الأقباط متحدون - التجارة الخسيسة بالوطنية والدين
أخر تحديث ١٠:٢٠ | الجمعة ٤ مارس ٢٠١٦ | ٢٥ أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٥٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

"التجارة الخسيسة بالوطنية والدين"

الرئيس عبد الفتاح السيسي
الرئيس عبد الفتاح السيسي

نعيم يوسف
كمواطن عادي.. أتقبل كل أنواع التجارة، ومصادر الرزق واحترمها، وقد أغض الطرف عن متاجرة بعض السياسيين، بآمال وطموحات الشعوب، مع ملاحظة وضع علامة بالقلم الأحمر -أعلم عليه كما يقول المصريون-، إلا عندما تصل التجارة إلى أقدس ما لدينا وهو الدين والوطن وشهداؤه، فحينها يصبح التغاضي أو الصمت، نوعا من الخسة والنذالة، ومشاركة في التجارة الخسيسة بالوطنية والدين.

"علشان خاطر مصر"، و"تحيا مصر" و"علشان دم شهداء الشرطة والجيش متروحش هدر" ... هذه الكلمات وغيرها يرددها كثيرا الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطاباته، محاولا استفزاز واستنفار مشاعر الوطنية والانتماء لدى المصريين وتعزيز هممهم وطاقاتهم، إلا أن الفاسدون، الفسدة، المجرمون، الذين هان عليهم كل شئ أصبحوا يستغلون هذه العبارات لستر جرائمهم، والتستر عليها.

أصبح من يتحدث عن فساد في وزارة ما، أو هيئة ما، لا يحب مصر ولا يريد أن "تحيا مصر"، وأصبح كل من يعارض اعتداءا من بعض رجال الشرطة على مواطنين عاديين، ضد حقوق الشهداء من الجيش والشرطة، وكأن حقوقهم لا تأتي بالقصاص العادل من مرتكبي هذه الجرائم، والمحرضين والمتسترين عليها، بل تأتي هذه الحقوق من الصمت على الإعتداء على المواطنين العزل!!! هل شربنا من "نهر الجنون" إلى هذا الحد؟؟

ليس هذا فحسب.. بل صار من يعارض أو يفكر مجرد التفكير في مخالفة الوضع السائد، من منطلق حبه وإخلاصه لوطنه، يتهم على الفور بالخيانة، والتآمر و"القبض" من أجل تدمير مصر، وتقسيمها وزعزعة الاستقرار، وكأن استقرار مصر لا يحدث بمواطنين صالحين، بل بمجموعة مغيبة من الخرفان التي تساق كلها في قطيع واحد، "شمال شمال.. يمين يمين".

أما عن التجارة بالدين ف"حدث ولا حرج"، فقد أصبح المصريون جميعهم مسلمون ومسيحيون يعتقدون أنهم يتحدثون باسم الإله، وأنهم مندوبون عن الله جل علاه، في تسيير وتصيير أمور خليقته على الأرض إلا شئونهم هم مدعوا التدين الزائف السطحي، حيث يبررون كل ما يفعلونه باسم الله وحاشا له أن يعرف أمثال هؤلاء.

أصبح المصريون يدافعون عن الله وليس العكس، فعندما تجرؤ على معارضة مؤسسة الأزهر، أو رجل دين مسلم، أو حتى تنظيم "داعش" الإرهابي وأفكاره المسمومة، تجد المئات ممن يكفرونك ويشهرون سيوف قانون ازدراء الأديان في وجهك، و"تلبس قضية وش"، وعندما تعترض على قرارا اتخذته قيادة كنسية، تجد المئات ممن يخرجونك من الملة، ويتهمونك بالهرطقة والبعد عن الإيمان المستقيم... إلى أخر هذه التهم البشعة المتشابهة في جوهرها، النابعة من نفس المصدر وهو الجهل والتطرف.

كان.. الشعب المصري متدينا بطبعه... وكان.. الشعب المصري متسامحا ودودا... وكان .. الشعب المصري يرفض الرشوة والفساد.. وأصبح جزء كبير من الشعب المصري عكس ذلك تماما، وهناك فئة ضالة تحاول التجارة بأقدس ما فينا ولدينا.. إنها التجارة الخسيسة بالوطنية والدين، ف"الدين لله والوطن للجميع" ... أي أنه لا يحتكرهما أحدا لكي يتاجر بهما، فلا يوجد شخص على أرض مصر يمتلكهما بمفرده، ولن يوجد من يفعل ذلك ليحاسب الناس على وطنيتهم وعلاقتهم بالله، ويوزع صكوك الوطنية والدين كما يريد.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter