شهد مطار بروكسل صباح يوم الثلاثاء 22 مارس هجوماً إرهابياً، حيث تم تفجير عبوات ناسفة فى محيط المطار أدت إلى سقوط ضحايا قتلى حوالى 22 وعدد آخر من المصابين، وأصيبت البلاد بهلع شديد حيث أُخلى مكتب رئيس الوزراء لشكوك حول سيارة ملغومة أمام مبنى مكتب رئيس الوزراء، وتوقفت حركة الطيران فى المطار، فهذه العاصمة الأوروبية التى تضم مؤسسات الاتحاد الأوروبى لم تشهد أعمالاً إرهابية أو عنفاً مسلحاً كما تشهده اليوم.
هذه العملية ومن قبل الهجوم الإرهابى فى باريس تثير مخاوف كثيرة، أولها تصاعد اليمين المتطرف، فضلاً عن الزنوفوبيا -كره الأجانب- بشكل عام وخاصة ضد العرب والمسلمين المقيمين فى أوروبا، فضلاً عن التضييق على اللاجئين السوريين.
السؤال هل يمكن أن تؤدى مثل هذه العملية لعمل استراتيجية دولية لمكافحة الإرهاب وفى نفس الوقت ضرورة أن يكون هناك حد فاصل بين الإرهاب والحق فى مقاومة الاحتلال الأجنبى لآخر أرض محتلة فى العالم وهى فلسطين؟ أيضاً ضرورة وضع تعريف دولى متفق عليه بين الدول وفى إطار الأمم المتحدة بموجب قرار دولى حتى لا يساء استخدام الإرهاب لتصفية معارضة وطنية سلمية، هنا نتحدث عن إجراءات وتدابير لمنع الجريمة الإرهابية، وهذا يتطلب تعاوناً دولياً وتداولاً للمعلومات حول تحركات العناصر الإرهابية ومنع التجنيد لعناصر وتدريبهم فى دول ثالثة لنقلهم بعد ذلك لتنفيذ عمليات، كما أنه يجب حصار بعض البؤر التى تشكل نقاط ارتكاز لتجمع الإرهابيين، مثل ليبيا وسوريا والعراق واليمن، كما أنه من الضرورى السيطرة على عمليات التجارة فى السلاح ونقلها، وهنا يأتى دور الدول الكبرى لفرض حصار على الدول التى توجد فيها تنظيمات الإرهاب للحؤول دون وصول الأسلحة والذخائر والإمدادات إليهم، ويمكن لمركز مكافحة الإرهاب ولجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن أن تلعب هذا الدور التنسيقى بين الدول وإصدار القرارات اللازمة من مجلس الأمن لضمان تنفيذ هذه القرارات.
أما عقاب الإرهابيين بعد القبض عليهم فلا بد أن نعترف أن الجريمة الإرهابية هى جريمة جنائية، ويجب التعامل معها وفقاً لقوانين الإجراءات الجنائية، وعدم خلق أنظمة قضائية استثنائية أو محاكم عسكرية، فيجب أن يتمتع أى شخص مقبوض عليه بحقوق الدفاع والمحاكمة العادلة والمنصفة، وهنا نشعر بالانزعاج من تصريحات بعض النواب فى مصر الذين يرغبون فى إحالة المتهمين فى قضايا الإرهاب للقضاء العسكرى، فهذا لن يحل المشكلة، فقد سبق أن حاكمنا الإرهابيين طوال فترة الثمانينات والتسعينات بالمحاكم العسكرية وأصدرنا أحكاماً متشددة بالإعدام بلغت مائة حكم، ومع ذلك استمرت العمليات الإرهابية، فيجب ألا نجرب سياسة مجربة وفشلت، كما أن الدستور الجديد حظر إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية إلا فى حالات محددة.
نقلا عن الوطن