فرنسا التي ضمت 83 طالبا بينهم إثنين من أبنائه واثنين من أحفاده. وكانت ثمرة هذه البعثات انشاء المعاهد العليا والمدارس المختلفة لتعليم أبناء الشعب العلوم الحديثة بجانب التعليم الأزهري. كما أمر بتوجيه ثلاث حملات بقيادة البكباشي سليم القبطان أعوام 1839، 1840، و1841 لاستكشاف منابع نهرالنيل، وكان لتلك الحملات الفضل الكبير في استكشاف تلك المناطق ومعرفة أحوالها وضم السودان إلي مصر. 
 
    حكم محمد علي 43 عاماً وهذه المدة تعدة من أطول فترات الحكم في تاريخ مصر الحديث، بينما كانت فترة حكم ابنه إبراهيم باشا أقصر فترة حكم في الأسرة. وعلى عكس ماقد توحي فترة حكمه القصيرة، فإن إبراهيم باشا بعيد كل البعد على أن يكون شخصية مهملة تاريخاً أو ليست ذا أثر، بالرغم من أن أغلب إنجازاته تمت تحت الوصاية وقبل صعوده على العرش. 
 
   أما خليفته عباس حلمي الأول، فقد وصف بأنه "أسوأ المستبدين الشرقيين"، فقد أوقف العمل بجميع الإصلاحات التي تمت قبله، مما يجعله الحاكم الأكثر إثارةً للجدل في العائلة. كان كلاً من سعيد باشا وإسماعيل باشا، أكثر انفتاحاً على الطابع الغربي، واستمرت في  عهديهما عملية التوسيع والتحديث في البلاد التي أنشأها محمد علي، ولكن بشكل أكثر سخاءً
   بعد وفاة محمد سعيد باشا في 18 يناير 1863 حصل اسماعيل على السلطة ومنذ أن تولى مقاليد الحكم ظل يسعى إلى السير على خطى جده محمد علي، وفي 8 يونيو 1876م أصدر السلطان عبد العزيز الأول فرمان منح فيه إسماعيل لقب الخديوي مقابل زيادة في الجزية، وتم بموجب هذا الفرمان أيضًا تعديل طريقة نقل الحكم لتصبح بالوراثه لأكبر أبناء الخديوي سنًا، كما حصل في 10 سبتمبر 1872م على فرمان آخر يتيح له حق الإستدانة من الخارج دون الرجوع إلى الدولة العثمانية، وفي 8 يونيو 1873 م حصل الخديوي إسماعيل على الفرمان الشامل الذي تم منحه فيه إستقلاله في حكم مصر بإستثناء دفع الجزية السنوية وعقد المعاهدات السياسة وعدم حق في التمثيل الدبلوماسي وعدم صناعة المدرعات الحربية.
 
    اشتهر الخديوي إسماعيل بافتتاحه قناة السويس، بالإضافة لإعادة بناء مناطق في القاهرة على طراز هاوزمان الأوروبي. أدت سياسته السخية في الاحتفالات وتطوير القاهرة على الطراز الأوروبي إلى إفلاس البلاد، مما أدى إلى تزايد نفوذ الدائنين الأوروبيين في البلاد والتدخل في شئونها الداخلية.
    تولى توفيق باشا نجل إسماعيل الحكم بعد والده، في عهده أصدر ناظر الحربية عثمان رفقي باشا عددا من القرارات التي اعتبرها الضباط المصريون تحيزا للشركس في الجيش على حساب المصريين: منع ترقية ضباط الصف المصريين و الاكتفاء بخريجي المدارس الحربية، واستبدال بعض كبار الضباط المصريين بالشراكسة في المواقع القيادية بالجيش. أثارت تلك القرارات غضب الضباط المصريين واتهموا الشراكسة بالعمل على استعادة دولة المماليك، ثم اجتمع الضباط المصريون على تقديم مذكرة لرياض باشا رئيس النظار وقعها عرابي واثنان من زملائه اشتملت على النقاط التالية: التظلم من انحياز عثمان رفقي للشراكسة، والمطالبة بتعديل قوانين الجيش للمساواة بين جميع الاجناس في الجيش، وتعيين ناظر للحربية من الوطنيين، والمطالبة بقيام مجلس نواب وطني كما وعد الخديوي ابان توليه، وأن يرتفع عدد الجيش المصري إلى 18 ألفا.
 
   لم يتقبل الخديوي هذه المطالب وقرر القبض على عرابي وزملائه ومحاكمتهم عسكرياَ حيث اعتبرهم من المتأمرين. وبالفعل استدعي عرابي و زملاؤه إلى ديوان الجهادية حيث تم اعتقالهم لبرهة قبل أن يقوم الضباط المصريون بتحريرهم بالقوة. ثم انضمت إليهم المزيد من وحدات الجيش المصري. إتصل عرابي بالقنصل الفرنسي لإعلامه بالأحداث و بقية القناصل الأجانب وطلب تدخلهم لإصلاح ذات البين.
 
   استجاب الخديوي لمطالبهم و عين محمود سامي باشا بعد تزكية عرابي له رغم كونه من الشراكسة و شرع محمود سامي في تعديل القوانين العسكرية و إصلاحها. ولكن سرعان ما عزله رئيس النظار وعين داود باشا يكن مكانه. الذي اصدر عددا من القرارات التي رفضها الضباط المصريون وقدموا مذكرة ثانية في صباح يوم الجمعة 9 سبتمبر 1881 يعلمون فيها الحكومة بقدوم كامل القوات المقيمة بالقاهرة إلى سراي عابدين في عصر نفس اليوم لعرض طلباتهم على الخديوي ثم خاطبوا القناصل الأجانب لتطمينهم على سلامة رعاياهم. وقد استجاب الخديوي لمطالبهم مرة ثانية فاسقط الوزارة و أنشأ مجلسا للنواب و زاد عدد الجيش.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع