كتبت – أماني موسى
تحتفل الكنيسة القبطية بعيد نياحة البابا كيرلس السادس، في التاسع من مارس في كل عام، وللبابا كيرلس مكانة خاصة لدى جموع الأقباط، وأشتهر عنه عمل العديد من العجائب والمعجزات كما أنه لقب برجل الصلاة لكثرة عدد القداسات التي أقامها خلال حياته وخاصة طيلة فترة اعتلائه للكرسي البابوي..
نورد في السطور القادمة لمحات من حياته
ولد عازر يوسف عطا، في 2 أغسطس سنة 1902 م، بدمنهور وترهَّب في دير البراموس باسم مينا البراموسي، ورسم قسًا سنة1931 م، ثم قمصًا.
انخراطه في الرهبنة
ظل يمارس الحياة الرهبانية قبل الالتحاق بالدير أكثر من خمس سنوات، وفي يوليو 1927 قرر الانخراط في سلك الرهبنة، فاستقال من عمله وتوجه إلي دير البراموس في حبرية البابا كيرلس الخامس البابا الـ 112.
ظل تحت الاختيار عدة شهور، ثم زكاه الرهبان ليكون راهبًا معهم، سيم في 24 فبراير1928 باسم الراهب مينا البراموسي، وفي يوم الأحد 18 يوليو سنة 1931 رسم قسًا باسم القس مينا البراموسي ثم درس بعض الوقت في كلية الرهبان اللاهوتية بحلوان، ولما سمع بنبأ ترشيح البابا يؤانس له ليكون أسقفًا هرب إلي دير القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين بسوهاج، ولما عاد كأمر البطريرك كاشفه برغبته في الوحدة فصرح له بتحقيق رغبته تحت إرشاد شيخ الرهبان التقي القمص عبد المسيح المسعودي فتوحد في مغارة تبعد عن الدير مسافة ساعة سيرًا على الأقدام.
وفي أوائل عام 1936، عاش في طاحونة مهجورة في صحراء مصر القديمة، وكان يقيم فيها القداسات اليومية، وفي سنة 1941 أسندت إليه رئاسة دير الانبا صموئيل المعترف (القلموني) في جبل القلمون بمغاغة، فعمره وجدد كنيسته وشيد قلالي الرهبان، وتتلمذ علي يديه نخبة من الرهبان الأفاضل.
وفي سنة 1947 أنتقل إلي مصر القديمة حيث بنى كنيسة القديس مارمينا بالنذور القليلة التي كانت تصله، وكان يقوم بالبناء بنفسه مع العمال، وقد تتلمذ علي يديه نخبة من الرهبان.
اعتلائه كرسي البابوي
تم إلغاء لائحة الانتخاب وأصدرت لائحة جديدة (لائحة 1957م) قرر فيها ألا يقل سن المرشح للكرسي الباباوي عن أربعين سنة ساعة خلو الكرسي، وقد رشح ثلاثة من الشباب للكرسى البطريركى وهم متي المسكين، ومكارى السريانى وأنطونيوس، وقام الأنبا أثناسيوس (مطران بنى سويف) وقائمقام البطريرك آنذاك بإدراج اسم الراهب "مينا المتوحد"، وتم اختياره بالقرعة الهيكلية ليصير بابا الإسكندرية، ورسم في 10 مايو 1959 م.
علاقته بكنيسة أثيوبيا
في 28 يونيو 1959 قام برسامة بطريرك جاثليق لإثيوبيا وعقدت اتفاقية بين كنيستي مصر وإثيوبيا لتأكيد أواصر المحبة بينهما، وفي نوفمبر سنة 1959 أرسي حجر الأساس لدير الشهيد مارمينا العجايبي بصحراء مريوط، وأعاد له جزء من جسده، وبني به كنائس وكاتدرائية تشابه الكاتدرائية القديمة في المدينة الأثرية.
إنجازات وأحداث في عهده
-دعم الصلة بين الكنيسة القبطية والكنيسة الحبشية، ورسم لأثيوبيا بطريركًا جاثليق سنة 1959 م.
-وضع حجر الأساس لدير مارمينا بمريوط سنة 1959 م.
-سيامة أساقفة عامون، وقام برسامة الأنبا شنودة أسقفًا للمعاهد الدينية والتربية الكنسية، البابا شنوده فيما بعد، والأنبا صموئيل أسقفًا للخدمات العامة، والأنبا غريغوريوس أسقفًا للدراسات العليا والبحث العلمي.
-في عهده بدأت خدمة كنائس المهجر في أمريكا وكندا واستراليا وغيرها.
-وضع حجر أساس الكاتدرائية المرقسية الجديدة بالأنبا رويس بالقاهرة.
-إرجاع جسد القديس مارمرقس إلى القاهرة.
-ظهور السيدة العذراء مريم بالزيتون سنة 1968 م.
علاقته بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر
في البداية طلب البابا كيرلس مقابلة جمال عبد الناصر أكثر من 10 مرات وهو يرفض، وكانت علاقتهم فاترة، ولكنها شهدت تحول إثر شفاء ابنة عبد الناصر بعد صلاة البابا كيرلس لها، وحينها قال عبد الناصر له أنت من انهاردة أبويا، وكان يستقبله في منزله وليس بالقصر الجمهوري، ويوصله إلى باب السيارة بعد كل زيارة.
وعبر الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل عن العلاقة بين البابا كيرلس والرئيس جمال عبد الناصر فقال: "كانت العلاقات بين جمال عبد الناصر وكيرلس السادس علاقات ممتازة، وكان معروفًا أن البطريرك يستطيع مقابلة عبد الناصر في أي وقت يشاء، وكان كيرلس حريصاً على تجنب المشاكل، وقد استفاد كثيرًا من علاقته الخاصة بعبد الناصر في حل مشاكل عديدة".
وفاته:
في يوم نياحته أقام قداسًا كعادته وأستقبل عددًا من أبنائه وعند خروج أخر واحد وكان كاهنًا، رفع الصليب وقال "الرب يدبر أموركم" ودخل قلايته لينتقل في هدوء وسلام في 9 مارس 1971، ودفن تحت مذبح الكاتدرائية التي أنشأها، وفي 25 نوفمبر 1972 م نقل جسده في احتفال كبير إلى دير الشهيد مار مينا بمريوط ليدفن بجوار شفيعه مارمينا العجائبي حسب وصيته.
اعتراف المجمع المقدس به قديسًا في يونيو 2013
وفي 20 يونيو 2013 م، اجتمع المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة البابا تواضروس الثاني، وتم الاعتراف بقدسية البابا كيرلس السادس، وذلك بعد مرور 43 عامًا على نياحته، و بناء على هذا القرار يمكن بناء الكنائس على اسمه، بالإضافة إلى إمكانية ذكره في مجمع القديسين الموجود في صلوات القداس الإلهي وفق الطقس الأرثوذكسي.