سانت كاترين والأنبا بيشوي.. من أقدم الأديرة القبطية في مصر والعالم
كتب – نعيم يوسف
بدأت الرهبنة في مصر عن طريق أناس عاديين، أرادوا الانفصال عن حياة العالم، ومغرياتها، إلا أن سمعتهم الطيبة جذبت إليهم العشرات، والمئات من التابعين، ثم بدأوا في التجمع معًا وبنوا الكنائس، والأديرة، وفي القرنين الرابع والخامس، انتشرت الرهبنة من مصر إلى العديد من المناطق في العالم، ومنها فلسطين وسوريا واناتوليا و في جهة الغرب في الغال وايطاليا واسبانيا، ونعرض في التقرير التالي أبرز الأديرة وأقدمها في مصر.
دير سانت كاترين
يُعتبر دير "سانت كاترين" من أقدم الأديرة الأثرية في مصر والعالم كله، حيث يُقال أنه تم بناؤه في عام 432م، وأصبح حاليًا من أهم المزارات السياحية، في سيناء، وهو يقع بالقرب من جبل موسى، وقد أمرت ببنائه الإمبراطورة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين، ليكون ملاذا للرهبان، ويسكنه رهبان الروم الأرثوذكس.
الدير يحتوي على كنيستين (الكبرى، والعليقة)، إضافة إلى مجموعة كنائس صغيرة ومسجد ومكتبة نفيسة تعد من أهم مكتبات العالم وقلالي للرهبات وآبار مياه أشهرها بئر موسي.
يضم الدير العديد من القطع الأثرية النادرة، تعود إلى عصور مختلفة، بالإضافة إلى أنه يضم عددًا كبيرًا من المخطوطات، وبه مكتبة مخطوطات، تعتبر الثانية في العالم بعد مكتبة الفاتيكان، وقد ساعد الدير الحكومة المصرية بمخطوطاته في مفاوضات استعادة سيناء من أيدي إسرائيل، بعد حرب أكتوبر.
دير الأنبا بيشوي
أواخر القرن الرابع الميلادي -حسب موقع كنيسة القديس تكلا هيمانوت- تم بناء دير القديس الأنبا بيشوي، في صحراء وادي النطرون، والقديس الأنبا بيشوي، أحد أعمدة الرهبنة في مصر، ويلقب بـ"حامل الإله"، وقد أعيد بناء الدير مرة أخرى عام 840م، وقد كان -وما يزال- به المقر البابوي، والذي أنشأه مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث، كما تم بناء مقرًا جديدًا الفترة الماضية، ود تم وضع جسد المتنيح البابا شنودة الثالث فيه، تنفيذًا لوصيته.
دير السريان
في القرن الخامس الميلادي، تم بناء دير السيدة العذراء والشهير باسم "السريان" على مساحة فدان و16 قيراط، ويبعد عن دير الأنبا بيشوي بنحو نصف كيلو متر، ويعود سبب تسميته بـ"السريان" لأنه كان يستقبل الرهبان القادمين من سوريا، وتعود شهرته إلى العديد من القديسين الذين سكنوا وعاشوا به، حيث يوجد به القلاية التي كان يعتكف بها الأنبا بيشوي، بالإضافة إلى شجرة الأنبا أفرام السرياني، والتي كانت في الأصل "عصا" نبتت وأفرخت.
دير القديس مارمينا
في المكان الذي دُفن فيه جسد الشهيد مارمينا، ذاعت الأخبار عن معجزات شفاء، حتى جاءت ابنة ملك القسطنطينية للتبرك من المكان، والتعافي من مرضها، وبالفعل شُفيت تمامًا، وظهر لها القديس وطلب منها بناء كنيسة في هذا المكان على اسمه، وبالفعل تم ذلك، وما بين عامي 364-363 شُيدت كنيسة كبيرة في نفس المكان، وفي عصر الملك "زينون" (474 - 491) قام الملك بزيارة المكان، ثم بني مدينة باسم القديس مينا، وظلت المدينة ذات شهرة واسعة، حتى طالها تخريبًا كبيرًا في القرن العاشر وتم تدميرها.
أعيد اكتشاف المدينة مرة أخرى عام 1905، في عهد البابا كيرلس الخامس، البطريرك رقم 112، في سلسلة بابوات الإسكندرية، الذي قام بإعادة بناء الدير، حيث يحتوي الدير على عدد من الكنائس، الأثرية والحديثة، إلى جانب مزارع وقلالي للرهبان، ثم واصل مثلث الرحمات البابا كيرلس السادس، ومن بعد مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث بناء الدير.