كتب : كارلوس أنيس
غداً هو يومها ، يوم "ست الكل" ، فمن منا لا يرى أمه "ست الكل" ، فالأم تجلى غريب فى هذا العالم ؛ فإن كان للحنان مرداف فهو الأم ، أما عند حديثنا عن الأم المصرية ، فهذا شأن أخر وطعم أخر ، وقد أبرزت السينما المصرية شخصية الأم فى العديد من الفنانات القديرات ، فقد بلغوا درجة من الصدق رأينا فيها الأم المصرية بكافة التقلبات والأوجه بطيبتها وحنانها ، وجبروتها وكيدها ، ونرصد هنا أهم أدوار "ست الكل" فى السينما المصرية.
"فردوس أحمد " الأم التى لم تعرف الأمومة
يأتي مطلع القرن العشرين وتحديداً فى 13 يوليو 1906م ، ومعه مولد " ام السينما المصرية " ، " فردوس أحمد " ، فمن منا لا يعرف نظرتها الحنينة الصادقة ، ولكن يا ترى ما الذى وراء تلك العاطفة الجياشة او تلك العبقرية المتفردة فى أدائها لدور الأم ، لك أن تعرف أن "فردوس" عاشت يتيمة الأبوين وأن من قام بتربيتها وتعليمها أسرة تربطها صله قرابه ،فقد قامت تلك الأسرة بإلحاقها بمدرسه إنجليزي بحي الحلمية، حيت القرأة والكتابة والتدبير المنزلى والذى تفوقت فيه.
"فردوس" تزوجت مرتين الأولى صغيرة السن ولكن لم تدم لفترة طويلة فقد انفصلت وهى صغيرة السن ، ليبدء مشوارها الفنى فقد بدئت موهبتها فى التمثيل تبدو عليها ، وهنا انضمت إلى فرقة "عبد العزيز خليل" وكانت الانطلاقة ، وخلال عملها بالفرقة شاركت بمسرحية "حسان بك".
وزاجها الثانى له قصة طريفة ، فالفرقة يجب أن تعرض فى فلسطين ، ولما كان من الممنوع وقتها أن تسافر الفنانات غير المتزوجات للخارج ، وكانت "فردوس" عمود رئيسى للفرقة ، أقترح " فوزى نجيب" مدير الفرقة التى انضمت لها "فردوس" أن تتزوج صورياً من الفنان "محمد إدريس" ، ولكن يقلب الصوري جد ويحبها " إدريس" ، فيطلب الزواج منها ، وتوافق ويستمر الزواج مدة 15 عاماً ، انتهى مع موت إدريس.
رحلت " ام السينما" عن عالمنا فى 22 سبتمبر 1961م على أثر إصابتها بالسرطان ، تاركة فى تاريخنا وذاكرتنا "ام مصرية حنينة ولكن قوية" ، هذه التى لم تعرف الأمومة.
"أمينة رزق" الأم العذراء
يتوفى الوالد ليترك الزوجة وبنتها اليتيمة ، مع خطر من عصابة حاولت قتل الزوجة والابنة لسرقتهم ، هذه الظروف هى التى اضطرت الطفلة "أمينة رزق" وأمها لترك طنطا والتى ولدت فيها فى 15 إبريل 1910م ، حيث أنتقلوا للعاصمة وهناك كانت ينتظر "أمينة" المجد.
عام 1922م ، يشهد أول ظهور لـ "أم الفنانين" على خشبة المسرح ، فقد قامت بالغناء إلى جوار خالتها في إحدى مسرحيات فرقة “علي الكسار” ، لكن يرجع تاريخ بديتها الحقيقة فى عام 1924م فى أعقاب إنتقالها لفرقة "رمسيس" والتى شاركت خلالها فى مسرحية " راسبوتين" ، تحت قيادة "عميد المسرح العربى "يوسف وهبى" والتى ارتبطت به "أمينة رزق" أستاذا وفناناً.
اكتسبت "أمينة رزق" شهرتها من المشاركة بالتمثيل في أغلب مسرحيات " وهبى" ، حتى أصبحت إحدى الشخصيات الأساسية في المسرحيات التي قدمتها الفرقة وكذلك في الأفلام التي أنتجها " وهبي".
وفى هذا السياق يذكر أن أمينة رزق جمعتها علاقة حب من طرف واحد مع " يوسف وهبى" ، والتى رفضت أن تتزوج أو أن يكون لها اى حياة عائلية تذكر ، لتكون بذلك الأم السينمائية ، العذراء حياتياً
ومن المسرح تشق "أمينة" طريقها لتجد نفسها فى السينما فى دور "الأم" والتى أظهرت فيها تميزاً غير عادى كأم ناضجة مضحية وزوجة عاقلة مدبرة ، ويذكر أن رصيدها الفني بلغ حوالي 200 مسرحية ، كما شاركت في بطولة أكثر من 150 عمل سينمائي ، بالإضافة إلى حوالي 96 مسلسل تلفزيوني.
كرمها الريس الراحل جمال عبد الناصر ، مانحاً إيها وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى ، كما تم تعيينها عضوا بمجلس الشورى المصري 1991م.
استمرت أمينة رزق فى عطائها الفنى إلى اخرة دقيقة من حياتها ، تلك التى صرحت قبلاً أنها تود الوفاة عند 63 سنة وإن منحها الله عمر أكثر ستعتزل حتى تعوض ما فاتها فى رضى الله ولكن أطال الله فى عمرها وعطائها الفنى حتى وافتها المنية فى 24 أغسطس 2003م اثر إصابتها بهبوط حاد في الدورة الدموية عقب صراع استمر شهرين مع المرض.
"كريمة مختار" ماما نونا
ما أن تنظر إلى وجهها حتى تخبرها بتلقائية "ماما" ، "كريمة مختار" أم العيال كبرت" والأهم "ماما نونا" ، حيث يعد الأخير من أقوى الأدوار التى قامت بها "كريمة مختار" فى مسلسل يتربى فى عزو مع العظيم " يحيى الفخرانى" ، ويذكر ان هذا المسلسل ترك أثر بالغ فى الشارع المصرى ، لدرجة أن برامج شهيرة مثل "البيت بيتك" و"تسعين دقيقة" والقاهرة اليوم" خصصت فقرات مطولة لمناقشة تأثير المسلسل ككل ووفاة "ماما نونا" خصيصاً على الجمهور المصري خصوصاً البسطاء الذين وجدوا في الشخصية التي قدمتها كريمة مختار نموذجا أصيلا للام المصرية التى تحب وتدلل أولادها حباً جماً ، وكيف ان الولد استطاع أن يقهرها من حبها له .
ولدت كريمة مختار فى في مدينه ساحل بمحافظة أسيوط ، يوم 16 يوليو لعام 1934م ، وحصلت على بكالوريوس من المعهد العالي للفنون المسرحية فى 1963م.
كان برنامج الأطفال الإذاعي الشهير "بابا شارو" وذلك في فترة الخمسينات هو بداية الفنانة كريمة مختار، وهنا ظهرت مقدرتها الدرامية خلال أثير الراديو وصوتها الفنى ، عرض عليها المشاركة فى الأفلام السينمائية ولكن العائلة ترفض ، وذلك حتى زواجها من المخرج "نور الدمرداش" فى 1958م والذى كان نفذتها على السينما من خلال منحها المشاركة فى فيلم " ثمن الحرية" فى 1964م.
تزوجت مرة واحدة من "الدمرداش" الذى أنجبت منه أربعة أولاد هما: الإعلامي "معتز الدمرداش" والمخرج "أحمد" والمهندس "شريف"، بالإضافة إلى ابنه تُدعى "هبة".
قدمت بعد ذلك العديد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية والسينمائية، ومن أبرز أعمالها التلفزيونية "البخيل وأنا" و"يتربى في عزو" ، وأيضاً من أبرز أعمالها السينمائية "الحفيد" و"أميرة حبي أنا ، بالإضافة إلى العمل المسرحي "العيال كبرت".
وخلال مشوارها الفني حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات ، فقد حصلت على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في مسلسل "يتربى ف عزو" من مهرجان القاهرة للإعلام العربي الثالث عشر عام 2007م ، بالإضافة إلى درع التكريم من مهرجان اوسكار السينما المصرية عام 2008م ، كما حصلت على جائزة التكريم في ختام أعمال المهرجان القومي للمسرح عام 2010م ، عن مجمل أعمالها الفنية.