الأقباط متحدون - الطائرات الإنجليزية تقصف مدينتي أسيوط وديروط لمدة يومين وذلك ضمن أحداث ثورة 1919
أخر تحديث ٠٥:٠٣ | الاربعاء ٢٣ مارس ٢٠١٦ | ١٤ برمهات ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٧٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الطائرات الإنجليزية تقصف مدينتي أسيوط وديروط لمدة يومين وذلك ضمن أحداث ثورة 1919

الطائرات الإنجليزية تقصف مدينتي أسيوط وديروط
الطائرات الإنجليزية تقصف مدينتي أسيوط وديروط

فى مثل هذا اليوم 23 مارس 1919..

الطائرات الإنجليزية تقصف مدينتي أسيوط وديروط لمدة يومين وذلك ضمن أحداث ثورة 1919...
اشتـعلت وانطلقت الثورة المصرية فى سنة 1919 فجأة دون إنذار ، فى كل مكان مرة واحدة ، فى طول البلاد وعرضها ، من الإسكندرية إلى أسوان وروع الناس من وقع المفاجأة ، وتعطلت المواصلات ، وتقطعت السكك الحديدية ، وتوقفت الأعمال فى كل مكان ، وشغل الناس بحـرب الإنجليـز قبـل كل شئ .

كان الإنجليـز يحتـلون المنطقة الواقعـة حـول خزان أسيوط ، ويعسكرون فى المنتـزه وفى المدرسـة الثـانوية .

ونشبت المعركة بين المصريين والإنجليـز ، وبدأت بإطلاق النيران على معسكراتهم الواقعة فى غرب الخزان ، وتحصن الإنجليـز فى المدرسة الثانوية ، ووضعوا خير قواتهم عند الخزان ، وتحصـنوا وراء الأحجـار المعـدة لتدعيم الخزان .

وكان الأهالى يرابطون فى قرية " الوليدية " المجاورة للمدرسة والقريبة من الخزان ، على مبعدة أمتـار منهم فقط ، وأخذوا يصلونهم بالنار ، ويطلقون بمقدار ، لانهم يعرفون أن المعركة ستطول ، وهم فى حاجة إلى الذخيرة والرجال المدربين على القتال ، وأرسلت اليها القرى المجاورة أحسن رجالها الشجعان ، وأتى اليها الرجال من كل صوب على ظهر المراكب الشراعية الصغيرة والكبـيرة .

وحـارب الرجال كما يحارب الثوار من غير نظام ولا قيادة ، فكانوا يحاربون بفراسة الرجال الشجعان ، وفعلوا كل ما يفعله القائد المدرب فى الحـرب ، وما يفعله المحـاربون فى الميدان ، فحاصروا المعسكر من الشمال والجنوب ، ورابطوا فى النهر ، وقطعوا عنهم المدد عن طريق السكة الحديد ومن كل طريق ، وفكروا فى قطع الخط الحديدى عند قرية "منقباد" .

وفى قرية صغيرة على الضفة الشرقية للنيل ، اجتمع أكثر من خمسمائة رجل من مختلف القرى ، مسلحين بالبنادق القديمة والحديثة والخناجر والعصى والحراب ومعهم خيولهم وجمالهم وحميرهم ، وأكثرهم من الرجال الشجعان الذين يقطنون فى الجبل الشرقى ، وكانوا يرتدون الجلابيب السمراء والزرقاء ، ويعصبون رؤوسهم ويتمنطقون بالأحزمة الجلدية المليئة بالرصاص والخرطوش .

ونحرت الذبائح ، وقـدم الطعـام ، وتعشـوا على الطـبالى 00 خمسة .. خمسة ، وكانوا يتحدثون فى حماسة بالغة وهم يلتهمون الطعام ، وعيونهم تبرق ، ويمسحون أفواههم بأطراف أكمامهم .

وعندما وقف واحد من الطلاب يتحدث عن الاستعمار والبـلاء الأسود النازل بالبلاد ، كانوا ينصتون فى سكون وعيونهم تلمع ووجوههم منفعلة من فرط الغضب ، ثم أخذوا يعمرون البنادق ويشحذون الأسلحة .

وفى أخريات الليل والظلام شاملا ، والسكون رهيبا ، عبر الرجال النيل إلى الضفة الغربية ، وهناك انقسموا إلى فرق صغيرة ، اتجه بعضها إلى الخزان ، وذهبت فرقة مكونة من ثمانية عشر رجلا من الرجال الأشداء إلى "منقباد" لتقطع الشريط الحديدى ، وسارت حذاء النيل على الرمال الناعمة .

ويقول الراوى وهو يصـف تلك المهـمة فى قصـة "حدث ذات ليلة ":
"ثم انحرفنـا عن الطريق السوى ، وسرناوسط الحقول ، وكانت السماء كابية ، والريح تزار فى أخصاص " البوص" التى مررنا بها ، ولما صعدنا المنحدر ، واقتربنا من الخط الحديدى ، بدا صوت اقدامنا يسمع بوضوح فى هذا السكون العميق وتقدمنا فى قلب الليل ، ولما بلغنا الجسر كان الشريط يلمع ملتويا فى الظلام ، وكانت أعمدة البرق وأسلاك التليفون تهتز والريح تصفر فى جنبات الوادى المقفر ، وعندما أخذت أرجلنـا تضرب على الزلط الذى يتخلل القضبان ، شعرت بعظم المهمة الملقاة على عاتقى ، وانتابتنى الرهبة ، وأخذت المكان بنظرة خاطفة ، وأعطيت الإشارة للرجال ، وبدأت المعاول تعمل وبعد قليل فرغنا من مهمتنا وقفلنا راجعين ، وتفرقنا فى قلب الليل كالذئاب بعد أن تنفض مخالبها من الفريسة ".

ولما شعر الإنجليز بأن الثورة انتقلت من أسيوط إلى الشـرق وأن العرب تحركوا من هناك لقتالهم ، نصبوا المدافع الرشاشة على الخزان ، وفتحوا الطبلية ، حتى يقطعوا الصلة بين الشرق والغرب ويمنعوا المدد .

ولما رأى الثوار من عرب الشرق ، الذين يقاتلون منذ بدأت المعركة فى قرية " الوليدية " ( تقع فى الناحية الغربية من النيل ) المدافع الرشاشة منصوبة على الخزان ، والكمين الذى أعده الإنجليز ليحصدوا به كل من اقترب من الهويس ، إجتمع قواد المعركة ، وقرروا ان تهاجم فرقة من خيـار الرجـال المسـلحين بأحدث أنواع الأسلحة الموقع من كل الجهات ، ويتسلل قبل الهجوم خمسة من الفدائيين إلى الموقع من الخلف ويتسلقون السـور فى غلـس الليل ، وقبل الفجر يعطون إشارة الهجوم باطلاق أول طلقة .

وبدأ القتال واشتد ، ولكن لم يسكت مدفع واحد من المدافـع الثلاثة ، كانت محصنة تحصينا منيعا بالأحجار وأكياس الرمل ، وبعيدة عن مرمى المقاتلين من الثوار .
وسقط سبعة من الرجال المهاجمين ، وحوصـر الذين تسـللوا من الخلف ، وساءت الأحوال عندما علم المصريون أن رشوان ، قائد من قواد الثوار ، قتل فى المعركة ، وتوقف الهجوم فى الغروب .

وغير الثوار من طريقة الهجـوم ، فتسللت فرقة فى الليـل من بين الحجـارة ، وأصبحت قريبة من الموقع ، وتقدمت أخرى نحو الهويس ، وكمن الآخرون فوق النخيل على بعد أمتار منهم .

وطوقـت داورية إنجـليزية الرجـال الذين تقـدموا الصـفوف وحاصرتهم ، وأطلقت النـيران من فوق النخيـل على الداورية تحصد رجالها ، ثم تتجه إلى المدافع المنصوبة على الخزان فتسكتها..


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter