بقلم : أسامة كمال | الثلاثاء ١٦ فبراير ٢٠١٦ -
١٨:
٠٣ م +02:00 EET
أسامة كمال
عندما استضفت د. عبدالمنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة هذه المؤسسة العريقة، الأسبوع الماضى، وتحدثنا عن دخول الزملاء من الصحفيين مجال الإعلام المرئى، شبه دخولهم برغبة الإعلاميين في مجال الكتابة الصحفية، وأعطى المثال بمحاولاتى المتواضعة للكتابة في «المصرى اليوم»، وهى محاولات لم تبدأ إلا من فترة شهور قصيرة، سبقتها محاولات سابقة في «العالم اليوم» على يد الصديق عصام الجمال في الفترة من 2009 إلى 2010.
دفعتنى كلمة د. عبدالمنعم لأن أسأل نفسى: لماذا أكتب رغم أن لى نافذة متسعة في قناة «القاهرة والناس»، يطل عليها عدد كبير من المصريين وغير المصريين لمدة لا تقل عن ست ساعات أسبوعياً، وهو ما يعادل عدة مقالات مجتمعة، أقول خلالها وأحلل وأستضيف وأستمع وأتلقى أحياناً سباباً، وكثيراً مديحاً بعضه مستحق وبعضه مجرد مجاملة، ولكن لا يهم.. نفس الأمر يحدث في المقال وإن كان بنسبة أقل. هل هي رغبة في الحصول على نافذة إضافية من باب الطمع في الوصول إلى عدد أكبر من المتابعين؟ هل هي محاولة للفذلكة وإثبات أننى مفوه ومتعدد المواهب، أكتب وأقول وأذيع إن أردت؟ هل الكتابة توثيق لا يضيع مع الزمن مثلما تضيع آلاف الساعات التليفزيونية بين غث وثمين لا فرق بينها جميعا؟ عشرات الأسئلة طافت في فكرى، وجعلتنى أتريث قليلاً قبل أن أعاود الكتابة لأعرف لماذا أكتب وأضع سؤالاً آخر في الطريق، وهو لماذا أذيع؟ هل هو حب الظهور؟ هل هو أكل عيش؟ هل هو عادة؟
لا يمكننى الادعاء أننى وصلت إلى نتيجة متكاملة ونهائية، ولكننى قمت باستبعاد معظم الفرضيات السابقة دون عند ولا غرور ولا ادعاء كاذب.. تذكرت حين طلب منى الصديق العزيز على السيد، رئيس تحرير «المصرى اليوم» الأسبق، الكتابة، وقال لى «لو كتبت ما تقوله في مقدمة برنامجك لكان مقالاً ممتازاً». ولكننى لم أكتب.. ثم دعانى الأستاذ محمود مسلم، رئيس التحرير بعده، للكتابة فلم أكتب، إلى أن زارنى في مكتبى ومعه الأصدقاء محمود الكردوسى، صاحب أشهر كرباج في مصر، وأحمد الخطيب، وفى نهاية الجلسة طلب منى الكتابة مرة أخرى فكتبت. لامنى البعض على الكتابة لأننى لا أتمتع بخبرة كافية لمقام «المصرى اليوم»، ولامنى البعض الآخر للكتابة في «المصرى اليوم» نفسها لأنهم لا يحبونها.. ورغم هذا الرأى وذاك كانت الاستجابة من القارئ مشجعة، وبرز المقال في أكثر من مرة في الأكثر قراءة فتشجعت..
ولكن كلمات رئيس مجلس الإدارة، وقبله رئيس التحرير، هي التي دعتنى للتوقف والتساؤل، لولا تشجيع الصديق عماد سيد أحمد والأستاذ صلاح دياب، ربما كانت الوقفة أطول. ولكن السؤال المطروح هنا هو: لماذا أطرح قضية شخصية في مساحة مهمة في صحيفة مهمة.. والحق أنها ليست قضية شخصية فحسب ولكنها أيضا قضية عامة تخص كل من يفعل أي أمر، خاصة لو كان يتعلق بالشأن العام.. فيجب عليه أن يتوقف ويطرح تساؤلات مشابهة على نفسه.. لماذا يفعل ولماذا لا يتوقف؟ هل يحسن ما يفعله أم جدير به أن يتوقف ويفسح الطريق لمن هو أقدر منه على نفس الأمر؟.. إنها ليست دعوة للانسحاب والتخلى عن المسؤولية ولكنها دعوة لمراجعة النفس..
سواء كنت إعلاميا أو كاتبا أو وزيرا أو حتى أمين مكتبة أو عاملا في ورشة لحام.. الكل سواسية. لو فعلنا ذلك لعرفنا متى نعتزل، كما فعل كابتن مصر العظيم محمود الخطيب، وبقى في قلوب البشر، ومن بعده أمير القلوب أبوتريكة وبركات وغيرهم.. أو نعرف متى نغير المسار كمن بدأ طبيباً فأصبح أديباً أو غيره.. مراجعة النفس واجبة قبل أن يجد أي شخص يفعل أمراً محمولاً على الأعناق وملقى على قارعة الطريق وهو ينظر خلفه ويصرخ بأسلوب العظيم الريحانى «طب هاتوا الطربوش».
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع