د. مينا ملاك عازر
لو قدر لحضرتك تقرأ هذا المقال، فهذا يعني أنك لم تزل بخير -والحمد لله- وأني لم أزل أكتب -والشكر لله- المهم بقى الآن، متى تقرأ حضرتك هذا المقال؟ هل تقرأه قبل المؤتمر الصحفي الذي من المقرر عقده من الجانب الإيطالي للحديث عن مقتل الباحث الإيطالي في مصر أم بعده؟ المؤكد أنه يُكتب قبل المؤتمر الصحفي. لذا عليك صديقي القارئ، مراعاة فروق التوقيت، والتأكيد على أن من سلم الأدلة للإيطاليين الداخلية المصرية، وهي نفسها التي رفضت مشاركتهم حتى وقت كتابة المقال في مؤتمرهم الصحفي والإعلان عما توصلوا له، وقد يكون ذلك لأنها لا تفضل قتل القتيل والمشي في مؤتمره، أم لأنه لم يزل هناك حمرة خجل، ولذا كنت أتمنى وأرجو من الله أن تعوض الخارجية غياب الداخلية عشان لا تكتمل الفضيحة ونجد من يعتذر إذا أدانتنا إيطاليا.
فالبلد التي تنقب للكشف عن الغاز في بلادنا تنقب أيضاً للكشف عن قاتل ولدها، والضنى غالي، والشاب إيطالي، ومصر في منعطف تاريخي، إما تصبح بلد سياحي أم تستبدل كلمة تصبح بكلمة كانت، وسلم لي على الداخلية.
وتبهرني داخليتنا في ثقتها بنفسها حين تستقدم شركة لتقييم أعمال الأمن بالمطارات وتدفع لها مال لذلك، ولا تسأل نفسها سؤال لا يحتاج طرحه لمال وإجابته لأعمال، والسؤال هو، كيف سقطت الطائرة الروسية إذا أجابت الداخلية على هذا السؤال بحيادية وفرنا عملة صعبة مدفوعة لشركة تقييم الأمن، وقدمناها لشركة أخرى لتأمين المطارات.
وأنا لا أفهم إيطالي، لكني أعرف أن الروس قُتِلوا بشهادة رئيس الجمهورية، ولن يكن ذلك كذلك إلا بتقصير أمني ما حتى لو كانت القنبلة في الطائرة من مطار آخر.
وليس من المنطقي أن أُبقي على راحة ضباط من المطار على حساب راحة ضبط سعر الدولار، هاتوا سياح عشان يبقى فيه دولار.
وتبقى المسألة مطروحة، أيهما غيابه يفضح؟ ولا إجابة عن ذلك السؤال إلا في باطن الشاعر الذي يعرف أن مهما فعلت الخارجية وقصرت الداخلية ستبقى مصر بلد غير آمن إرهاباً وشرطة، ومهما فعلت الداخلية تأميناً سيبقى غياب الخارجية مؤثر للدعاية لما تقوم به الداخلية.
سيادة الرئيس، قل لهم اشتغلوا، ويكرمهم ربنا ويكرمنا بك عشان تعبك يجي على فايدة ما هو مش معقول حضرتك تاعب نفسك عشان تجيب لنا تجربة كوريا الجنوبية، وبتوع الداخلية تاعبين نفسهم عشان يجيبوا لنا تجربة كوريا الشمالية، والفرق كبير وليس الحدود بينهم.
سلامة الوصول للجميع أهم من سلامة قاتل الشاب الإيطالي، والمسؤول عن تفجير الطائرة الروسية، ولا يجب إبقاء الوضع كما هو وإلا مصر ستبقى تبحث عن الاستثمار بجولات خارجية وتطرده بأفعال الداخلية، وسلم لي على سفاراتنا وأكمنتنا وفنانينا وباحثيهم وسياحهم، وأنا وأنت والمقال القادم إن عشان وكان لنا مقالات، أكلمك عن لماذا يحلم أبي -رحمه الله- للآن بشرطي يبتسم، وسفير يعمل، وقنصل يتفاوض، ومجلس نواب لا تسيره أجهزة أمن.
المختصر المفيد صراع الرئيس مع معاونيه الذين يريدون إقناعه بسلامة تجربة كوريا الشمالية، في حين أنه يحلم بإجراء تجربة كوريا الجنوبية، وحسبي الله ونعم الوكيل.