الأقباط متحدون - ثقافة التغيير والحلم الوطني
أخر تحديث ١٢:٢٠ | الأحد ٦ مارس ٢٠١٦ | ٢٧ أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٥٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

ثقافة التغيير والحلم الوطني

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
كتب : مدحت بشاي
 
في البيت والزقاق والحارة والشارع ، وفي كل منتديات النخبة وحتى في القعدات المخملية للناس المنشية كمان يحكي الجميع عن احتياجنا الملح للتحلى بمجموعة  ثقافات وقيم وسلوكيات إيجابية  لتغيير أخرى سلبية ، منها مواجهة الذات ونقد مثالبها ، وثقافة المساءلة والمحاسبة ، وثقافة التطوع والتبرع والوفاء والاعتذارعن الخطأ ، والانتماء ، والعمل في إطار الجماعة والعمل المجتمعي ، والتماهي مع الإيقاع الوطني بديلا عن الإعراق في حالة الاغتراب و الفوضى والانشطار والتشرذم الإنساني ، وتغليب الصالح العام مقابل الإفراط في الأنانية والذاتية ، ثم ثقافة احترام التبادلية مع الآخر من باب التثاقف والتفاعل والتلاقي ، وأخيراً ثقافة القول والشعارات والمزايدات والتباري في طرح الأطر النظرية ..وصدق أمير الشعراء أحمد شوقي " إذا أصيب القوم في أخلاقهم ، فأقم عليهم مأتماً وعويلاً "..
 
نعم التغيير ضرورة ،وقد أكد على حتمية إحداثه خروج الشعب المصري بالملايين في 25 يناير ، 30 يناير .. ولاشك أن تغيير مثل تلك الثقافات السابق الحديث عنها حكاية ملحة ، لأنه وببساطة ماجدوى دستور جديد ، ووضع سياسات تنموية واقتصادية متقدمة ، ونحن نعاني من خطابات دينية وأخرى ثقافية وإعلامية متخلفة تزرع في مواطننا البسيط قناعات ومبادئ قادرة على نسف جهود كل القوى الوطنية المخلصة لرسم ملامح أركان دولة مدنية معاصرة..
لقد صرح الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة السابق أن نصيب المواطن المصري في ميزانية وزارته 16 قرشاً ، والرجل لا يطرح حلولاً لدعم تلك الميزانية لأنه قد كان يرى أن الوقت غير مناسب ، والحقيقة أن من أسباب تدهور تلك الميزانية فصل قطاع الآثار عن وزارة الثقافة عن الوزارة ، وما تحققه المتاحف والمواقع الأثرية من دخل مادي كان يدعم إلى حد كبير تقديم مشاريع ثقافية ، ولكنني أرى أن التمترس الغريب خلف سبل الأداء النمطي ، وإدارة المنظومة الثقافية بشكل حكومي تقليدي بليد هو السبب الرئيسي في عدم نمو نصيب الفرد في ميزانية وزارة الثقافة ،وأذكر أنه من بين أسباب تراجع دور المؤسسة الرسمية لإدارة العمل الثقافي نحو تغيير الخطاب الثقافي الأمورالتالية :
 
 أولاً : تراجع الإعلام عن الأنشطة الثقافية الجادة والناجحة جماهيرياً ، وأذكر في هذا الإطار حالة إصرار صفوت الشريف الوزير الأشهر للإعلام على تهميش مساحات الإعلام عن الأنشطة الثقافية نظراً لحالة المنافسة الخايبة بين وزيري الإعلام والثقافة في مجال الظهور على الساحة وعبر سنوات كثيرة تواجدا فيها في تشكيلات حكومية متعاقبة .. وكان وزير الثقافة فاروق حسني كثيراً ما يعرب عن دهشته لغياب أنشطة وزارته على الخريطة البرامجية للتليفزيون المصري ، وحتى عندما تم تخصيص قناة للثقافة وأخرى للتنوير ( التي تم إغلاقها بغباوة قرار رغم نجاحها النسبي عن القناة الثقافية ) لم يكن هناك خطة لتقديم أنشطة الوزارة بشكل جذاب وجماهيري ، وإلى حد مطالبة فاروق حسني في نهاية وجوده الحكومي بإنشاء قناة للوزارة تتولى وزارته إداراتها وإعداد خططها الإعلامية ..
ثانياً : رغم نجاح تجارب تسويق وبيع الأنشطة الثقافية في عدد من التجارب والمحاولات على مستوى القطاع الخاص وأشهرها تجربة " ساقية الصاوي " لم يحاول مسؤول حتى في مجال قطاع الثقافة الجماهيرية أن يستفيد من معطيات نجاح تلك التجربة في تحقيق تواصل معقول مع الشباب وأيضاً تحقيق العائد المادي المحفز دون مبالغة تشجيعاً للتواصل مع طالبي تلك الخدمات ومن جانب آخر وجود موارد مالية للصرف على قطاعات ثقافية تشكو من الميزانيات الضعيفة .. 
 
ثالثاً : الخيارات السيئة لقيادات العمل الثقافي ، وفي هذا السياق سعدت لتصريح وزير الثقافة الحالي باعترافه أن هناك اضطرار لاختيار قيادات من خارج الوزارة يتم تقديمها بناء على دراية حقيقية ووعي بمتطلبات تطوير العمل الثقافي والتنويري ( على ألا يكون على أساس الدرجة الأكاديمية فقط ، فيتم اختيار أستاذ جامعي لم يساهم بأي شكل من الأشكال في إثراء العمل الثقافي فيكون بمثال رئيس قطاع الثقافة الجماهيرية الأستاذ الدكتور الذي استشهد في عهده عشرات المبدعين على مسرح قصر ثقافة بني سويف !! ) ..
 
 منذ 40 سنة كنت أقضي معظم يومي كشاب وطالب ثانوي يهوى ممارسة الرسم والنحت بقصر ثقافة كفر الشيخ ، وبناء على دعوة من وزارة الثقافة للمشاركة في معرض فنون تشكيلية على مستوى قصور ثقافة الجمهورية تم اختيار لوحة وتمثال من أعمالي ضمن الأعمال الممثلة لشباب القصر في المعرض .. وفي اليوم المحدد لسفر الأعمال كان لي حظ السفر مع سائق العربة الضخمة التابعة للوزارة والمشرف الفني للقصر وباستثناء طريقة وضع الأعمال في السيارة و عدم تغليفها بالشكل الذي يضمن حمايتها من تبعات النقل ، فقد كانت المفاجأة ، وقوف السيارة وحديث هامس بين السائق والمشرف الفني للقصر وبعدها نزلا وغابا عني فترة ثم صعدا مرة أخرى وواصلنا مسيرتنا ، وعند الوصول لموقع العرض في القاهرة ( قصر ثقافة جاردن سيتي ) كانت المفاجأة المرعبة ــ التي لن أنساها ــ بوجود عدد كبير من الماعز مع اللوحات وكان تخليص اللوحات والتماثيل من بين براثن القطيع  بصعوبة ، و كان تدمير حلم شباب الفنانين بالمشاركة في المعرض الأول لهم إلا بمجموعة أعمال صغيرة أمكن ترميمها بصعوبة ، وسلملي على الثقافة الجماهيرية !!

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter