الأقباط متحدون - مؤسساتنا الدينية وقيمة التسامح
أخر تحديث ١٣:٢٨ | الأحد ٢٨ فبراير ٢٠١٦ | ٢٠ أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٥٢ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مؤسساتنا الدينية وقيمة التسامح

كتب : مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com
لا شك أننا بتنا فى حاجة إلى دعم وتحفيز كل دعوات التسامح بكل أشكاله ودرجاته.. تسامح فكرى واجتماعى ودينى وإنسانى، وأن تتشارك كل القوى فى صياغة وإثراء حالة تسمح بالحوار المنطقى الجاد والهادئ بعيداً عن التعصب والخطب الحنجورية ورمى الأحجار فى وجه الآخر، إلى حد أننا لا نرى بعضنا من فرط ما نضع من سدود وسواتر بينية تلغى فرص الرؤية الإنسانية والفكرية وقراءة بعضنا البعض، وصدق توماس هوبز عندما أكد على أن الدولة الكاملة هى التى لا تنشأ من الطبيعة، ولكن من العقل، ويستلزم ذلك عقداً اجتماعياً ، كما وجه هوبز للكنيسة رسالة حادة يطالبها بتحديد علاقتها بالنظام الاجتماعى، ورفض أية تنظيمات اجتماعية تتوسط العلاقة بين الفرد والمجتمع فى تأكيد على حركة البشر، وفقاً لمصالحهم الخاصة دون وسيط بينهم وبين الدولة..
 
ويؤكد أشرف عبد الوهاب فى كتابه البديع والهام "التسامح الاجتماعى بين التراث والتغيير" أن جون لوك كان يخرج أتباع المذهب الكاثوليكى فى بلده من عداد من يجب التسامح معهم، لأنهم خطرون سياسياً نتيجة تبعيتهم للبابا فى روما، وكذلك فإن لوك لا يتسامح مع الملحدين، لأنهم يُعتبرون خطراً على المجتمع والدولة.. كان يحدث هذا فى القرن السادس عشر.. لقد طرح جون لوك تساؤلاً لازال يتردد حتى الآن حول مدى صلاحيات الكهنوت ودورالمؤسسة الدينية، وكانت إجابته بشكل قاطع أنه مادامت سلطات الكنيسة ذات طابع كنسى فيجب أن تكون مقيدة بحدود الكنيسة، ولا تمتد بأى حال من الأحوال إلى الشئون الدنيوية، لأن الكنيسة يجب أن تكون منفصلة عن الدولة ومتميزة عنها تماماً، وهما فى رأيه متباعدتان أشد التباعد ..
 
لقد شهد الخطاب الديني تراجعا وشكلاً طائفيا ، قد يكون بسبب  أن رجال الدين لدينا يصرون على عرض ما تعلموه في الكتب على المستمعين لهم من دون أن يعيدوا النظر في كيفية وتوقيت طرحه ، وأيضاً نوعية المستقبل للرسالة ،والمطلوب من هؤلاء المستمعين أن يقولوا لهم (آمين) ، كما أن الواجب على أي داعية أن يلم بشؤون عصره وعلومه وأحداثه ومواقفه.وأن يخاطب الناس بلغتهم لا بلغة السلف الذين خاطبوا الناس بلغتهم وبما يناسب عصورهم التي ظهروا فيها. ولسنوات فشلت المؤسسة الدينية الرسمية في بلادنا العربية كلها في الوصول إلى الناس والتأثير فيهم..
 
اعترف فضيلة الامام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بغياب منهج الأزهر الوسطى المعتدل وقدرته على مواجهة الظروف التي عاشتها مصر مؤخرا مما أعطى الفرصة للأخرين ،مرجعا ذلك التراجع لضعف مستوى الائمة والدعاة وخريجي الأزهر وعدم تحملهم مسئولية الدعوة والانجرار وراء مطالبهم الحياتية والمصالح الضيفة مما جعل صوت الأزهر غير مسموع أو مؤثر.
 
من منا لا يتذكر المقولة الرائعة لقداسة البابا شنودة رداً على سؤال لإعلامي شهير حول هل تسعى الكنيسة المصرية لتجميع أقباط مصر في دولة في صعيد مصر ، فقال قداسته أن أمان وحياة واستقرار المواطن المسيحي في وجوده مع أخوه المسلم في تشارك ووجود وتكامل إنساني في وطن للجميع .. فهل يفهم من يتحدثون عن عصور الاستشهاد مضمون تلك الرسالة ؟ هل آن لمن يتحدثون عن هوية على أساس ديني أن يصمتوا .. هل يفهم كلام البابا من يتهمون عقلاء الوطن أصحاب رسالات السماحة والتعايش بالخيانة ؟ .. هل يفهم هؤلاء أن الإصلاح للخطاب الديني للمسجد والكنيسة هو البداية لنسيان كل أزمنة التوهان الطائفي ؟ .. وإذا كان الكاهن والإمام يلح عليهم أحيانا اتخاذ مواقف سياسية في زمن الانتخابات فليخلعوا رداء الكهنوت والإمامة ..اللهم بلغت اللهم فاشهد ..

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter