الأقباط متحدون - مصر تبكى أطفالها...
أخر تحديث ٠٢:١٤ | الاثنين ٢٩ فبراير ٢٠١٦ | ٢١ أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٥٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مصر تبكى أطفالها...

بقلم: منير بشاى

اتصور مصر سيدة كريمة عطوفة تفتح بيتها لايواء كل غريب واطعام كل جائع واعطاء الامان لكل مظلوم.  هذه العادة الأصيلة فى مصر جعلت العناية الالهية تختارها لتكون الملجأ الذى يأوى الطفل يسوع الهارب من بطش هيرودس.  ومصر كانت دائما الام الحانية التى تحب وتحمى اطفالها.  فأين ذهبت تلك القيم المصرية الاصيلة فى هذا الزمن الصعب؟

عندما يحكم بسجن اربعة اطفال بين الخامسة عشر والثامنة عشر بالسجن لمدة 5 سنوات مع النفاذ وهى اقصى ما هو متاح للقاضى.  وعندما لا يسمح القاضى بقبول الكفالة لحين نظر القضية فى الاستئناف وبذلك يكون هؤلاء الاطفال عرضة للقبض عليهم فى اى وقت.  عندما يحدث هذا فنحن امام حالتين: إما اننا نتعامل مع عتاة المجرمين الذين كانوا يخططون لدمار مصر، وإما اننا نتعامل مع اطفال ابرياء اصبحوا فريسة للتعصب الذى يعم مصر فى هذه الايام.  الحالة الثانية هى الحقيقة للاسف الشديد.

كانت جريمة هؤلاء الاطفال هى انهم كانوا يلعبون مثل اى اطفال فى سنهم فأخذوا يسخرون من داعش الذين كانوا يصلون ثم يذبحون ضحاياهم.  وقام المدرس بتصوير المشهد الذى لم يتجاوز نصف دقيقة فعوقب بتهجيره من قريته فى جلسة عرفية وبالاضافة لذلك حكمت المحكمة عليه بالسجن ثلاث سنوات.  هذا مع ان الفيديو لم يغادر تلك الغرفة او يعرض على الجماهير بقصد اثارة فتنة طائفية ولم تكن هناك نية الاساءة لأى دين او اى انسان.

فى صميم المشكلة وجود قانون صمم اساسا ليكون حاميا للمسيحيين من ازدراء الدين المسيحى فاذ به يصبح سيفا مسلطا على رقاب المسيحيين وبعض المسلمين.  ومشكلة ذلك القانون انه يستعمل تعبيرات مطاطة مثل "تعدى او حط او ازدرى او سخر" وهى تتوقف فى تطبيقها على تقدير القضاة  ويمكن ان تطال من يستعملها بحسن نية.

من الذين طالهم هذا القانون الجائر نيفين نادى جاد مدرسة قبطية باسيوط التى قيل انها نطقت اسم رسول الاسلام دون ان تضيف له عبارة "صلى الله عليه وسلم". وايضا دميانة مدرسة الاقصر البريئة بشهادة مدير المدرسة ومدير المنطقة التعليمية وهما مسلمان والتى حكم عليها بالسجن 6 شهور وبغرامة قدرها 100 الف جنيه بدلا من الغرامة المعتادة وقدرها 1000 جنيه.  وايضا كيرلس الذى حكم عليه بالسجن المشدد لمدة 6 سنوات لمجرد انه ضغط على زرار (لايك) فى الفيسبوك لمقال ينتقد الاسلام والمعروف ان كلمة لايك يكتبها رواد الفيسبوك دون تفكير.  وايضا مايكل منير الذى ارسل لاصدقائه تسجيلا لحلقة تلفزيونية لمناظرة فى الدين الاسلامى سبق بثها فيحكم عليه بالسجن سنة بتهمة ترويجه فكر متطرف.  وايضا الطفلين نبيل (10 سنوات) ومينا (9سنوات) اللذين قبضا عليهما بتهمة ازدراء القرآن واودعا السجن مع انهما طفلين قرويين لا يجيدا القراءة والكتابة.

ومن الذين طالهم هذا القانون الكتاب والمفكرين ومنهم اسلام بحيرى الذى يقضى عقوبته فى السجن لاتهامه بالهجوم على علماء الاسلام والتشكيك فى صحيح البخارى وصحيح مسلم وكتب التراث.  وايضا الكاتبة فاطمة ناعوت لكتابتها مقالا طالبت فيه بالرحمة بالحيوان عند ذبح اضحية العيد.  وايضا الرسام الكاريكاتيرى مصطفى حسين الذى نشر رسما فى صحيفة اخبار اليوم يسخر من السلفيين وكتب فكرة الرسم الكاتب احمد رجب.

وبعد – يبدو ان مكافحة ازدراء الاديان امر يستحيل تطبيقه فى مصر.  والسبب انه عند بعض اخوتنا فى الوطن اى ازدراء بالاديان الاخرى لا يعتبر ازدراء بينما اى اشارة للاسلام مهما كانت يتم تفسيرها على انها ازدراء، وفى الحال تقوم القيامة فيقتل من يقتل ويهجر من يهجر، ومن ينجو من هذه وتلك غالبا يكون مصيره السجن المشدد.

سيادة الرئيس: سمعنا خطابك فى مناسبة تدشين استراتيجية مصؤ 2030.  وشعرنا باحساسك وفهمنا ما قلته وما لم تقله.  وكلامك عن محاور التنمية جميل ومطلوب.  ولكن اسمح لى ان اضيف محورا هاما اقتبسه من كلامك انت فى عدة مناسبات وهو الخطاب الدينى المتطرف وهو الذى يمكن ان يحبط كل شىء.  لابد انك تعلم ان هناك اذناب للمتطرفين الذين حكموا مصر من قبلك.  ونحن نكن لك بالعرفان لازاحتك لهم من الحكم، ولكن للاسف ما تزال لهم بقايا متغلغلة فى كل مؤسسات الدولة.  هؤلاء يريدون ان يحرجوك امام العالم حتى يتمكنوا من اسقاط الدولة المصرية كخطوة اولى فى طريق عودتهم لحكم مصر.  خاب ظنهم.

لقد قلت ان "اللى هيقربلها (مصر) هتشيله من على وش مصر" ونحن نضع امامك هؤلاء الاطفال الذين على وشك ان يضيع مستقبلهم دون جريمة ارتكبوها.  هؤلاء يمثلون وجه مصر ومستقبلها ونحن نطالبك ان تمد لهم يد الحماية وتنقذهم مما اصابهم على يد القضاء الذى هو الملاذ لكل مظلوم ولكن عوضا عن هذا اصبح المكان لظلم الابرياء.

قانون ازدراء الاديان يجب ان يلغى وكل من اصابه الغبن بسببه يجب اعادة النظر فى قضاياهم امام قضاة غير متعصبين.  ألله لم يعيّن انسانا ليكون وكيله على الارض.  الله قادر على حماية دينه فاتركوا الدين لصاحب الدين واتركوا خلائق الله لينعموا بشىء من الحرية والعدل والامان التى هى من أعظم ما اعطانا الله.

Mounir.bishay@sbcglobal.net
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter