الأقباط متحدون - حول قرار الجامعة العربية بتجريم حزب الله اللبناني
أخر تحديث ٠٧:٢٥ | الاثنين ٧ مارس ٢٠١٦ | ٢٨ أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٦٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

حول قرار الجامعة العربية بتجريم حزب الله اللبناني


بقلم: د. عبدالخالق حسين

قالوا الحياء نقطة، وأخيراً فقدت السعودية هذه "النقطة"، كما سقطت ورقة التوت عن عورتها، فبانت عارية تماماً ولا يمكن تضليل الرأي العام العالمي بأنها زعيمة العالم الإسلامي، وأن ملكها خادم الحرمين الشريفين، لذللك فأنها سقطت في هاوية الانحطاط، عندما امتلكت مملكة الشر السعودية الجامعة العربية وراحت تملي عليها قرارات أقل ما يقال عنها أنها في خدمة الإرهاب وإسرائيل. إذ بات معروفاً لدى القاصي والداني أن منظمات الإرهاب "الإسلامية"، مثل القاعدة وطالبان، وداعش وجبهة النصرة وأحرار الشام و بكو حرام غيرها، هي من صنع السعودية وحليفاتها، وبعقيدتها الدينية الوهابية التكفيرية لتدمير كل دولة عربية تريد التخلص من تخلفها، مثل العراق وسوريا، ولبنان وليبيا واليمن ومصر وغيرها.

ففي عام 2011 عندما بدأ (الربيع العربي)، نجحت السعودية في اختطاف انتفاضات الشعوب العربية وحولتها إلى "خريف عربي" لصالحها عن طريق دعم التنظيمات الإسلامية الإرهابية. ومن هذه الإجراءات أحالت انتفاضة الشعب السوري السلمية في أول الأمر، إلى حرب إرهابية بقيادة القاعدة وجبهة النصرة وداعش، والتي جندت لها ألوف الأجانب. كما نجحت السعودية في إخراج الحكومة السورية من الجامعة العربية. وهذه سابقة خطيرة جعلت من الجامعة العربية ألعوبة بيد السعودية وقطر تملي عليها ما تشاء. والدول التي عارضت هذا القرار الإجرامي هي العراق ولبنان والجزائر. والجدير بالذكر، أن الجامعة العربية رفضت استقبال أي معارض عراقي في عهد صدام حسين، بذريعة أن الجامعة تضم حكومات وليست المعارضات، أو منظمات المجتمع المدني، ولكن ما أن سقط حكم البعث في العراق حتى وغيرت الجامعة نهجها، فراحت تستقبل المعارضين للعراق الجديد من ذوي الخلفيات البعثية وغيرهم.

كما ونجحت السعودية في الضغط على الجامعة العربية في إصدار قرار بإدانة الحكومة الإيرانية لحرق سفارتها في طهران من قبل متطرفين على أثر إعدام رجل الدين الشيعي السعودي، الشيخ نمر النمر. علماً بأن الحكومة الإيرانية أدانت هذه العملية قبل غيرها، ولكن السعودية استغلتها ضد إيران لأغراض سياسية.

وأخيراً وليس آخراً، القرار الأخير، الكارثة، قرار الخزي والعار والشنار، عندما تبنى وزراء الداخلية العرب قرار مجلس التعاون الخليجي باعتبار حزب الله اللبناني تنظيم إرهابي. وعلى الأغلب ستكون الخطوة القادمة للسعودية هي التحرك على مجلس الأمن الدولي، والأمم المتحدة، لتبني ذات القرار السيئ الصيت، وبذلك تكون السعودية قد بسطت نفوذها على العالم كله لتفعل ما تشاء. فالسعودية وشقيقاتها الدول الخليجية، ومن وراءها بعض الدول الغربية، خلقت منظمات الإرهاب لإسقاط الحكومات التي لا تنسجم معها، ولما فشلت هذه المساعي، تبنت السعودية سياسة التدخل المباشر لإسقاط هذه الحكومات بذريعة محاربة داعش، وهو كذب صريح.

إن تصنيف حزب الله بالإرهاب من قبل السعودية هو شرف لحزب الله، وشهادة له ولزعيمه السيد حسن نصرالله أنه يناضل من أجل حرية شعبه وشعوب المنطقة المبتلية بالإرهاب السعودي - الإسرائيلي. فقبل حزب الله كان غاندي ونهرو و نيلسون مانديلا وياسر عرافات وتنظيماتهم ، تم صّنيفهم ضمن الإرهاب، وقد أثبت التاريخ فيما بعد أنهم مناضلون من أجل حرية شعوبهم (Freedom fighters).

فالسعودية وشقيقاتها الخليجية، لا تملك سوى المال الذي جاءهم بدون كدح وعلم وثقافة، بل بفضل الدول الغربية، وخاصة أمريكا وبريطانيا، لذلك أصابهم الطيش والغرور، فراحوا يستغلون فقر ومعاناة الدول العربية والإسلامية، ليشتروا حكوماتها، وتوجيه طاقات شعوبها في حروب عبثية في اليمن وسوريا، وتشكيل منظمات الإرهاب لتعطيل التنمية البشرية، ومنعها من اللحاق بالركب الحضاري مع بقية دول العالم، وإبقاء دولهم (الخليجية) دون غيرها، مستقرة ومتطورة مادياً. ولكن هذا ناتج عن جهل وغرور صبياني، إذ يؤكد التاريخ أن من يُشعل الحرائق في بلدان الآخرين فلا بد وأن تصله النيران.

و كما ذكر الكاتب والصحفي البريطاني المعروف، روبرت فيسك في صحيفة الانديبندنت اللندنية، أن الحكومات العربية والإسلامية، و بسبب حاجتها للمال السعودي، تؤيد السعودية علناً وعلى مضض، ولكنها تنتقدها في السر، إذ تعتبر سياساتها مضرة بالعالم الإسلامي.

ونتيجة لمنافستها الشرسة مع إيران (الشيعية)على مناطق النفوذ في المنطقة، وظفت السعودية (السنية الوهابية) الطائفية لتهييج وتجييش الجماهير الإسلامية السنية، وبذلك أمرت مشايخ الوهابية لإطلاق الخطب الدينية النارية البذيئة ضد إيران والشيعة، واستخدام أبشع الصفات ضدهم بنعتهم بالفرس المجوس والروافض وأبناء المتعة، وكفار، ومشركين، وعبدة القبور... إلى آخره من البذاءات، وكذلك اضطهاد مواطنيهم من الشيعة في دولهم مثل جريمة إعدام رجل الدين الشيعي الشيخ النمر، كذلك احتلال قوات السعودية للبحرين لسحق انتفاضة الشعب البحريني. والأبشع من كل ذلك أن السعودية تتهم إيران والشيعة بإثارة الفتن الطائفية، يعني كما يقول المثل:(رمتني بدائها وانسلتّ).

وقد تأكد دعم السعودية للإرهاب بشن حملة إعلامية ضد جميع الحكومات والمنظمات التي تحارب الإرهاب المدعوم منها ومن حليفاتها. ففي العراق يعتبرون الحشد الشعبي إرهابياً، بل أسوأ من داعش، علماً بأن الحشد هو تنظيم قانوني تأسس استجابة لنداء المرجعية الدينية بعد سقوط الموصل بيد داعش وبدون مقاومة الجيش العراقي لها، لذلك جاء تأسس الحشد لحاجة وجودية أي حماية الشعب العراقي من الإرهاب الداعشي البعثي السعودي، ونال الحشد اعتراف البرلمان العراقي، وهو تحت قيادة الحكومة العراقية المنتخبة.

لذلك فمحاربة السعودية لحزب الله اللبناني وتصنيفه ضمن الإرهاب، هو لسبب طائفي، ولأن الحزب ساهم مساهمة كبرى مع القوى الأخرى، في إلحاق الهزيمة بداعش وجبهة النصرة وما يسمى بأحرار الشام. فهزيمة الإرهاب في سوريا والعراق أصابت السعودية وحليفاتها بخيبة أمل مريرة، بعد أن كلفهم هذا الإرهاب عشرات المليارات الدولارات، لذلك فالسعودية الآن أشبه بالوحش الجريح، راحت تتخبط خبط عشواء للتعويض عن خسائرها وفشلها، لذلك تحاول التدخل المباشر في العراق وسوريا وباسم محاربة داعش بمثل ما تدخلت في اليمن لمحاربة الإرهاب مما سهلت مهمة القاعدة في احتلال معظم مناطق البلاد.

وفيما يخص تجريم حزب الله، فقد جاء في بيان صادر عن الأمين العام للمؤتمر القومي العربي الدكتور زياد حافظ، "إن قرار دول مجلس التعاون الخليجي وقرار وزراء الداخلية العرب بتصنيف حزب لله منظمة إرهابية قرار خطير للغاية وغير مسؤول وذلك للأسباب التاليه: عدوان على كل لبنان ، دولةً وشعباً. فحزب الله ركن أساسي في الحكومة اللبنانية وفي مجلس النواب. وحلفاء وأنصار حزب الله في لبنان يشكلون أكثرية شعبية يصعب تجاهلها... فتصنيف المقاومة إرهاباً هو خطيئة معنوية وأخلاقية لا يمكن تبريرها".

والجدير بالذكر أن حزب الله اللبناني هو الذي حرر لبنان من الاحتلال الإسرائيلي الغاشم عام 2000، وهذا دليل على أن السعودية ومعها الدول العربية التي أيدتها في قرارها المشؤوم، هي ضد المقاومة الفلسطينية وكل الجهات التي تحارب الإرهاب وتدافع عن حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة. فالسعودية في حلف غير معلن مع إسرائيل، لذلك فتصنيفها حزب الله ضمن الإرهاب هو خدمة لإسرائيل أيضاً. ولا نستبعد أن يتحول هذا الحلف السري إلى العلن قريباً فهناك تحولات سريعة في المنطقة.

أما سبب غضب السعودية على الحكومة اللبنانية، فالمعروف أنها (السعودية)، صرفت عشرات المليارات على إعمار لبنان، ولكن مع ذلك رفضت الحكومة اللبنانية تأييد السعودية و قرار الجامعة، سواءً في إدانتها لإيران حول حرق السفارة السعودية في طهران)، أو في قرار تجريم حزب الله، لذلك قررت السعودية معاقبة لبنان بإيقاف دفع أربع مليارات دولار التي وعدت به سابقاً لشراء أسلحة من فرنسا للجيش اللبناني، كما و اصدرت السعودية قراراً لمواطنيها بعدم السفر إلى لبنان، ودعوة السعوديين المتواجدين في لبنان بالمغادرة. إذ كما ذكر روبرت فيسك في مقاله المشار إليه أعلاه، يستخدم السعوديون لبنان لأغراض جنسية!! وسبب آخر لمعاقبة لبنان أن الحكومة اللبنانية اعتقلت أمير سعودي قبل أسابيع بجريمة تجارة المخدرات، ورغم مطالبة السعودية بإطلاق سراحه، فمازال الأمير معتقلاً.

خلاص القول، أن السعودية وحليفاتها هي التي أسست منظمات الإرهاب و دعمتها بالمال والإعلام ، والعقيدة الوهابية التكفيرية، وإثارة الفتن الطائفية للمساهمة في عدم استقرار دول المنطقة، ولإسقاط حكومات لا تنسجم مع سياسة السعودية وإسرائيل. ولما فشلت هذه السياسة بفضل المقاومة الصامدة، تبنت سياسة جديدة وهي تصنيف كل الجهات التي تحارب الإرهاب وتدافع عن حق الشعب الفلسطيني أنها إرهابية. ونجحت السعودية بشراء الحكومات الفقيرة، والبذخ على الإرهاب بما لديها من البترودولار، ولكن هذا المال وبسبب إنهيار أسعار النفط فلابد للسعودية أن تنهار أيضاً. فالنصر في نهاية المطاف للشعوب وليست للحكومات القبلية المتخلفة الجائرة التي لا بد وأن تنتهي إلى مزبلة التاريخ. وسيبقى قرار الجامعة العربية بتجريم حزب الله اللبناني وصمة عار في تاريخها.

abdulkhaliq.hussein@btinternet.com 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع