استيقظت بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبى، واستيقظ البلجيكيون أهل الفن الفلمنكى وخبراء الماس، عشاق الزهور على قتلى وأشلاء ودماء فى المطار ومحطة المترو، والأهم أنهم استيقظوا على سؤال مؤرق لا توجد إجابة شافية لديهم عنه: لماذا يرفض المسلمون المواطنون البلجيكيون الاندماج؟، ويكبر السؤال ويتضخم ككرة الثلج، ليشمل العالم كله، فتتحول صياغته إلى: لماذا يظل المسلمون حتى هذه اللحظة هم أصحاب الدين الوحيد الرافض للاندماج فى قيم الحداثة والعلمانية؟!،
الإرهابى الرئيسى فى تفجيرات باريس مواطن بلجيكى، وشقيقه الهارب المقبوض عليه فى بروكسل بلجيكى، وها هى السلطات البلجيكية تكتشف أن مفجرى المطار مواطنان بلجيكيان من آل بكراوى أكلا وشربا واستفادا من التأمين الصحى والرفاهية البلجيكية والشيكولاتة البروكسلية والمواطنة الأوروبية!!، المواطن البلجيكى يسأل نفسه بكل براءة وحيرة: ماذا فعلت بلجيكا للمواطن البلجيكى المسلم،
لكى ينتقم منا هذا الانتقام ويعزل نفسه فى جيتو ثقافى وتعليمى رافضاً الاندماج معنا؟، لماذا يفرخ مسجد بروكسل صلاح عبدالسلام، وأمثاله من رفاق الشر وأعداء الحياة ولا يفرخ المعبد البوذى أو الهندوسى فى أى مكان على وجه الأرض الإرهابى صلاح شنج بنج، أو صلاح كومار خان!!؟، المواطن البلجيكى العادى المحب للحياة والفن التشكيلى والزهور والمرأة والبحر والسماء والموسيقى لا يعرف ما الوهابية؟ ولكنه يعرف ما العلمانية؟ وماذا قدمت العلمانية والحداثة لأكبر أقلية عندهم، لأكثر من 600 ألف مسلم يتكاثرون ويتناسلون، لدرجة أن ربع سكان بروكسل مسلمون، بلجيكا أدخلت مادة التربية الإسلامية ضمن البرامج الدراسية، بلجيكا تصرف مرتبات الأئمة وتتحمل نفقات المساجد، وفى عام 2006 منحت الحكومة البلجيكية 6 ملايين يورو دعماً للجماعات الإسلامية هناك،
فى عام 2009 كان اسم محمد هو أكثر الأسماء شعبية فى مواليد بروكسل، هناك 380 مسجداً فى بلجيكا، سمحت بلجيكا بالحجاب، وفى يونيو 2005 حكمت محكمة الاستئناف فى أنتويرب أنه خارج اختصاصاتها ما إذا كان الإسلام يجبر النساء على ارتداء الحجاب، وأن الفتيات فى المدارس العامة لهن الحق فى القيام بذلك، كل هذا فعلته بلجيكا ليس من باب المن على المسلمين، ولكن من باب تطبيق قيم العلمانية التى لا ترد بالمثل على الوهابيين الذين يمنعون بناء كنيسة فى السعودية فتمنع نكاية فيهم بناء المساجد، ماذا كان رد معتنقى الفكر السلفى من البلجيكيين على كل هذا الدلع البلجيكى لحضراتهم؟، هل هاجروا إلى أفغانستان أو الصومال، حيث تطبيق الشرع اعتراضاً على العلمانية، لا، ظلوا هناك ليفجروا ويفخخوا ويبثوا الكراهية، وهذه هى قائمة الكراهية والشر، فى 30 سبتمبر 2003 أدانت محكمة بلجيكية 18 شخصاً لتورطهم فى خلية إرهابية.
وحكم على نزار الطرابلسى بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة التخطيط لهجوم انتحارى ضد قاعدة جوية فى حلف شمال الأطلسى هناك، وحكم على طارق معروفى، المنتمى إلى مجموعة المكافحة التونسية بالسجن لمدة ست سنوات لدوره فى استصدار جوازات سفر مزورة فى مقره ببروكسل، فى 11 مارس 2004 حيث تفجيرات قطارات مدريد ألقت الشرطة البلجيكية القبض على أربعة أعضاء من جماعة المقاتلين الإسلاميين المغاربة، فى 8 يونيو 2004 ألقى القبض على 15 شخصاً متصلاً مع ربيع عثمان السيد أحمد، وهو المشتبه به الرئيسى فى تفجيرات مدريد فى أنتويرب وبروكسل. فى أكتوبر 2004 حكمت محكمة بلجيكية على ثمانية متشددين إسلاميين بالسجن لمدد تصل إلى 5 سنوات بتهمة التخطيط لهجمات وصلات مع تنظيم القاعدة، فى 9 نوفمبر 2005 قامت موريل ديجوك،
وهى بلجيكية اعتنقت الإسلام بارتكاب هجوم انتحارى بسيارة مفخخة ضد قافلة أمريكية عسكرية جنوب بغداد.. إلخ، الغريب والمدهش أنهم لم يشاركوا فى قوافل طبية لإنقاذ جيرانهم البلجيكيين من خطر الأمراض، لم يشارك مجاهد منهم فى مظاهرات للحفاظ على البيئة والخضرة والحياة كنوع من رد الجميل للبلد الذى منحه الحرية والمساواة والكرامة الإنسانية التى افتقدها جدوده، لم يعرفوا ويتقنوا إلا لغة الدم والقتل والكراهية والغل والحقد، ويظل السؤال مستفزاً مخجلاً محيراً صادماً، لماذا يرفض المسلمون الاندماج؟!.
نقلا عن الوطن