د. مينا ملاك عازر
طالعتنا الصحف بخبر عنوانه مستوحى من الدراما المصرية "من الداخلية المصرية لإيطاليا نشكركم لحسن تعاونكم"! يتقدم فيه الأمن المصري لفريق الأمن الإيطالي بخالص الشكر للفريق الأمن الإيطالي الذي تعاون معه لكشف غموض مقتل ريجيني!! وحين تقرأ الخبر وتبحث عن حسن التعاون المشكور عليه الجانب الإيطالي لا تجد تعاون، الأمن المصري اشتبك مع عصابة تخصصت في سرقة الأجانب وقد أُبلِغ عن مبالغ بالدولارات واليوروهات والجنيه المصري وهواتف محمول وشيكات، وإذا سألت لماذا حدث الاشتباك بين العصابة والشرطة ستجد التفسير في متن الخبر لأن الشرطة لن تدعك تفكر كثيراً، فالإجابة ستجدها في أنهم عثروا في السيارة الميكروباس التي كان يستقلها المتهمين جثة بها عيار ناري وهذا يفسر لي على الأقل ارتباكهم ومبادرتهم بفتح النار على الشرطة من البندقية الآلية والطبنجة المعثور عليهما بحوزة العصابة المسجل خطر كلها.
ومع مداهمة منازل المتهمين، عُثِر بإحداها على باسبور ريجيني ومحفظته وحقيبة عليها علم إيطاليا وكرنيه الجامعة الأمريكية وفيزة وهاتفين محمول ومحفظة مكتوب عليها بالإنجليزية، واعترفت الزوجة بأن الحقيبة كانت بحوزة المتهم المقتول على يد الشرطة قبل مغادرته المنزل إلى هنا لم أجد تعاون يشكر عليه الفريق الإيطالي اللهم إلا ضغطه على الشرطة المصرية لتقديم المتهمين لأنه وببساطة كل البلاغات المشار إليها في الخبر لم تحرك شرطتنا ساكناً للبحث والقبض على المتهمين اللهم إلا إذا كان ريجيني هو باكورة عمل هذه العصابة المتعاملة مع الأجانب ومن البرتغاليين والنيجيريين وغيرهم، والذين بالمناسبة من بينهم مصريين كما توضح اسماءهم المذكورة في الخبر، ما يعني أن العصابة ليست متخصصة أجانب فحسب.
والسؤال هنا، لماذا تم قتل ريجيني في حين أن الباقين كلهم تم سرقتهم بالإكراه فقط، صحيح لقد عُثِر على صاعق كهربائي بالميكروباس الذي يستقله المتهمين القتلى وإثبات شخصية عسكرية مزورة، ما يؤكد ما جاء بالخبر أيضاً أنهم كانوا ينتحلون صفة ضباط شرطة، وهو ما قد يفسر التعذيب الذي على جثة ريجين، فقد قرر المتهمين أن يمارسوا عمل رجال الشرطة بحذافيره حتى من جهة التعذيب الممنوعة على رجال الشرطة حتى لا يحرموا أنفسهم من شيء، لكن نعود لسؤالنا هل قتل ريجين عمداً أم أن القتل جاء نتيجة التعذيب؟ ولأن المتهمين غير مدربين على درجات التعذيب التي تقوم بها الشرطة والتي في أحيان تفلت منهم فيموت بعض من المتهمين على أيديهم في الحجز بأزمات قلبية وغيرها، فمات ريجيني في يد المتهمين غير المدربين على التعذيب، لا أعتقد أن إجابة سؤالي لماذا قُتِل ريجيني قد قُتِلت مع المتهمين؟ فمن المؤكد أن الفريق الإيطالي المشكور سيبقى يسأل ويبحث، لماذا كان ريجيني هو القتيل الوحيد من بين المجني عليهم؟ اللهم إلا إذا كان أول المستهدفين، وبعدها عدلت العصابة من إستراتيجيتها، وبدأت لا تتعامل بالخطف فاكتفت فقط بأن تسرق خاصةً بعد الضجة التي أثارتها قضية مقتل ريجيني، لكن وإن كان ذلك كذلك، لماذا خطفوه؟ ولماذا عذبوه؟ ولماذا لم يكتفوا بسرقته وإجباره مثلاً على سحب مبالغ بالفيزا كارت التي معه؟ وهل الجثة المعثور عليها مع المتهمين القتلى لمصري أم لأجنبي؟ وهل عليها آثار تعذيب أم لا؟ فهي الأخرى ستكشف اللثام عن أمور كثيرة غامضة لنقدم حينها اعتذار للداخلية على سوء ظننا بها، واتهامنا إياها ظلماً في مقتل ريجيني، هذا مع كامل تأكيدي على أنهم ليسوا بعاد أبداً عن التقصير في قضايا أخرى تبدو لهم أصغر ولا تستحق التحرك حتى يتفشى المجرم ويتزايد إجراماً فيورطهم في قضايا كبرى كمقتل ريجيني، كما أن أسلوبهم العنيف في بعض المسائل هو الذي دفعنا لأن نتهمهم تلك الاتهامات.