شنت وسائل الإعلام الإيطالية والعالمية التي وصلت صداها لمواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الجمعة، حملة شرسة ضد بيان وزارة الداخلية المتعلق بالكشف عن ملابسات مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجينى، والذي جاء فيه أن تشكيلا عصابيا متخصصا في خطف وسرقة الأجانب تورط في مقتل طالب الدكتوراة الإيطالي.. البيان في بدايته حمل مؤشرات أمل على تخلص القاهرة من عقدة الذنب تجاه روما، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن وتحول بيان البراء إلى حمل جديد على كاهل الدولة في ظل حالة الرفض من قبل السياسيين والخبراء وانتقاد محتوى البيان الذي أكد مقتل جميع العناصر المتورطة.
الجارديان
علقت صحيفة "الجارديان" البريطانية، اليوم الجمعة، على قتل الشرطة 4 رجال متورطين في قتل "ريجيني"، قائلةً إن التطورات الأخيرة أثارت ارتباكًا وغضبًا بين أولئك الذين يعتقدون محاولة الحكومة التستر على تورطها.
ونوهت الصحيفة بأن وزارة الداخلية رفضت توضيح سبب قتل التشكيل العصابي، بدلًا من إلقاء القبض عليه.
وأبرزت الصحيفة تناول نظيرتها الإيطالية "لا ريبوبليكا" التطورات الأخيرة بالتشكيك والغضب، إذ قالت إن إعلان وزارة الداخلية مقتل "ريجيني" على يد عصابة لا يمثل حتى حقيقة مقتله المبهمة.
لا ريبوبليكا
وصفت صحيفة إيطالية آخر التطورات التي طرأت أمس على حادث الطالب "جوليو ريجيني" بأنه "تدنيس للحقيقة " حسب قولها.
ونشرت الصحيفة، اليوم الجمعة، مقالا قالت فيه إن "بيان وزارة الداخلية المصرية الذي صدر الليلة الماضية عن تحديد هوية قتلة جوليو ريجيني، أمر لا يمكنه حتى أن يشبه الحقيقة حول جريمة القتل، بل إنه يحمل علامات واضحة لإحدى آخر المكائد الجهنمية".
وأضاف المقال: "ليس هناك دافع، أو إعادة تركيب للملابسات، أو كيف ومتى حدث أن مجموعة من قطّاع الطرق قامت بخطف الطالب الجامعي للحصول على فدية".
وتابعت: "نرى أن كل ما لدينا هو خمس جثث لا تستطيع الدفاع عن نفسها".
وبحسب الصحيفة الإيطالية: "لقد قلنا إن الشيء الوحيد الأسوأ من إخفاء الحقيقة، هو حقيقة مريحة لا يمكن التحقق منها". مضيفة: "نريد الإيمان بأن النيابة العامة في روما وحكومة بلادنا لا تريد إضفاء الشرعية على هذا التدنيس لذكرى هذا الشاب، وطلب العدالة من قبل عائلته"، وكذلك "كرامة بلادنا".
سياسيو إيطاليا
أبرزت وكالة "أسوشيتد برس" للأنباء تغريدة رئيس وزراء إيطاليا الأسبق "إنريكو ليتا" على تويتر للتواصل الاجتماعي: "أنا آسف، لا أريد شراء هذا الكلام".
وبدورها، قالت "بيا لوكاتيلي"، رئيسة لجنة حقوق الإنسان ورئيسة الأممية الاشتراكية للنساء: "لا يوجد تفسير لسبب استخدام مجرمين عاديين هدفهم السرقة أو فدية تلك القسوة التي يلجأ إليها فقط محترفو التعذيب".
وتابعت "لوكاتيلي": "لا يوجد تفسير أيضًا لسبب احتفاظ المجرمين بوثائق ريجيني، التي عُثر عليها بأعجوبة، بدلًا من التخلص من هذا الدليل الصادم في الحال".
أما "فرانشيسكو فيريرا"، عضو لجنة الأمن بالبرلمان الإيطالي، فقال: "النظرية المصرية خلفت وراءها العديد من الأسئلة، منها لماذا اعتقل ريجيني قبل أيام من قتله. على الحكومة الإيطالية والنيابة العامة ألا يعطيان أي مصداقية لهذا الكذب".
وفي تغريدة على صفحة "الحقيقة عن جوليو"، بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، كتب زعيم كتلة حزب (اليسار الإيطالي) بمجلس النواب، أرتورو سكوتّو، أن "حقيقة ما حدث لجوليو ريجيني لا تزال بعيدة للأسف حتى الآن"، لكن "نحن نصر على المطالبة بها".
إسبرسو
طرحت الصحيفة 9 تساؤلات تنتقد فيها بيان الداخلية، أولها: "لماذا احتفظت العصابة لمدة شهرين بالأدلة الدامغة التي تدينها في أبشع جريمة ارتكبت خلال الفترة الأخيرة؟ ولماذا تحتفظ بأشياء لا قيمة لها سوى أنها دليل إدانة مثل وثائق ريجيني وجواز سفره رغم أنها في العادة تكون أول شيء يجب التخلص منه؟.
ولماذا لم تنفق العصابة الـ5000 جنيه مصري التي وجدت في حقيبة جوليو. والأكثر غرابة أنها لم تحتفظ بها فقط بل بقيت في مكانها دون أن تنقلها؟.
ولماذا أيضا لم يقم أفراد العصابة بتدخين أو بيع الخمسة عشرة جرامات من الحشيش التي تم العثور عليها؟.
وتتوقف الصحيفة أمام وصف الداخلية للعصابة بأنها متخصصة في الخطف والسطو على الأجانب، وأنها ارتكبت العشرات من الجرائم، بينها أربعة تخص أجانب وتتساءل: لماذا قتلت العصابة ريجيني فقط من بين كل هؤلاء؟.
وما الدافع لقيام عصابة من المجرمين بتعذيب أحد ضحاياها، كما تتساءل أيضا عن طريقة وتقنيات التعذيب وكيف تشابهت مع الطرق التي يتم اتهام الداخلية بممارستها؟.
وتتوقف الصحيفة أمام تأكيدات الداخلية من أن أفراد العصابة الخمسة كانوا من المسجلين وأنهم اعتادوا ممارسة ذلك.. وتتساءل: إذا كانت الداخلية تمكنت من قتلهم وقت الفجر.. فكيف تمكنوا من خطف أجنبي شاب من قلب القاهرة وفي أشد لحظات التشديد الأمني مساء يوم 25 يناير؟.
أما التساؤل الأخير الذي طرحته الصحيفة فيتعلق بمكان عمل العصابة، مشيرة إلى أن بيان الداخلية أكد أن العصابة تعمل بمنطقة القاهرة الجديدة ومدينة نصر، بينما تم خطف ريجيني من منطقة وسط القاهرة وعثر على جثته في مكان آخر تماما وهو صحراء أكتوبر.