الأقباط متحدون - ورحل شرطي العالم 2-3
أخر تحديث ٠٣:٠٧ | الثلاثاء ٢٣ فبراير ٢٠١٦ | ١٥أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٤٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

ورحل شرطي العالم 2-3

الدكتور بطرس غالي
الدكتور بطرس غالي

د.مينا ملاك عازر
تحدثت في المقال السابق عن الدكتور بطرس غالي النبيل الذي تولى أرفع المناصب الدبلوماسية المصرية والدولية، كنت أروي عنه ليعرف العالم نقاط مضيئة بل شديدة الإضاءة في تاريخ الرجل، أثرت في تاريخ العالم.

الدكتور بطرس غالي وزير من طراز فريد، استطاع التعامل مع رجال شديدي المراس من بينهم عسكريين وطنيين لهم مواقفهم وأعداء يجلسون معه على مائدة التفاوض لهم مواقف متشددة من بلاده كالقائد العسكري ووزير الخارجية وقت تفاوضه مع موشيه ديان، يروي غالي كيف تعامل معه وأثناه عن الكثير من مواقفه المتشددة حيال القضايا المتنازع عليها، ويروي لنا كيف استقال إبراهيم كامل من وزارة الخارجية؟ وكيف حاول أن يثنيه عن ذلك مع أن أي إنسان آخر في موضعه كان من الممكن أن يختار دفعه للاستقالة ليخلو له الجو بالكرسي لكنه كان متثق مع نفسه ومع عمله.

كان غالي في مواقفه شهماً نبيلاً، يحكي في أدب عن ما كان يفعله التهامي أثناء مفاوضات كامب ديفيد وما قبلها في أدب جم، لا ينتقد الرجل ولا ينتقص منه رغم أنك تستطيع أن تتخذ مواقف من التهامي الذي كان يقول أمور تستحق أن تسخر منها ومنه لكن غالي كان يروي بحيادية شديدة مبهرة.

استمر غالي في منصبه طويلاً حتى أصبح أميناً عاماً للأمم المتحدة حينها، وحينها فقط ترك وزارة الخارجية والعمل المصري وخرج من الأهرام ولنا هنا وقفة.
يروي أحد الثقاة، أن من اختار الدكتور أسامة الغزالي حرب ليكون رئيساً لتحرير مجلة السياسة الدولية هو الدكتور بطرس غالي وضغط على إبراهيم نافع لينفذ ذلك الاختيار وقد رضخ نافع له، كان وقتها يتعامل مع رجل يتولى منصب شرطي العالم بحسب الأعراف العالمية، وهو بطرس غالي الأمين العام للأمم المتحدة، فاتصل بالهاتف قبل أن يدخل الجورنال للمطبعة أصدر أمراً بتغيير اسم المعين لمنصب رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية من فلان الذي سأحتفظ باسمه لنفسي-معذرة- إلى الدكتور أسامة الغزالي حينها احتضن غالي حرب وهنأه بتوليه المنصب رغم صغر سنه، وشد من أذره، وتمنى له التوفيق.

وليخرج يومها بطرس غالي من الأهرام ليجلس في بيت من زجاج بحسب وصفه للأمم المتحدة في كتابه سنوات في بيت من زجاج، تعامل وقتها مع قضايا عالمية واصطدم مع قوى عالمية، شهد وقت وجوده بالأمم المتحدة نهاية الاتحاد السوفييتي أي نهاية الحرب الباردة ليبدأ اندلاع حروب محلية تدخلت فيها قوى عالمية إلى أن رفضت أمريكا تماماً استمراره بعد أزمة مذبحة قانا ، وضغطت على العالم كله لإخراجه من منصبه، وهو ما تقبله مرفوع الرأس دون أي ضيق لاقتناعه بمواقفه لعدم وجود استعداد لديه ليتناقض مع نفسه ، وليتقلد منصب أمين عاماً لمجلس الفرانكفون كتعويض فرنسي للرجل الذي كانت تحترمه وتريده أن يبقى في الأمم المتحدة.

عزيزي القارئ، المقال القادم أروي لك عن بعض ما تعلمته من النبيل شرطي العالم.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter