الجمعة ١٨ مارس ٢٠١٦ -
٠٤:
٠٥ م +02:00 EET
انفجار المسجد والانسحاب الروسي
بقلم : د. مينا ملاك عازر
منذ حوالي أسبوع حدث انفجار ضخم قرب مسجد فى روسيا بالتحديد بمدينة "نازاران" وقت صلاة الجمعة وبحسب ما نشرته وكالة "ريا نوفوسيتي" الروسية بأن شخصين على الأقل قد جُرِحا وقد كان المصلون بداخل المسجد أثناء قيامهم بالصلاة، ويبدو أن ذلك هو الذي تسبب في قلة عدد الخسائر والحمد لله.
هذا الخبر حين قرأته من أسبوع لم أهتم به كثيراً اللهم إلا أنني وجدت نفسي أعود له بعد قراءتي خبر الانسحاب الروسي من سوريا، وأسأل نفسي، هل سريعاً هكذا يرضخ بوتين لعمل إرهابي؟ ثم سألت نفسي، لماذا لم يهتم بهذا الخبر الاهتمام الجيد؟ فوجدت نفسي أمام أحد خيارين لا ثالث لهما، أولهما أن يكون الخبر كاذب وآخرهما أن تكون روسيا اختارت التعتيم على الخبر لعدم إظهار نفسها ضعيفة أمام الهجمات الإرهابية، ولتجد نفسها حرة لاتخاذ أي قرار دون أن يرجعه البعض لذلك العمل الآثم.
وفي حالة أن الخبر كله كاذب، فلا سبيل لإقران العمل الإرهابي بالانسحاب الروسي من سوريا أما لو كان الخبر صحيح فرغم صعوبة تقبلي لفكرة أن الرئيس الروسي استسلم بسهولة لعمل مثل هذا لكنني لا أستطيع أن أعتبر هذا الحدث بعيد عن الأسباب التي حدت ببوتين للانسحاب من سوريا ناهيك عن أن الأسباب الأخرى التي سيقت من حدوث مكالمة عاصفة بين الأسد وبوتين سبقت عملية الانسحاب وأن ثمة خلاف إيراني روسي تسبب في قرار الانسحاب وآخر لأسباب أظنها الأقرب محاولة روسيا الضغط على سوريا لقبول ما خُطِط له في جينيف بالاستفادة من وقف إطلاق النار وإعلان اتحاد فيدرالي سوري تكون فيه مناطق بعثية مطلة على البحر المتوسط لتؤمن لروسيا قاعدة بحرية لها وأخرى سنية تمتد من شمال حيث الحدود السورية التركية وحتى الجنوب، وأخيرة كردية لتكون نواة لدولة كردية تجمع أكراد سوريا والعراق وربما تركيا في المستقبل.
كل الأسباب السابقة لا يمكن أن تقف بمنأ عن حدث انفجار المسجد لأنه لا بد للسياسي الروسي أن يضع في اعتباره أن الإرهابيين منفذي العملية الإرهابية قد يظنوا أنهم أرهبوا الروس وهو ما يبديهم ضعفاء حتى وإن لم يكن ذلك حقيقي.
لكن الأهم من ذلك كله، السبب المشار إليه أنفاً من أنه احتمال أن يكون قد تم توافق وتخطيط للاستفادة من مباحثات جينيف الجارية حالياً للوصول لحل متفق عليه بين الأطراف الدولية يحاول بوتين إكراه الأسد عليه، وحينها يصبح الروس عاطفيون مصدقون الآخر كما سبق ووقعوا في نفس الخطأ إبان مفاوضات السلام المصرية الإسرائيلية، فسلموا المنطقة للأمريكان بتصديقهم السياسيين الأمريكيين، فهل يستمر الروس في خطاهم ويكررون خطأهم بتصديقهم التفاهمات الجارية بينهم وبين الغرب بخصوص سوريا؟ ليصحو يوماً ما على منطقة الشرق الأوسط وهي في يد الأمريكيين يعبثون فيها كما يشاءون أم يستفد الدب الروسي من خطأه السابق ويفهم أنه لا أمان ولا صدق في عالم السياسة.